وزيرٌ خلوق ناجح... وآخر صفيقٌ فاشل - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وزيرٌ خلوق ناجح... وآخر صفيقٌ فاشل

نشر فى : الجمعة 26 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 26 أبريل 2013 - 8:00 ص

من علامات النصح الصادق أن نشيد بالنموذج الناجح بنفس مقدار لومنا وانتقادنا للفاشل.. فحتى وإن كنتُ مختلفا تمام الاختلاف عن جماعة الإخوان بأفكارها وسياساتها؛ فلن يمنعنى ذلك من إعطاء تحية التقدير للوزير «الخلوق» باسم عودة على نشاطٍ ملحوظ حرك المياه الراكدة ومن قبل ذلك حرك الآمال المحبطة لست متفقا مع من يرى استبدال وزير التموين حتى وإن كنت مستريبا من حجم التلميع الإعلامى الذى يناله الرجل، فقد تربيت على حتمية تقديم المصلحة العامة على المصلحة الحزبية الضيقة، فلن أكترث طويلا لمدى الاستفادة التى يجنيها حزب ينافسنى فى الانتخابات المقبلة من وراء عمل هذا الرجل إلى الحد الذى أغمط ـ أنتقص ـ فيه من شأنه أو أهون من حجم أدائه.

 

للإنجاز رائحةٌ تُشم من بعيد وتتفق مع المنصفين أن ثمة شيئا من النجاح يتحقق كلما تحرك هذا الوزير الشاب وكلما ظهرت قدرته على ابتكار حلولٍ غير تقليدية لمشاكل عتيقة مزمنة؛ أو فى قدرته على احتواء غضب ونقمة منتقديه بدماثةِ خلقٍ وكياسةٍ؛ أو كلما تواجد بين الناس بتواضعه وابتسامته المفعمة بالتفاؤل والثقة.. والحق أنى أعجب من جماعةٍ كانت تمتلك رجلا كهذا فقدمت عليه غيره رئيسا للوزراء.. وأتعجب أكثر ممن لايزال يعاند ويعلق إخفاق الرئيس وبقية حكومته على شماعة انتقاد الآخرين فى الوقت الذى يرى فيه بنفسه نجاح باسم عودة.

 

أمَّا وزير الإعلام فقد حاولت مع سابقتيه الماضيتين التماس إمَّا العذر أو التغافل عن سوء أدبه المقترن بفشله فى احتواء أسئلةٍ مشروعة عن استمرار تدهور منظومة الإعلام الحكومى فى عهده، أما وقد تكررت الصفاقة وتكرر التبجح والاستكبار فما يسعنى السكوت بالتأكيد. 

 

ورغم أنَّ اشمئزازى قد منعنى من استكماله حتى نهايته إلا أن ما رأيته من مقطع الفيديو المتداول للوزير «المحترم» يكفى من وجهة نظرى لإلقاء اللوم على رجلٍ يفتقد لأبسط قواعد المسئولية فى الحديث رغم تبوئه هذا المنصب الرفيع وانتمائه لجماعة دعوية بالأساس كجماعة الإخوان المسلمين.

 

وقبل ما يتحدث أحدهم عن النوايا الحسنة وضرورة إحسان الظن والتماس الأعذار أذكره أن الشعب المصرى بأسره التمس العذر مرتين قبل ذلك فما ازداد الوزير المحترم إلا سماجة وصفاقة، كما أن النية الحسنة وحدها لا تكفى إذا ما كان العمل فاسدا وإلا فما فائدة ما تعلمناه من قول الله تعالى: «ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد»؟

 

الألفاظ التى يتوهم مستمعها معنى سيئا يتركها العقلاء وأصحاب المروءة، ولا بأس هنا من تكرار نفس تعليقى على استعمال رئيس الجمهورية ألفاظا موهمة وإن كانت بالطبع ليست بفداحة ولا صفاقة مفردات وزير الإعلام.. قلت إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا كلما أرادوا جذب انتباهِ النبى صلى الله عليه وسلم إليهم استخدموا لفظة رقيقة بقولهم «راعنا» أى انتبه لنا ولحالنا؛ فاستغل اليهود لخبث طويتهم وفساد توجههم التشابه بين هذه اللفظة المهذبة وبين كلمة «راعنا» بالتنوين هذه المرة وتعنى الأحمق والأرعن، فكانوا ينادون بنفس اللفظة على النبى صلى الله عليه وسلم بدورهم لكن على جهة السخرية والتنقص والاستهزاء، فلما أصبحت هذه اللفظة ـ رغم براءة ظاهرها ـ تستعمل فى كلا المعنيين السيئ والجيد، نزل الحكم القرآنى حاسما بضرورة العدول عن هذا اللفظ رغم صحته إلى لفظٍ آخر لا يُتوهم عند سماعه أى معنى سيئ، فقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذابٌ أليم»... هل يا تُرى ستدافع كتائب التبرير الإخوانية عن الخطأ وتحاول فلسفته أم أن قليلا من الحياء مازال متبقيا؟