مصر وإثيوبيا ونهر النيل - محمد نعمان جلال - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 6:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر وإثيوبيا ونهر النيل

نشر فى : الأحد 26 أبريل 2020 - 9:30 م | آخر تحديث : الأحد 26 أبريل 2020 - 9:30 م

إنه من سخريات الأقدار أن تظهر أزمة دبلوماسية بين إثيوبيا ومصر حول نهر النيل وسد النهضة. الأزمة الراهنة مرجعها التصريحات من قادة دولة إفريقية شقيقة هى إثيوبيا ضد مصر، وتهديد رئيس وزرائها «أبى أحمد» بتدمير مصر وإغراقها والقضاء على شعبها يدل على شخصية غير سوية تفوقت على هتلر فى جبروته وفى تقديرى، كباحث، هناك وسائل متعددة قانونية وسياسية وإنسانية للتعامل مع هذا الموقف الإثيوبى الغريب والذى ليس له سابقة فى تاريخ علاقات الدولتين ولا فى تاريخ العلاقات الدولية.

ونذكر الإخوة فى إثيوبيا ومصر بالأمور التالية:

الأول: أليست إثيوبيا دولة عضو فى منظمة الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقى ومحكمة العدل الإفريقية وكذلك مصر العضو المؤسس فى المنظمة والتى تهددها إثيوبيا بالدمار؟ وهل فى ميثاق المنظمة ما يسمح لدولة أن تعلن الحرب وتهدد دولة أخرى بطريقة تتجاوز كل الاعتبارات القانونية والإنسانية والأخلاقية. وعلى مصر أن تدعو لعقد اجتماع قمة إفريقية لمحاسبة إثيوبيا على مثل هذا التهديد. وهل ينسى قادة الدول الإفريقية ما قامت به مصر وشعبها وقياداتها لتحرير الدول الإفريقية واستضافة المجاهدين الأفارقة ضد الاستعمار.
الثانى: إن على مصر ومفكريها أن يتقدموا بشكوى إلى النرويج والسويد أصحاب جائزة نوبل بسحب هذه الجائزة التى منحت لشخص لا يستحقها ولا يسير على نهجها وأن أصحاب جائزة نوبل وهى جائزة للسلام ينبغى سحبها من قائد إثيوبيا لخروجه على قواعد العمل السلمى والسلام. ونتساءل كيف تمنح الجائزة لشخصية لا تؤمن بالسلام ولم تقدم دليلا على ذلك؟ إن الذى عمل من أجل السلام فى إريتريا هى دول عربية وهى الإمارات والسعودية وشعب إريتريا وحكامه بينما منحت الجائزة لشخصية لا تعمل من أجل السلام وإثيوبيا عندما ضمت إريتريا فى السابق كانت دولة عدوانية واضطهدت شعب إريتريا وإننى أدعو المثقفين المصريين أن يتقدموا إلى لجنة جائزة نوبل للسلام فى النرويج بطلب لكى يسحبوا الجائزة من رئيس وزراء إثيوبيا «أبى أحمد» كما تم فى الماضى مع شخصيات أخرى. والواقع أن قائد إثيوبيا قبض الثمن بأن أتاحت إريتريا له منفذا للبحر الأحمر. ونتساءل هل نسيت إريتريا وقوف مصر معها للعديد من السنين مساندة لحقوق شعب إريتريا هل نسيت الأخيرة الدور المصرى حتى تتفق مع إثيوبيا ضد حقوق شعب مصر وتهدد أمنها لتواجدها فى القرن الإفريقى ومدخل البحر الأحمر؟. ونتساءل هل مثل هؤلاء القادة الذين يهددون بالحرب والتدمير لدولة عضو مؤسس فى منظمة الدول الإفريقية وفى الأمم المتحدة يستحقون ما قدمته دول عربية شقيقة من أموال ومساعدات وترتب على ذلك أن تحول قادة إثيوبيا إلى طغاة وإرهابيين وعدوانيين فى تصريحاتهم ضد مصر، ألا يتذكر الإخوة الأفارقة والعرب اعتداءات إثيوبيا ضد شعب إريتريا وتهديداتها ضد مصر وشعبها وهى تصريحات علنية وليست سرية ولا نريد أن ننبش التاريخ ونقول للسعودية والإمارات بل والعرب والمسلمين جميعا ألم تقم إثيوبيا بتهديد الكعبة قبل الإسلام، وأرسلت الأفيال لذلك ولكن الله كان حاميا للكعبة فقد أرسل عليهم طيرا أبابيل رمتهم بحجارة من سجيل مما أدى لإبادة حملة أبرهة الحبشى، بل وقتل القائد نفسه لتهديد إثيوبيا بتدمير الكعبة. والآن يهدد «أبى أحمد» بتدمير مصر وقتل شعبها مجددا فى القرن الحادى والعشرين. ألا يتذكر شعب إريتريا وقادتها أنه فى أول حضور لهم، بعد الاستقلال من الاستعمار، لمؤتمر القمة فى القاهرة عارضته إثيوبيا ثم يتصالحون اليوم على حساب مصر والدول العربية التى تعاونت مع دولة وقيادة عدوانية ضد دولة عربية شقيقة.
الثالث: أليست مصر صاحبة حضارة عريقة قبل ظهور دولة إثيوبيا للوجود. إن على الجميع أن يقرأوا التاريخ منذ آلاف السنين. وهل نسيت إثيوبيا اعتداءاتها الفاشلة فى الماضى ضد مصر الفرعونية؟ وهل نسى الشعب الإثيوبى وقادته العلاقات الوثيقة بين شعبى مصر وإثيوبيا عبر القرون وأن الاعتداءات من إثيوبيا ضد الحدود المصرية فى الماضى منيت بالفشل.
الرابع: إنه إزاء خروج إثيوبيا على نصوص ميثاق الأمم المتحدة بحل النزاعات بالطرق السلمية كما جاء فى المادة الثالثة والثلاثين من الميثاق. وأيضا على ميثاق الاتحاد الإفريقى. إن على مصر أن تطلب عقد اجتماع قمة عاجل لمجلس الأمن المنوط به حفظ السلم والأمن الدوليين، وأيضا تطلب عقد اجتماع عاجل للجمعية العامة للأمم المتحدة لمحاسبة إثيوبيا وقادتها لخروجها على مبادئ المنظمة الدولية التى تنص بأن تكون الدولة العضو مستقلة ومسالمة وتعمل من أجل السلام وتحترم قواعد الأمم المتحدة والقانون الدولى. إنه يمكن أن تتم الدعوة فى إطار قرار الأمم المتحدة «من أجل السلام».
الخامس: أليست مصر عضوا فى النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية ويمكنها اللجوء إليها وإذا رفضت إثيوبيا ذلك فيمكن محاسبتها أيضا لخروجها على القانون الدولى وخاصة قانون البحار وقانون الأنهار وخروجها على حقوق الدول الأخرى والاتفاقات الدولية.
السادس: على إثيوبيا وشعبها وقادتها أن يتذكروا أنه فى ثلاثينيات القرن الماضى وقفت مصر مساندة لإثيوبيا وشعبها ضد العدوان الإيطالى عليها. إن موقف إثيوبيا وقادتها ضد مصر هو مثل جزاء سنمار. ونتساءل هل تستحق مصر، التى أيدت إثيوبيا ضد العدوان الإيطالى عليها، مثل هذا التصريحات من قادة إثيوبيا. كما أن مواقف تلك الدولة الشقيقة وتهديداتها لمصر وشعبها بالدمار يثير التساؤل.
السابع: إن على مثقفى مصر وقادتها أن يقدموا قادة إثيوبيا بتصريحاتهم ضد مصر وتهديدهم بتدميرها إلى محكمة الجنايات الدولية ( محكمة روما) على غرار محكمة نورمبرج السابقة ضد النازيين والفاشيين بتهمة إبادة الجنس والتهديد بها، ويقيمون محكمة خاصة لمحاكمة هؤلاء القادة ويقدمونهم لمستشفى الأمراض العقلية. أم هل ينتظر العالم حتى يتم تدمير شعب مصر بناء على تهديدات قادة إثيوبيا والذين يشبهون هتلر. حيث لم يسبق مثل هذا التهديد من أية دولة فى التاريخ العالمى منذ قيام الأمم المتحدة. وينبغى الحجر فى إطار القانون الدولى الإنسانى والمبادئ الإنسانية العامة على مثل هؤلاء القادة.
الثامن: الالتجاء للمحكمة الدولية لتوقيع العقاب على مجرمى الحرب بجريمة إبادة الجنس والعنصرية التى أقرت الأمم المتحدة الاتفاقات بشأنها وانضمت لها معظم الدول الإفريقية ودول العالم بأسره.
التاسع: إن نهر النيل ليس من اختراع إثيوبيا أو شعبها أو أية دولة عربية أو إفريقية وليس من اختراع مصر أيضا، بل هو من الله سبحانه وتعالى بإرسال الأمطار والسحب والمياه التى جعلت مجرى النيل يصل لمصر وشعبها ولم تقم مصر بحفر مجرى النيل بل جاء النهر بإرادة الله. إن قادة إثيوبيا الحاليين يجب تقديمهم لمحاكمة دولية باعتبارهم عنصريين وطغاة.
ويجب على مصر أن تطالب بنقل مقر الاتحاد الإفريقى من إثيوبيا الدولة المارقة التى تخرق ميثاق الاتحاد الإفريقى وأن يقدم حكامها لمحكمة العدل الإفريقية فى ضوء انتهاكهم نصوص الميثاق الإفريقى والخروج على قوانين حقوق الإنسان وأولها الحق فى الحياة الكريمة، والحق فى المياه. وهى حقوق أقرتها البشرية جمعاء عبر السنين ومواثيق حقوق الإنسان المعتمدة من الأمم المتحدة.
العاشر: إن شعب إثيوبيا وحكامها السابقين فى عهد النجاشى كانوا قمة فى الأخلاق الإنسانية والرغبة فى السلام حيث استضاف النجاشى أول هجرة فى الإسلام، كما أن الكنيسة الإثيوبية المسيحية كانت ذات ارتباط وثيق مع الكنيسة الأرثوذكسية برئاسة بابا الإسكندرية والكرازة المرقسية. وهل السيد المسيح الذى جاء لمصر مع أمه القديسة العذراء مريم، واستضافته مصر وحافظت عليه يستحق من إثيوبيا المسيحية ما يصرح به قادتها؟ وهل يفهم رئيس وزراء إثيوبيا مبادئ وأحكام الإنجيل، وإذا كان مسلما هل يعرف شيئا عن الإسلام الذى هو دين السلام. ونذكر مسيحى إثيوبيا بأن الإنجيل والقرآن لا يجيزان مثل هذا التهديد من قادة إثيوبيا المسيحيين إذا كانوا يعرفون ما قاله السيد المسيح «مبارك شعب مصر» وقوله «إذا ضربك أخوك على خدك الأيسر فأدر له خدك الأيمن» وهل مثل هذا التهديد يقره الإسلام ومبادئه العظيمة لرئيس وزراء إثيوبيا الذى يدعى الانتساب للإسلام؟ وهل تجيز مواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى مثل هذا التهديد لدولة إفريقية شقيقة. وعضو مؤسس للأمم المتحدة وللاتحاد الإفريقى.
الحادى عشر: إن إثيوبيا ــ شعبا وحكومة وقيادة ــ وقعت فى فخ خطير نصبته لها بعض الطوائف المتطرفة من المسلمين الإثيوبيين ومن المسيحيين الذين نسوا أقوال السيد المسيح عليه السلام ومنها قوله «على الأرض السلام وللناس المحبة».

محمد نعمان جلال سفير مصر الأسبق في الصين
التعليقات