جولة الرئيس الحالية في شرقي آسيا - فاروق حلمى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جولة الرئيس الحالية في شرقي آسيا

نشر فى : الأحد 30 أغسطس 2015 - 3:55 م | آخر تحديث : الأحد 30 أغسطس 2015 - 3:55 م

قد تبدو الكتابة في موضوع هذا المقال متأخرة بعض الشيء، لكن الفرصة لازالت سانحة للخروج من تلك الجولة بأعلى قدر من المكاسب.

فالأمل معقود على أن يتم تضمين بنود في جدول أعمال جولة الرئيس الحالية، تسمح له ولوفده بالتعرف عن كثب على الآليات الاقتصادية التي كان لها الفضل فيما حققته النمور الآسيوية من معجزات، في وقت نحن في أمس الحاجة فيه لخلق آليات مثيلة تحل محل أجهزتنا الهزيلة المتخلفة وغير الفعالة. وينبغي ألا تقتصر زيارات الرئيس وكبار المسئولين الخارجية على الترويج للاستثمار في مصر فقط، وانما يتوجب عليهم أيضا السعي للاستفادة من التجارب الناجحة ومحاولة تطبيق ما يصلح منها لدينا مع تعديله بما يناسب أوضاعنا ومتطلباتنا.

وياحبذا لو أمكن التعجيل بإضافة زيارته ل"مجلس التنمية الاقتصادية Economic Development Board" أثناء تواجده في سنغافورة. فلقد كان هذا المجلس ويستمر في كونه المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية وما يحققه هذا البلد من نجاحات، وهو مماثل ل "مجلس تنمية التجارة" في هونج كونج وان كان الأخير يتمتع باستقلال أكبر يتماشى مع الحرية الاقتصادية الهائلة في هذا الاقليم. ورغم أن للحكومة سيطرة أكبر على المجلس السنغافوري الا أن كلا المجلسين يحققان انجازات مبهرة، لتتسابق سنغافورة وهونج كونج كل عام في الاستئثار بالمركز الأول كأكثر اقتصادات العالم حرية وأكثرها تنافسية.

كما يقترح أيضا أن يقوم الرئيس بزيارة ل"المركز القومي للانتاجية National Productivity Center" السنغافوري، الذي ينسق قيام هذه الدولة المدينة بتدريب جميع سكانها مرة كل أربع سنوات على آخر ما وصلت اليه التطورات في مجال كل فرد، وذلك من خلال تدريب ربع السكان سنويا بانتظام.

***

وبالمثل، يمكن في نهاية زيارة الرئيس للصين - أو بعد انتهاء زيارته لاندونيسيا - زيارة هونج كونج ليوم واحد أو يومين، يقوم خلالهما بزيارة كل من "مجلس تنمية التجارة Trade Development Council" و "مجلس الانتاجية Productivity Council"، اللذان يقوم على أكتافهما اقتصاد هونج كونج وما يتميز به من انتاجية عالية وتواجد أقوى جهاز ترويج في العالم للسلع والخدمات والاستثمار. هذا علما بأن العديد من رؤساء الدول والحكومات يقومون بزيارة اقليم هونج كونج الاداري الخاص التابع للصين قبل أو في نهاية زياراتهم لبكين، قصدا للاستثمارات وللاطلاع على أسرار معجزة هذا النمر.

ومن الممكن اجراء الاتصال العاجل بقيادات المجلسين لترتيب زيارة اداراتهما، ولعقد لقاء للرئيس مع قيادات مجتمع الأعمال هناك الذين يمكن أن يكونوا مصدرا هاما للاستثمار عندنا، وهم يستثمرون بالفعل في جميع بقاع العالم.

ويمكن أن نسعى للحصول من المجالس الأربعة - الى أن نقرر أي هياكل تصلح لنا منها - على تعهدات بمعاونتنا في اقامة مجالس مماثلة لدينا وتدريب كوادرنا على الأنشطة التي تضطلع بها اداراتهم. مع العلم بأنه يوجد بحوزتنا تعهد سابق من حكومة هونج كونج بقيام مجلس الانتاجية بتدريب كوادرنا دون تحقيق ربح عند انشائنا لآلية مماثلة.

***

وعلينا أن نتجنب في اطار ترويجنا للاستثمار في تلك الجولة الاسهاب في عرض مميزات مصر وما توفره من فرص وامكانيات وعمالة وقرب من الأسواق واتفاقيات تجارة حرة مع دول مجاورة وغيره، فالكل يعلم ذلك جيدا وهناك الكثير من الدول التي توفر مزايا لا تقل أهمية، والفيصل هو أن تكون ظروفنا الأخرى جاذبة كذلك من حيث الاستقرار الأمني والسياسي واستقرار الرؤية الاستراتيجية للاقتصاد الكلي واستقرار القوانين وعدالة القضاء وغيره، وكلما عجلنا بتوفير هذه الشروط كلما ازداد الاقبال على الاستثمار عندنا.

كما ينبغي أن نقلل في هذه الجولة من الوعد بقوانين ولوائح تمنح حوافز وامتيازات أكثر للمستثمرين، فلقد مل العالم سماع هذا الكلام عشرات السنين وينتظر التنفيذ الفعلي. ومن الأجدر بنا بدلا من ذلك أن نركز على الانصات لشكاوى الشركات ومعرفة مطالبها منا - سواء العاملة في مصر أو التي تفكر في الانضمام اليها - لكي نسعى الى حلها وتوفير المناخ الملائم لهم.

كذلك لا فائدة من تكرار الشكوى أثناء الجولة عن عدم توازن تجارتنا الخارجية مع كل هذه الدول والأقاليم، وبفوارق مفجعة بين وارداتنا منها وصادراتنا اليها (صادرات الصين الينا أكثر من 20 ضعف صادراتنا لها، وهونج كونج أكثر من ضعفين، واندونيسيا قيمة صادراتها الاجمالية 6 أو 7 أضعاف صادرات مصر سنويا). فالعيب ليس منهم وانما العيب فينا نحن. أسواقهم مفتوحة للاستيراد من كل أنحاء الأرض، ولكننا يجب أن نقدم سلعة تتميز بالجودة وبرخص السعر بالمقارنة بالمنافسين الآخرين الكثيرين. بل وان هذا ليس كافيا وحده وانما يجب أن ننشئ آليات للترويج لمنتجاتنا على أسس علمية متطورة، تستفيد منها السلع والمنتجات الصالحة للتصدير فعلا. وهو ما ينطبق بنفس الدرجة على مجالي الاستثمار والسياحة، حتى يمكننا مزاحمة الدول التي تستفيد من الطفرات الاقتصادية الواقعة بتلك الدول والمناطق في كل هذه الميادين.

***

ومن واجبنا أن نسرع الخطى بالتوازي مع ذلك في استكمال الشروط التي تجعل مصر جاذبة فعلا للاستثمار الأجنبي، من خلال مراجعة الكثير من القوانين ذات الصلة أو التأثير في المستثمر، كقانون الاستثمار الموحد، وقانون المناطق الاقتصادية الخاصة، وقوانين الضرائب، واللوائح المستهدفة للتسهيل على المتعاملين في الأسواق والمستثمرين في مختلف المجالات، وتيسير اجراءات التصدير والاستيراد بصفة عامة وغيره. وعند اكتمال ذلك أو حتى السير الجدي الواضح على طريقه، لن نحتاج لطرق الأبواب ومناشدة العالم أن يحضر للاستثمار لدينا.

اننا معنا هذه المرة ورقة رابحة يمكن أن تعود علينا بالخير العميم، وهي اتمام مشروع توسيع قناة السويس الذي يعتبر متكاملا مع مبادرة "الحزام والطريق" التي توليها الصين جل اهتمامها، والذي تقدر شركاتها وشركات دول جنوب شرق آسيا مدى ما يعود به من فوائد عليها لتقصيره من زمن حركة تجارتهم المتبادلة مع أوروبا. وذلك بالاضافة للفرص التي ستتاح من وراء فتح الباب للمشاركة في مشروعات المراكز الصناعية واللوجستية بمحور القناة، وهي كلها أصول يمكن أن تكون واعدة اذا أحسننا استخدام هذه الورقة.

فاروق حلمى خبير في الشئون الصينية مقيم في هونج كونج
التعليقات