فى اللحظات العصيبة التى تزداد فيها المحن كما وتنوعا وتزداد فيها الأجواء المحيطة بالإنسان سخونة وتوترا، يحتاج صاحب (المسئولية) إلى بذل مزيد من الجهد للسيطرة على انفعالاته وعواطفه الشخصية وللتشبث باتزانه النفسى بكل وسيلة ممكنة.. الانحراف السلوكى والفكرى لخصومه نوع من التطرف لا يملك صاحب (المسئولية) أمامه إلا سلوكا من ثلاث، إما أن يجنح إلى تطرف مضاد فى الاتجاه ومساوٍ فى القدر.. أو يهوله التيار فيجرفه فى طريقه.. أو يثبت على طريقته يُنصف من نفسه ويصبر الصبر الجميل ويرجو لنفسه ومخالفه السلامة.
سهلٌ جدا أن تطلق العنان لقلمك ولسانك فتنجرف مع طوفانٍ هادر من الكراهية واحتقار وعنصرية بشعة، إنما أن تنحاز لأبسط مبادئ الإنسانية وتنصت لصوت الفطرة وتعقل أن التطرف لا يولد إلا تطرفا فهذه من الصعوبة بمكان.
صاحب (المسئولية) قد يتشدد فى مواجهة ما يلقاه من افتراء خصومه فيسارع إلى ثلبهم كل حسنة ووصفهم بكل قبيح، ويسارع إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية تصف صراعا خالصا بين حق لا ريب فيه وباطل لا مرية فيه فيسقطها على حاله بإزاء خصومه وحاسديه ويسارع إلى التشنيع عليهم بمثل ما شنعوا عليه أو أزيد... وهنا نخسر التطبيق الشمولى لمعانى الالتزام بالشرع (وأسألك قول الحق فى الرضا والغضب).
أو قد يضعف أمام تيار الهجوم العالى فتتحطم أعصابه وتخور قواه ويستضعف نفسه فيصبح كالمنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع.. أما المأمول والمرجو فهو الثالث، أن يتحكم فى انفعاله إلى أقصى درجة ممكنة، فيجعل الرحمة بهؤلاء سقفا لمشاعره، والحزم فى الانتصار لما يرجوه من الحق أرضية لانطلاقه، والحرص على الخير لكل الخلق هدفا وغاية لكل وسائله.