حيرة أمريكا بين الإخوان والمعارضة - السيد أمين شلبي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 9:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حيرة أمريكا بين الإخوان والمعارضة

نشر فى : الجمعة 28 يونيو 2013 - 9:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 28 يونيو 2013 - 9:05 ص

مع انتهاء حكم المجلس العسكرى وبداية العملية السياسية فى مصر بعد الثورة والتى شهدت صعود تيار الإسلام السياسى وتولى جماعة الإخوان المسلمين السلطة، ساد الاعتقاد بأن الولايات المتحدة إن لم تكن عملت على هذا الصعود فعلى الأقل قد رحبت به واستعدت للتعاون معه.

 

وهنا يرد السؤال عن الاعتبارات الأمريكية فى هذا الترحيب. بداية أنه خلال الستة عشر شهرا من حكم المجلس العسكرى، كان من الواضح أن الولايات المتحدة تراقب التفاعلات السياسية الداخلية وتقيم القوى السياسية وما تحتكم عليه من تأييد شعبى. وواضح أن التقييم الأمريكى قد استخلص أن جماعة الإخوان المسلمين بتجربتها الطويلة فى العمل السياسى، هى الأكثر تنظيما والأكثر شعبية، بينما كانت القوى الليبرالية والديم قراطية الأخرى وما تبلور عنها من احزاب مازالت وليدة وتفتقر إلى التنظيم والقدرة على النفاذ إلى القواعد الشعبية. وقد تحقق هذا التصور فى عدد من الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

 

إلى جانب هذا التقييم المبدئى الأمريكى للقوى السياسية فى مصر بعد الثورة، ثمة تجربتين إقليميتين كان لهما أثر بالغ فى صياغة فكر الولايات المتحدة تجاه الاوضاع الداخلية فى عدد من بلدان الشرق الاوسط، ومن أهمها مصر، والتى بدأت تعتمل فيها قوى التغيير والديمقراطية، ونعنى بهاتين التجربتين: الثورة الإيرانية عام 1979، وصعود حزب العدالة والتنمية التركى عام 2002.

 

ففى إيران كان الشاه أقوى حليف استراتيجى للولايات المتحدة فى المنطقة، ويبدو أن تحالفه المطلق معها قد اعماها عن أن ترى القوى السياسية والدينية التى كانت تعتمل فى المجتمع الإيرانى، ولذلك عندما عاد آيه الله خومينى فوجئت الولايات المتحدة بحجم نفوذه وتأثيره الذى انتهى بطرد الشاه ومن هذا اليوم والولايات المتحدة ينظر إليها باعتبارها «الشيطان الأكبر» التى أيدت الشاه وحكمه الباطش.

 

هذه التجربة هى التى سيطرت على التفكير الأمريكى تجاه بلدان الشرق الأوسط وخاصة عندما بدأت تتضح وتعتمل فيها قوى التغيير، ولذلك كان الاختيار هو اهمية التعرف والتواصل مع هذه القوى ومن بينها التيار الإسلامى ممثلا فى جماعة الإخوان المسلمين، وربما كان هذا من عناصر الغيوم التى نشأت بينها وبين نظام مبارك.

 

•••

 

أما التجربة الاقليمية الثانية فكانت صعود حزب «العدالة والتنمية» ذا الخلفية والمرجعية الإسلامية فى تركيا عام 2002. وقد جذبت هذه التجربة الولايات المتحدة خاصة مع ما حققه هذا الحزب من انجازات اقتصادية واجتماعية واسعة وجعلته يفوز فى عدة انتخابات.

 

كما اثبت انفتاحه الخارجى بإصراره على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، بل وعمله على تحقيق معايير هذا الانضمام بما اصدره من قوانين وتشريعات وقد شجعت هذه التجربة التركية التى جرت بقيادة حزب إسلامى، على التجاوب معها والنظر إليها باعتبارها يمكن أن تكون نموذجا لدول ومجتمعات إسلامية اخرى، وأن تولى احزابا إسلامية لا يعنى بالضرورة أنها سوف تكون ضد المصالح الامريكية، أو ضد الاستقرار فى مجتمعاتها فضلا على تمثيلها للإسلام المعتدل الذى يواجه ويحبط تيار الإسلام المتطرف.

 

غير أنه مع هاتين التجربتين والتصرف على اساس خبراتهما، وخاصة مع بدايات التطور السياسى لمصر بعد الثورة، وصعود الإخوان المسلمين، فإنه مع تعقد العملية السياسية فى مصر وما تعرضت له الولايات المتحدة من انتقادات حادة من القوى الليبرالية والديمقراطية من أنها تدعم حكم الإخوان المسلمين.

 

وقد بدا هذا فى مقاطعة معظم هذه القوى لزيارات وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، ثم جون كيرى، على اساس أن الولايات المتحدة تدعم حكم الإخوان المسلمين وتتجاهل ممارسات الحكم فى مصر المتصلة بالحريات وحقوق الانسان، فى سبيل أن تضمن توافق حكم الاخوان مع مصالحها فى مصر والمنطقة، ومن هنا تواجه السياسة الأمريكية معضلة إدارة علاقاتها مع مصر سواء مع النظام الحاكم أو مع القوى المجتمعية والديمقراطية والليبرالية.

 

•••

 

وقد جعلت هذه المعضلة بعض المراقبين يتصورن أن الولايات المتحدة تراجع موقفها وتقيمها لجماعة الإخوان المسلمين من الاعتقاد بأنها القوة الأكثر تنظيما وأكثر شعبية، إلى إدراك تصاعد الغضب تجاه أداء وممارسات النظام ومن ثم تراجع صورته ورصيده الشعبى.

 

وهذا ما يفسر العديد من البيانات الأمريكية التى تنتقد عدد من ممارسات الحكم، والتلكؤ فى تقديم ما وعدت به من دعم اقتصادى، وعدم الترحيب حتى الآن باستقبال الرئيس محمد مرسى فى واشنطن وربما هى فى ذلك تنتظر الانتخابات البرلمانية المقبلة التى سوف تحدد اوزان القوى السياسية المختلفة فى مصر وعما إذا كانت حقا شعبية الإخوان ونفوذها فى المجتمع قد تراجعت.

 

ومع ذلك تبقى الحقيقة التى كانت وستظل تحكم العلاقات الأمريكية المصرية وهى فضلا على استمرارية معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، علاقات التعاون الأمنى والعسكرى الذى تعتبره الولايات المتحدة من اسس الأمن الإقليمى، وهو ما يفسر ما شهده العامين السابقين من الزيارات المنتظمة بين العسكريين الأمريكيين والمصريين وتمسك الإدارة الأمريكية بالدفاع عن المعونة العسكرية الأمريكية لمصر بما يعنى أن هذه العلاقات ستظل موضع الاهتمام والحرص الأمريكى وإلى حد كبير موضع تجاوب المؤسسة العسكرية المصرية.

التعليقات