بالفيديو والصور.. فيلم «لا مؤاخذة»: نهاية تغفر الكثير من الخطايا - بوابة الشروق
الأربعاء 3 سبتمبر 2025 5:14 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

بالفيديو والصور.. فيلم «لا مؤاخذة»: نهاية تغفر الكثير من الخطايا

سارة حسني
نشر في: الإثنين 3 فبراير 2014 - 5:17 م | آخر تحديث: الإثنين 3 فبراير 2014 - 6:12 م

تذهب إلى مشاهدة فيلم "لا مؤاخذة" وبداخلك الكثير من التوقعات. فالفيلم امتلأت بالحديث عنه الصحف، واحتل الكثير من الأعمدة، وافتُتح به مهرجان الأقصر، وأيضا شاهد إعلانه على يوتيوب مئات الآلاف. وهو لاشك إعلان هو الآخر يعدك بالكثير.

وربما كانت هذه هي المشكلة مع الفيلم. فمع الدقائق الأولى وتطور الأحداث وإذا ما تغاضينا عن الأداء السلس لدور هاني، بطل الفيلم ذي الثلاثة عشر عاما، تنتابك لحظات الشك وأحيانا الملل، وأحيانا لا تملك نفسك من القول "إيه الأفورة دي".. أو"ليه كل الافتعال ده".

الفيلم من الممكن أن نطلق عليه بكل ارتياح "فيلم النوايا الحسنة"، لكن حسن النوايا لا يمكن له وحده أن يعوض "لحظات الافتعال" وعيوب السرد والخيال.

مسيحي ولا مسلم

الفيلم يحكي قصة "هاني عبدالله".. اسمه الثنائي لا يشي بشيء. كم من "هاني عبدالله" مسلم، وكم من "هاني عبدالله" مسيحي.. وبالطبع لا يوجد الكثير من الفرص، لأن يلفظ اسمه الثالث (بيتر)، والذي وحده يسمح بتصنيفه بين "هؤلاء" دون "أولئك".

هاني طفل وحيد من عائلة الأب فيها مدير بنك، والأم عازفة تشيللو في الأوبرا.. يعني باختصار "مال وثقافة"، أو كما تقدمها المقدمة الذكية والسريعة في الفيلم "مرتب يزيد بكثير" و"مرتب ينقص بكثير".

هاني يعيش في كمباوند.. هو بالنسبة له "مصر اللي بيحبها"، بين النادي والمدرسة التي معظم مدرسيها من الأجانب، والأصدقاء بما لديهم من اهتمامات علمية وفرص لتنمية وممارسة هذه الاهتمامات.. باختصار حياة مرفهة تعده بمستقبل واعد في مصر "اللي بيحبها"، وبيحبها لأنها هي مصر "اللي بيعرفها"

يفوت هاني أن هناك مصر أخرى خارج أسوار الكمباوند والنادي والمدرسة "التي أغلب مدرسيها من غير العرب" وتلاميذ ليست لديهم اهتمامات علمية، ولا لديهم فرص لممارستها. يفوت هاني أن مصر تسود فيها كلمة لم يسمعها قط ولا يعرف لها معنى، كلمة "لا مؤاخذة"- "الكلمة المفتاح" التي أعطت للفيلم عنوانه وقضيته.

في مدرسة "لا مؤاخذة"

تنقلب حياة هاني لتجبره على الخروج إلى "مصر لا مؤاخذة" بموت والده المفاجئ، وعجز والدته عن دفع مصاريف المدرسة الأجنبية، لتذهب به إلى مدرسة الحكومة.

ومن أجمل مشاهد الفيلم هاني وهو يبحث على جوجل عن تاريخ مدرسته الجديدة. فعقليته التي تربت في المدرسة الأجنبية دفعته إلى استنتاج بسيط: أن تبحث عن الأشياء لكي تفهمها.. وأداة البحث هي الكمبيوتر وأدوات البحث طبعا تاريخ المدرسة على الإنترنت لا علاقة له بالمدرسة التي في الواقع.

وأيضا من المشاهد الدالة والجيدة عندما يطلب المدرس من التلاميذ أن يذكروا أسماءهم.. الظاهر هو التعرف عليهم، والقصد هو التصنيف الذي تعبر عنه جملته في النهاية "الحمد الله كلنا مسلمين"

كانت هذه هي أولى ملامح "مصر" التي لم يكن يعرفها هاني

ويأتي الملمح الثاني سريعا عندما يطلب المدرس ذاته من التلاميذ أن يذكر كل منهم مهنة الأب.. هنا يسمع هاني للمرة الأولى في حياته الكلمة التي لم يكن يعرفها "لا مؤاخذة سباك.. لا مؤاخذة بواب.. لا مؤاخذة سمكري". وعندما يأتي دوره يظن أنه لابد من أن يقول "لا مؤاخذة مدير بنك".

الفيلم فيما بعد يدور كله عن محاولات هاني ألا يكون مختلفا. أن يجعل مجتمع لا مؤاخذة يتقبله كعضو فيه "كامل العضوية" المعادل للمواطن "كامل المواطنة". لكنه يواجه محاولات التصنيف المستمرة إما لمستواه الاجتماعي.. أو لحديثه ومفرداته.. أو لوجود المرأة (أمه) في حياته، ولاهتماماته بالعلوم دون الأشياء التي تجعل منه "مواطنا"- وهنا ملمح آخر من أفضل ملامح الفيلم عندما يضطر لأن يدخل مسابقة الإنشاد الديني كمسلم لعل وعسى..

يعني إيه هجرة

محاولاته اليائسة وهزائمه المتتالية تدفعه للبحث عن معنى كلمة Immigration – أو الهجرة

لكنه في النهاية يقرر سلوك مسلك آخر.. أن ينتزع وجوده داخل مجتمع "لا مؤاخذة" ليس بمحاولات الاسترضاء والتقليد ولكن بالإعلان عن هويته كمسيحي لديه أم جميلة واهتمامات مختلفة، ويستطيع أن يدافع عن وجوده.

النهاية التي ينتزع فيها هاني وجوده بدخوله في خناقة مع أقوى تلاميذ المدرسة، ثم مطالبة أمه بأن يعاقب نفس عقاب التلميذ الآخر دون أي حماية خاصة، هي النهاية التي غفرت للفيلم وصناعه الهنات الكثيرة. المواطنة ببساطة ليست منحة ولا تُستجدي.. هي تتنزع وتجعل الجميع- في مجتمع لا مؤاخذة- سواسية ليس فقط في الحقوق، ولكن أيضا في الواجبات والعقاب.

الفيلم إخراج وسيناريو عمرو سلامة، وأدى دور "هاني" أحمد داش.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك