ورحل الجويلى بهدوء - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ورحل الجويلى بهدوء

نشر فى : الجمعة 22 أغسطس 2014 - 7:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 22 أغسطس 2014 - 7:45 ص

اختلطت مشاعر الحزن والألم التى اعترتنى لما وقعت عينى على خبر وفاة د. الجويلى وزير التموين الأسبق؛ بندم هائل على فوات لقاء رجل مثله؛ فلكم انتويت زيارته لأستفيد من علمه وثراء تجربته؛ لكن..... قاتل الله التسويف!

ولثوان ازدحمت فى مخيلتى مشاهد عدة ثم انزاحت كلها ولم يبق إلا صورة واحدة مازالت عالقة بذهنى كأنى بالأمس رأيتها... كنت صبيا بالكاد يتجاوز العاشرة أتابع برنامج صباح الخير يا مصر منتصف تسعينيات القرن الماضى؛ كاميرات البرنامج انتقلت إلى مصنع لتغطى زيارة للوزير؛ وللحظات بدا وكأنهم لا يجدون الوزير أو غير قادرين على التحصل عليه؛ ثم إذ بالوزير يخرج إليهم مشمرا أكمام قميصه وقد اتسخت يده من آثار شحم لم تنجح الكاميرات فى إخفائها؛ يسأله المذيع عن سر هذه الهيئة فيجيب ببساطة أنه تصادف أثناء مروره عطل ماكينة فتشارك مع مهندسى المصنع فى إصلاحها.

هذه هى الصورة التى ارتبطت عندى بالجويلى الإنسان والمسئول؛ بساطة وتواضع وعمل دءوب فى وقت كان التأنق أمام كاميرات القناة التلفزيونية الوحيدة هو الأصل؛ كنت أهوى تتبع أخباره على حداثة سنى وغياب كثير من التفاصيل عنى؛ وكان اسمه من جملة الأسماء القليلة التى أرتبها وأدبج شيئا من الحديث عن مناقبها وإنجازاتها كلما جمعنى مجلس بأقربائنا أو بأصدقاء والدى وتطرق الحديث إلى انتقاد أداء حكومى بصفة خاصة أو ذم لحال البلد بصفة عامة ؛ فكنت أنبرى للحديث عما أراه من مزايا ومناقب وأسرد أسماء ارتبطت بالإنجاز وسط اتساع عيون المتابعين ما بين من يثنى على الإطلاع رغم صغر السن ومن يندهش من متابعة كهذه ومن يستمر فى التثبيط غير مبال.... المهم أن الجويلى كان من جملة الأسماء بل على رأسها؛ وأضفت الجنزورى بعد ذلك ثم أحمد درويش وآخرين.

شاهدت له لقاء تليفزيونيا واحدا عقب ثورة يناير مباشرة وكان على نفس بساطته وابتسامته المعهودة ثم كف عن الظهور وآثر الانزواء والمتابعة من بعيد فلم يعد يُذكر فى خضم كل ما لاقيناه على مدار أربع سنوات؛ تمنيت أن يستفيد منه البلد؛ لكنه لم يكن رجلا يجيد الاستعراض ولا يعرف كيف يفرض نفسه!

رحل الجويلى بهدوء رحمه الله وغفر له فلم تحفل به الدولة ولم يذكره المسئولون ولا بكلمة واحدة؛ هل يحتاج ذلك إلى تعليق؟....لا أظن!