نظرية الجوافة - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نظرية الجوافة

نشر فى : الإثنين 29 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 يوليه 2013 - 8:00 ص

تعثرت السينما ونهضت المسلسلات.. هذا ما حدث فى عالم الأطياف، الأفلام المنتجة خلال العام الماضي، قليلة عددًا، متواضعة فنًا، كأن الذين حققوها، أدركوا، على نحو ما، أن المناخ العام لا يسمح بالذهاب إلى دور العرض، إلا فى أضيق الحدود، وبالتالى فإن الأفلام إما ستظل حبيسة علبها الصفيح، أو لن تحقق ما يعوض تكاليفها.. لكن الإبداع المصرى، بقوته وحيويته، لم يستسلم للظروف، ذلك أنه انطلق فى مجال المسلسلات، وربما، بسبب الأجواء القاتمة، السلطوية، المعادية للفن، جاءت استجابة التحدى، من الفنانين، على قدر كبير من الشجاعة، فضلا عن إتقان لافت للانتباه.. طبعا، بعض الأعمال جاءت ركيكة، ضعيفة، لا تستحق الإشارة.. فى المقابل، على النقيض، ثمة مسلسلات تنظر جرأة فى عين الواقع، تتسم بالوعى وتتمتع بلغة فنية على قدر كبير من النضارة، تستلزم وقفات وتحليلات خاصة، مثل «الداعية»، «بدون ذكر أسماء»، «ذات»، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

الممثل، فى السينما المصرية، من العناصر المتميزة، كذلك الحال بالنسبة للشاشة الصغيرة، ويزداد الألق حين يكون السيناريو متماسكا والإخراج متفهما، متمكنا، وهذا ما توفر فى «نظرية الجوافة» الذى كتبه وأخرجه مدحت السباعى، وأسند البطولة لإلهام شاهين وفتحى عبدالوهاب، بالإضافة لعدد كبير من فنانينا.. المسلسل كوميدى، يجمع بين كوميديا السلوك، والمواقف، ويدور فى إطار مستشفى للأمراض النفسية. الدكتورة هالة ــ إلهام شاهين ــ الطبيبة العصبية، الطموح علميا، كاد قطار الزواج يفوتها، لا تتوقف عن المنازعات مع زميلها مدير المستشفى الدكتور نجاتى ــ فتحى عبدالوهاب ــ كلاهما يظهر برونق جديد. إلهام، تتخلى عن ماكياجها وأناقتها. شعرها ليس ناعما كما العادة، ملابسها بسيطة، متوترة، لا تكتم انفعالاتها.. فتحى عبدالوهاب، يضع عوينات سميكة على عينيه، يربط شعره «ديل حصان»، يكظم غيظه بقدر طاقته، وإن كانت هالة، غالبا، تنجح فى إطلاق طاقات غضبه من معاقلها.

الإنهاك النفسى، هو العامل المشترك بين هالة ونجاتى، يكاد يمتد لمعظم أبطال المسلسل، بسبب الأوضاع العامة التى تؤدى إلى درجات متفاوتة من الاكتئاب، وهى فكرة تعتمد على رصد أجواء القتامة التى أشاعها النظام فى الشهور الأخيرة.. مدحت السباعى ينسج مواقفه بطرافة تبرز المفارقات، ثم يأتى إبداع الممثل. د. هالة، تستمتع، بمزيج من الدهشة والحنق، لجارتها الراقصة التى تحدثها عن آلاف الجنيهات التى تربحها من مهنتها، وها هى، إلهام شاهين، تفرج عن نفسها، ببكاء متواصل، وهى تشاهد، تليفزيونيا مقتل هنادى فى «دعاء الكروان».. فتحى عبدالوهاب، المتفهم لدوره تماما، ينجح، بلمسات خاصة، فى التعبير عن أعماق لا يفصح عنها علنا. إنه، مظهر، شديد التماسك، واثق من نفسه، ومع هذا، تلمح ابتسامة غبطة طفولية، حين يستمع لكلمات إطراء من خالة هالة، رجاء الجداوى.. وخلف الخلافات الدائمة، المتصاعدة، بين هالة ونجاتى، يوحى كلاهما، بنظرة عين، أن نسيم الحب يتسلل لقلبيهما.. فلتابعه.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات