فـاروق.. يرى الملك عاريًا - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فـاروق.. يرى الملك عاريًا

نشر فى : السبت 26 يونيو 2010 - 10:45 ص | آخر تحديث : السبت 26 يونيو 2010 - 10:53 ص

 عرفته منذ أكثر من أربعة عقود، ومع الأيام، وتوالى المواقف، ارتبط فى ذهنى بحكاية موغلة فى القدم. تقول وقائعها: إن أحد الملوك الفاشلين، طلب من حاشيته إحضار أفضل ترزى فى البلاد، كى يفصِّل له حلة تبهر الأنظار وتخلب الألباب، يظهر بها فى موكبه المهيب، احتفالا بعيد ميلاده الميمون. وقع الحائك المذعور فى حيرة، فما هو الزى الذى لا مثيل له. بعد تفكير عميق، تفتق ذهن الرجل عن حيلة مبتكرة، وبلا تردد، أعلن أنه سيصنع لصاحب العرش، طويل العمر، بذلة هوائية رائعة، تليق بإنجازاته العظيمة، لا يراها إلا من يحب الملك. حرك الترزى مازورته فى الفراغ المحيط بالملك، متظاهرا بتحديد المقاسات. جاء يوم الاحتفال.

 تجرد الملك من ملابسه وارتدى البذلة الهوائية الوهمية، ووسط الطبل والزمر والهتافات بالروح والدم، والتصفيق والصفير والتأوه إعجابا بزى الملك، اندفع صبى صادق وشجاع ونزيه وعنيد، صائحا: ولكنى أرى الملك عاريا.

كيف سارت الأحداث؟.. تزعم الحكاية أن الملك أعجب بالصبى، وكافأه، وأنزل عقابا على زبانيته. لكن هذا المسار المطمئن يبدو بعيدا عن المنطق، ويختلف تماما عما حدث مع فاروق عبدالقادر، الذى درج، مع سبق الإصرار والترصد، على فضح المواكب المزيفة، والإعلان عن عرى الملك، حين يكون عاريا، وبالتالى، بالضرورة، دفع ثمن مواقفه غاليا، من دون ندم.

كتاباته لا تختلف عن مواقفه، فعقب انكسار موجة نهوض المسرح المصرى فى الستينيات، بفضل نعمان عاشور وألفريد فرج وآخرين، ومع الترويج الممجوج لمؤلفين أقل شأنا وموهبة، يبرز صوت فاروق عبدالقادر واصفا إياهم بأنهم «الفرسان الصاعدون إلى الخشبة المنهارة»، واعتمادا على ثقافة عريضة، عميقة، يبين بجلاء مناطق العوار فى مسرحيات سمير سرحان وفوزى فهمى وعنانى وعبدالعزيز حمودة.

تلك المسرحيات التى لم تعد تشغل سوى سطر واحد، باهت، فى تاريخ المسرح. وبالطبع، كان لابد من إقصاء المشاغب المزعج، فاروق، عن المؤسسات التى يسيطر عليها العراة.


لاحقا، بعد أن حول فاروق عبدالقادر، الملحق الأدبى بمجلة الطليعة إلى صفحات من نور ونار ــــ تتابع، بدأب ونفاذ بصيرة، ما يدور فى الحقل الثقافى ــــ قام يوسف السباعى بإلغاء المجلة، ويومها، حاول البعض إغراء فاروق بالعمل فى مجلة بديلة، سمجة، اسمها «الطبيعة وعلوم المستقبل»، أو شىء من هذا القبيل، وكما هو متوقع، رفض الفاروق رفضا قاطعا، حازما..

أغلقت الأبواب الرسمية أمام فاروق، ومن دون ضيق أو تشكٍ، ظل فى صومعته، يرصد بنزاهة، النجوم الحقيقية، سواء داخل مصر أو خارجها، فتلألأت كلماته حين يبين مناطق الإبداع عند نجيب محفوظ ويوسف إدريس وعبدالرحمن منيف وسعد الله ونوس.

وفى ذات الوقت، يجعلك لا تنبهر بالطبل والزمر المحيط بعراة يكتشفهم، ويكشفهم لك.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات