بعد أن فشلت الحكومة فى تسويق ضريبة القرش على كل دقيقة المحمول والتى اقترحها وزير المالية السابق ممتاز السعيد باعتبارها حصيلة مضمونة وسريعة الجباية، لجأت الدولة الى بديل ثانٍ يحقق نفس الغرض فقررت زيادة ضريبة المبيعات على كافة استخدامات المحمول الى 18% بما فى ذلك كروت الشحن التى تستخدمها الشرائح الفقيرة والمتوسطة، ولاول مرة ينص قانون ضريبة المبيعات صراحة على كروت الشحن بعد ان كانت الشركات تتحمل الضريبة عن المستهلك او ربما تدخلها ضمن عناصر تكلفة الكارت دون اضافتها للسعر النهائى.

تعاملت الحكومة مع المحمول بنفس منهج تعاملها مع «السجائر» التى رفعت عليها ضريبة المبيعات بضمير مرتاح باعتبار ان السجائر ضارة بالصحة، ورغم ان الحكومة تعلم علم اليقين ان احدا من الغلابة الذين يشربون السجائر محلية الصنع ويرون فيها احدى متع الحياة الصغيرة، لن يتوقفوا عن التدخين حتى بعد ارتفاع اسعار السجائر، الا ان ذلك لن يغير من قرار الزيادة الذى يتخفى وراء شعار الحفاظ على صحة الشعب، وربما كان ذلك دافعا لقيام شركة السجائر الوطنية برفع اسعارها بنفس قيمة زيادة الضرائب قبيل ان تعلن الدولة التطبيق الرسمى لقوانين الضرائب المجمدة.

وضريبة المحمول كانت مرتفعة من البداية  «15%» وربما تأتى فى المرتبة التالية بعد ضرائب السجائر والمشروبات الكحولية ورغم ذلك قررت الحكومة زيادتها الى 18% لانها ترى ان المحمول الذى يستخدمه غالبية الشعب «معظمهم من عينة كلمنى شكرا وسلفنى شكرا» سلعة ترفيه ضارة بوقت وجيب المستهلك «ولولا الملامة صحته كمان».

 تجاهلت الحكومة او تظاهرت بتجاهل حقيقة ان استخدام المحمول لم يعد من باب الترف او الرفاهية بل اصبح احد العوامل الاساسية لكسب لقمة العيش لشريحة واسعة من الحرفيين والعمال، لذلك كانت ردود الفعل لزيادة شركة فودافون الاخيرة على كروت الشحن وخدمات الانترنت بنسبة 15% مدوية وظهرت مطالبات على مواقع التواصل الاجتماعى بمقاطعة شركات المحمول وهو ما دفع الشركة الى التراجع عن الزيادة, ربما الى حين، وقد اظهرت ازمة كروت الشحن الاخيرة مدى غياب شفافية الحكومة ومدى تضامنها مع زيادة الاسعار.

بدا ذلك واضحا فى دفاع وزير الاتصالات ورئيس جهاز تنظيم الاتصالات الذى بحكم عمله يدعم تنافسية السوق لصالح المستهلك عن قرار الزيادة،  الاثنان اكدا ان زيادة كروت الشحن جاء فى اطار عرض جديد من الشركة يحمل مزايا اضافية فى الوقت الذى اكدت فيه مصادر شركة « فوادفون» ان العرض مؤقت وان الزيادة لمقابلة ارتفاع اعباء التشغيل!!

ازمة كروت الشحن هل تكون بمثابة انذار مبكر للحكومة قبل تطبيق زيادات ضريبة المبيعات على السلع والخدمات؟