وطنية عقيلة صالح فى الدفاع عن وطنه - محمد نعمان جلال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وطنية عقيلة صالح فى الدفاع عن وطنه

نشر فى : الأحد 28 أغسطس 2016 - 9:05 م | آخر تحديث : الأحد 28 أغسطس 2016 - 9:05 م
الوطنية تعنى الانتماء وحب الوطن والإيمان به والعمل لمصالح شعبه وبتعليمات من قياداته الشرعية ورفض أية تعليمات من خارج تراب الوطن مهما علت مكانتها. الوطنية لا يمكن أن تخضع لاملاءات من أية قوة دولية أو أى شخص من غير بنى وطنه وقياداته الشرعية مهما كان الآخرون يعرضون عليه من مال أو مناصب ذات بريق بدون رضاء شعبه وبدون موافقته وبدون الطريقة القانونية السليمة.

إن الرسالة التى بعث بها «عقيلة صالح» إلى «بان كى مون» أمين عام الأمم المتحدة تعبر عن قوة الشخصية والإرادة كما تعبر عن حب الوطن والاستعداد للتضحية فى سبيله، وأخيرا تعبر عن الفهم الصحيح لميثاق الأمم المتحدة وللمبادئ القانونية للدولة. وهذا الموقف الوطنى والعروبى الأصيل يبشر بالخير بأن فى أرض العروبة من هو مستعد للتضحية من أجل الوطن ومن يفهم القانون والسياسة ويدرسهما ويتصرف فى ضوئهما. وهذا ما دفعنى لكتابة هذا المقال لتحيته وأنا لا أعرفه ولم أقابله ولكننى تابعت وأتابع التطورات فى عالمنا العربى، وقد أحزننى شديد الحزن تمسك أناس بمناصبهم حتى لو كانت مناصب تحمل ألقابا كبيرة ولكنها هزيلة وهشة.

***

لقد تصرفت الأمم المتحدة أو بالأحرى مبعوثها السيد «كوبلر» تصرفا يتعارض مع القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة. فالمادة الثانية الفقرة السابعة من الميثاق تنص على أنه «ليس فى هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل فى الشئون التى من صميم السلطان الداخلى لدولة ما، وليس فيه ما يقتضى الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة فى الفصل السابع».

لقد تصور السيد كوبلر نفسه مبعوث العناية الالهية أو المفوض السامى لقوى عظمى تم استدعاؤها من التاريخ الاستعمارى القديم. فهو لم يقرأ ميثاق الأمم المتحدة وتوصل بأسلوب غير شفاف وغير سليم لاتفاق «الصخيرات»، وقام بخداع جامعة الدول العربية وهى جامعة مغيبة فأصبحت كما لو كانت شاهدا لم يشاهد شيئا؛ حيث اعترفت بحكومة غير شرعية رغم أنها لم تشارك فى مباحثات الصخيرات ولا تعرف ما دار فى الدهاليز ولم تدرس حتى ما ينشر فى الصحف عنها، ومع ذلك اعتمدتها. وقد استخدم هذا القرار فى الأمم المتحدة لإثبات مباركة الجامعة العربية للاتفاق وهو نفس ما حدث من خديعة سابقة من الناتو لقرار الأمم المتحدة المبنى على قرار من الجامعة بإحالة ملف ليبيا إلى الأمم المتحدة عام 2011.

***

الأمم المتحدة متهمة بارتكاب عدة أخطاء: الأول سحب الشرعية التى منحت من الشعب الليبى لمجلس النواب المنتخب ولحكومته الشرعية التى يترأسها عبدالله الثنى التى اعترفت بها الأمم المتحدة ومع ذلك تجاهلتها بدون أدنى اعتبار والخطأ الثانى طريقة التوصل لاتفاق الصخيرات باستقطاب بعض نواب بصفتهم الشخصية من البرلمان الشرعى ومن البرلمان المنتهية ولايته وبدون موافقة البرلمانين، بل رغم رفض رئيسى البرلمانين المشاركة ورفضهما اتفاق الصخيرات إلا أن السيد كوبلر أصدر قراراته ووافق على اتفاق الصخيرات وعين رئيسا للوزراء وللمجلس الرئاسى، فرفض رئيس المجلس الرئاسى المقترح المنصب لأنه لا يرى فى القرار شرعية ولا يرى أن يتولى رئاسة دولته وهى فى محنة بدون موافقة الشعب أو ممثليه. وثالث الأخطاء من الذى خول السيد كوبلر للتصرف بنفسه فى اقتراح أسماء رئيس الوزراء والوزراء ومساندتهم ضد شعبهم وضد القوى السياسية على الساحة الليبية، وبمنتهى حسن الظن فإنه مثل بعض المثقفين الذين يعيشون فى برج عاجى ويحلمون ويخططون ويرسمون ولا علاقة لهم بالواقع الحقيقى. أما حكومة الوفاق الوطنى ــ وهى حكومة عاشت فى قاعدة بحرية وجاءت متسربة بليل ولا تزال ــ غير مفهوم ما هى القوة العسكرية التى تستند عليها فى الهجوم على داعش فى مدينة سرت وغيرها من المناطق الليبية، بينما كان الجيش الوطنى الليبى يستعد لذلك ولكن حكومة الوفاق الوطنى استعانت بمليشيات كما استعانت بالطيران الأمريكى والبريطانى، فى حين رفض الشعب الليبى فى طرابلس العاصمة وغيرها من المدن أى تدخل أجنبى. ولم يحاور رئيس الوزراء القوى السياسية الأخرى بأسلوب موضوعى كما لم يحاور القيادات البرلمانية المنتخبة من الشعب الليبى وسعى لفرض ارادته على جيش ليبى وطنى محترف وليس من الميليشيات. وهو لم يحصل بعد على موافقة مجلس النواب حتى وفقا لاتفاق الصخيرات الذى هو موضع شكوك قانونية.
محمد نعمان جلال سفير مصر الأسبق في الصين
التعليقات