لماذا اختار أوباما جون كيرى وزيرا للخارجية؟ - السيد أمين شلبي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 3:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا اختار أوباما جون كيرى وزيرا للخارجية؟

نشر فى : الإثنين 11 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 11 مارس 2013 - 8:00 ص

يتولى جون كيرى (70 عاما)  وزارة الخارجية الأمريكية مع بداية ولاية باراك أوباما الثانية والتى معها تساءل الباحثون والمحللون عما إذا كانت السياسية الخارجية لولاية أوباما الثانية ستكون استمرارا أم اختلافا أم تطوير للسياسة الخارجية فى ولايته الأولى.الواقع أن باراك أوباما فى ولايته الاولى كان إلى حد كبير وفيا لوعوده فى حملته الانتخابية بأن يصحح «الأخطاء الكارثية» لجورج بوش الابن التى ورطت الولايات المتحدة فى حربين فى أفغانستان والعراق بكل الأثمان المادية والبشرية التى دفعتها أمريكا، والتى شوهت علاقاتها وصورتها فى العالم حتى مع حلفاؤها وفى مناطق حيوية للولايات المتحدة مثل العالمين، العربى والإسلامى. وفى ولايته الأولى حقق أوباما ما وعد به من تخليص أمريكا من المستنقع العراقى وسحب القوات الأمريكية، كما خطط لسحب القوات من أفغانستان بحلول عام 2014، وبالتوازى  رمم أوباما علاقات أمريكا مع الحلفاء الغربيين و «أطلق» علاقات إيجابية مع روسيا والصين. وإذا كانت يد أوباما الممدودة إلى إيران لم تقابل بالمثل، فإنه نجح فى تحقيق تآلف دولى لفرض عقوبات قاسية على إيران أوجعت الاقتصاد الإيرانى، وفى السياق ذاته قاوم الضغوط الإسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران وظل متمسكا بالعملية الديبلوماسية بالتوازى مع الضغوط الإقتصادية. وفى زيارتين لكل من تركيا ومصر فى الشهور الأولى من ولايته، حاول أن يفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامى، والتى قوبلت خطاباته فيها بالكثير من التوقعات عن علاقة أمريكية جديدة مع العالم العربى الإسلامى.

 

 غير أنه مع فشل مبادرته حول الدول الفلسطينية المستقبلية واستسلامه للتحدى الإسرائيلى، تراجعت كثيرا التوقعات التى آثارها اقترابه من العالم الإسلامى.

 

•••

 

  ومع نهاية ولاية أوباما الأولى، كان من الأسئلة التى طرحها الخبراء هى ما إذا كان أوباما قد شيد «نظرية» (Doctrine) فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، تنسب إليه كما فعل العديد من الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد أنكر البعض عليه مثل هذه النظرية وإن كنا نعتبر أن أوباما يستطيع أن يدعى إنه بنى «نظرية» ترتكز على تصوره لوضع أمريكا فى العالم و علاقاتها مع قواه المختلفة،  فمن تجربة الولايات المتحدة مع حروبها وما آثارته من التعقيدات فى علاقاتها بالقوى الدولية، استخلص أوباما «نظرية» المشاركة (Parternship)، فالولايات المتحدة لم تعد تستطيع أن تنفرد بقضايا الحرب والسلام فى العالم، وعلى الرغم من استمرار دورها المحورى فى هذه القضايا، إلا أنها فى اضطلاعها بهذه القضايا تحتاج إلى شركاء للتنسيق والتعاون معهم وربما يتحملون أنصبتهم فى تنفيذ هذه السياسات.

 

ونتصور أن الخطوط العامة لسياسة أوباما الخارجية فى ولايته الأولى سوف تستمر، فهو سيكون حريصا على عدم إنفراد أمريكا بحروب إقليمية مثلما بدا فى الأزمة السورية عندما قادت الولايات المتحدة «من الخلف»، وهو إن كان قد أعاد توجيه سياسة أمريكا الخارجية نحو منطقة آسيا باسيفيك فسوف يكون حريصا على ألا يكون هذا ثمنا لتجاهل أمريكا لبقية مناطق العالم وخاصة مع أوروبا، التى يعلم أن تعافى الاقتصاد الأمريكى يرتبط بها، وكذلك الشرق الأوسط. فهو سيظل يواصل تمسكه بالعملية الديبلوماسية للتعامل مع البرنامج النووى الإيرانى، أما الصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى فإن خطواته ستكون محسوبة لا لتكرار مبادرة الولاية الاولى، ولكن لاستكشاف إمكانيات إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

مع هذه التوجهات العريضة المحتملة لسياسة أوباما الخارجية فى ولايته الثانية، فضلا عن أدائه فى ولايته الأولى، لم يكن اعتباطا اختياره جون كيرى وزيرا للخارجية، فقد تزاملا فى مجلس الشيوخ، ويدرك أن كيرى وراءه خبرة 28 عاما فى لجنة الشئون الخارجية ورئيسا لها، وهو ما حصّل معه خبرات عريضة فى قضايا السياسة الخارجية، كما أنه حارب فى فيتنام ووعى دروسها، ولعل هذا ما جعله يقول ــ فى شهادته للتصديق على ترشيحه ــ أمام مجلس الشيوخ «إن السياسية الخارجية لا تتحدد فقط بالطائرات دون طيار ونشر القوات، إنما تتحدد أيضا بأمن الغذاء وأمن الطاقة والمساعدات الإنسانية والحرب ضد الأمراض».

 

وثمة قضيتان عبر كيرى عن مواقفه منهما لهما دلالة على سلوكه كوزير خارجية بشكل يتوافق مع فكر أوباما، الأولى هى الأزمة مع إيران، فهو قد عبر أن برنامجها النووى يمثل خطرا على الاستقرار الإقليمى، إلا أنه يعارض «صليل السلاح» الذى يسود واشنطن، وهو يعتقد أن على الولايات المتحدة بشكل أكثر مشقة بناء «مصالح مشتركة» مع إيران بما فيها تصفية طالبان والحرب ضد المخدرات. أما القضية الثانية فهى العلاقة مع الصين، فهو يركز على استمرار سياسة أوباما فى تأكيد المشتركات العريضة للتعاون وبناء علاقات تجارية مستقرة وطويلة الأجل.

 

•••

 

غير أن الأكثر دلالة على توجهات كيرى التى تتلاقى مع توجهات أوباما فى السياسة الخارجية هو ما قاله أمام مجلس الشئون الخارجية الأمريكى خلال ترشحه للرئاسة عام 2004، فقد انتقد بشدة سياسات جورج بوش الابن «التى أدارت ظهرها لمبادئنا وقيمنا، ولدينا رئيس طور واستمتع باستراتيجية الحرب المنفردة والإجهاضية التى فى رأيى تهدد بشكل عميق مكانة أمريكا فى العالم وأمن ورخاء مجتمعنا». وأضاف «لقد اتبعت إدارة بوش أكثر سياسة خارجية طيشا وعجرفة وأيديولوجية فى التاريخ الحديث»، واعتبر أن حرب العراق «قد أكسبت أمريكا نصرا عسكريا ولكنها جعلت أمريكا ضعيفة»، وهى نتيجة سياسة تنظر إلى الشرعية باعتبارها «نتاج القوة وأن النصر هو فى المقام الأول انتصار للسلاح».

 

ولابد أن أوباما وهو يختار كيرى قد تذكر ما يتوافق مع نهجه فى بناء شراكات وتحالفات حين قال كيرى «إنى كرئيس سوف أستبدل سنوات بوش فى العزلة بعهد جديد من التحالفات، ورغم إنى لن أتنازل عن أمننا لأية أمة وأى مؤسسة ولن يكون لخصومنا شك فى تصميمى لاستخدام القوة إذا دعت الضرورة». ولكنه استطرد «سوف أدرك دائما إنه حتى القوة الأعظم الوحيدة فى العالم لن تستطيع أن تنجح بدون تعاون وحلول الوسط مع أصدقائنا وحلفائنا».

 

وهكذا كان اختيار أوباما لجون كيرى وزيرا للخارجية نتيجة لتقارب فكرهما حول قضايا السياسة الخارجية، فضلا عن خبرات كيرى الطويلة مما يصنع منهما فريقا متجانسا لإدارة وتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية.

 

 

 

المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية

التعليقات