خيارات السلفيين فى انتخابات الرئاسة - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خيارات السلفيين فى انتخابات الرئاسة

نشر فى : الثلاثاء 27 مايو 2014 - 4:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 27 مايو 2014 - 4:40 ص

التيار السلفى من الناحية الفكرية تيار غنى يتميز باختلاف الاجتهادات داخل المدرسة الواحدة وفى هذا إيجابية وسلبية فى الوقت ذاته، وهذا التيار ينتمى إليه مجموعة من العلماء والدعاة المستقلين الذين فضلوا الانسحاب تماما من المشهد وحولهم مجموعات متناثرة من السلفيين، لن تذهب أصواتهم لأى من المرشحين.

والحق أن هذا التيار تحديدا رغم ما يحويه من إمكانات كبيرة فإنه تعرض خلال ثلاث سنوات فحسب لتقلبات وتغيرات سياسية واجتماعية هائلة تفوق قدرة أى فصيل سياسى أو ايديولوجى على استيعابها فضلا على التأقلم معها، ومع الأخذ فى الاعتبار حداثة عهد هذا التيار بأكمله بالعمل السياسى سيمكن تفهم حالة الإحباط والارتباك التى يعانيها.

ومن بين هذا التيار يبرز اسم حزب النور ممثلا عن القطاع الأكبر والكيان الوحيد المنظم داخل الطيف السلفى (مؤسسة الدعوة السلفية) وأزعم أنه أحد الأحزاب القلائل فى مصر الذى تحرك صعودا على منحنى التعلم learning curve سياسيا واجتماعيا طيلة السنوات الثلاث الماضية.

فلسفة حزب النور منذ حراك الثالث من يوليو وحتى الآن كانت محاولة (إدارة خسائر) التيار الإسلامى من جهة والمساهمة فى وقف عجلة الحرب الأهلية عن الدوران من جهة أخرى، فقد كان الحزب متوقعا بعد استقراء تجارب كثيرة معاصرة أن الإخوان لن يتوقفوا عن مصادمة الدولة ومن ورائها قطاع كبير من المجتمع المصرى مهما كلف ذلك من خسائر وهو الأمر الذى يتصادم تماما مع ايديولوجية حزب النور.

كان أمام السلفيين أربعة خيارات إزاء الانتخابات الرئاسية لا تخلو واحدة منها من تكلفة سياسية كبيرة تؤثر ليس فقط على مستقبل السلفيين السياسى بل ربما تؤثر حتى على قبولهم مجتمعيا ولفترة طويلة مستقبلا، مع الأخذ فى الاعتبار أن أى خيار يتجاهل السياق الحالى الذى تمر به البلاد وطبيعة المتغيرات الدولية فضلا على إغفاله لتأثير السنة التى حكم فيها د. مرسى سيكون خيارا غير واقعى.

فإما مقاطعة الانتخابات أو تأييد واحد من المرشحين السيسى / صباحى أو ترك الحرية لقواعد الحزب تختار ما تشاء من الخيارات الثلاثة الأولى.

أما خيار المقاطعة فكان أسوأ الخيارات الأربعة لانعدام تأثيره عمليا فى موازين القوى رغم ما فيه من تكلفة سياسية ستحسب فى نهاية المطاف على من يتخذ هذا الخيار من الأحزاب وتصمه بالسلبية.

وأما ترك الحرية للقواعد فتعنى اعترافا ضمنيا بالعجز أو الخوف من اتخاذ قرار سياسى وتحمل مسئوليته أمام الجماهير وهو ما يعنى انتقاصا من رصيد تأثير من يقول بذلك الخيار من الأحزاب (وحده الحزب المصرى الديمقراطى يسارى الانتماء هو من أقدم على هذه الخطوة من بين الأحزاب المصرية).

فلم يكن من بد إذن إلا بدعم صباحى أو السيسى، وهو ما جرى عليه التصويت الديمقراطى داخل أكبر هيئات صناعة القرار فى حزب النور وأتت النتيجة بنسبة كبيرة لترجح كفة دعم السيسى على منافسه.

•••

ويمكن تفهم عزوف المصوتين داخل الهيئة العليا للحزب عن اختيار صباحى فى ضوء عدة نقاط ابرزها، التنافر التام بين ايديولوجية الحزب وبين التيار الذى ينتمى إليه صباحى سياسيا واقتصاديا، والخوف من هيمنة التيار اليسارى على مفاصل الحكم كما حاول قبلهم الإخوان..... نعم اختار الحزب من قبل رجلا مثل عبدالمنعم أبو الفتوح لا ينتمى إلى نفس المرجعية التى ينتمى إليها السلفيون فى الجملة، لكنه فى الوقت نفسه لم يكن معاديا لتوجههم بالشكل السافر بل كان يمثل منطقة وسطا بين الليبرايين واليساريين والإسلاميين يمكن معها تخفيف حدة الاستقطاب السياسى وصراع الأيديولوجيات، وهو ما يفتقده صباحى بشدة.

وكما ذكرت فإن تجربة مرسى الفاشلة فى القيادة كانت ماثلة فى أذهان من أعرضوا عن اختيار دعم صباحى، لأنهم يخشون من تكرار نفس سيناريو ممانعة أجهزة الدولة العميقة للعمل تحت قيادة رجل يخلو تاريخه من أى خبرة قيادية ولا يعرف سجله الشخصى غير مواقف النضال الفردية، يخشون من تكرار الصدام نفسه بين التيار اليسارى هذه المرة وبين مؤسسات الدولة العميقة فى وقت لن تتحمل فيه البلاد صراعا صفريا جديدا.

أما اختيار القطاع الأكبر من سلفيى مصر ممثلين فى حزب النور للسيد عبدالفتاح السيسى فقد كان متسقا إلى حد كبير مع مواقفه منذ الثالث من يوليو وحتى اللحظة الراهنة، فلقد اعتمدت قيادات هذا الحزب على التعامل وفق نظرية (الأنسب) عند المقارنة بين المرشحين عن التعامل بنظرية (الأفضل).