المعهد الملكي للشؤون الدولية: الصين ترسم خريطة النمو العالمي في العقد الحالي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:59 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المعهد الملكي للشؤون الدولية: الصين ترسم خريطة النمو العالمي في العقد الحالي

لندن - د ب أ
نشر في: الخميس 3 يونيو 2021 - 10:47 ص | آخر تحديث: الخميس 3 يونيو 2021 - 10:47 ص

لو لم يتعرض العالم لجائحة فيروس كورونا المستجد في العام الماضي لكان معدل نمو الاقتصاد العالمي خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين حوالي 3.6%، وهو ما يقل قليلا عن المعدل المسجل في العقد السابق وكان 3.7% من إجمالي الناتج المحلي. وهذه الأرقام ليست سيئة في ضوء التحديات العديدة التي شهدها العالم قبل الجائحة بحسب جيم أونيل المحلل الاقتصادي الشهير ورئيس معهد المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس).

 

في الوقت نفسه، فإن النمو العالمي في العقدين الأول والثاني من العام الحالي كان أقوى منه في العقدين الأخيرين من القرن العشرين حيث كان معدل النمو 3.3% فقط. كما شهدت السنوات العشرين الأولى من القرن الحالي خروج مئات الملايين من البشر من دائرة الفقر المدقع كنتيجة لمعجزة النمو الاقتصادي التي قادتها ما سميت بالأسواق الصاعدة والتي تأتي دول تجمع "بريكس" في قلبها.

 

وتحل في العام الحالي الذكرى العشرين لقيام ما أطلق عليه جيم أونيل اختصارا "بريكس" BRICs، ويشمل الأحرف الأولى لأسماء أربع دول صاعدة كبرى وهي البرازيل وروسيا والهند والصين، التي أسست التجمع قبل انضمام جنوب أفريقيا إليه في عام 2010. ويقول أونيل إنه اختار اسم "بريكس" ويعني باللغة الإنجليزية "أحجار البناء"؛ تعبيرا عن الأهمية الاقتصادية المتزايدة لهذه الدول وتأثيرات صعودها على الحوكمة العالمية.

 

ويقول أونيل الرئيس السابق لشركة جولدمان ساكس أسيت مانجمنت لإدارة الأصول في تحليل نشره على موقع صندوق النقد الدولي، إن العالم يحتاج إلى اقتصادات أفضل لدول بريكس، لتبرير تغيير إطار الحوكمة الاقتصادية العالمية وليس من أجل النمو المستقبلي الحتمي لهذه الدول.

 

وبسبب ضخامة عدد سكانها وبالتالي القوة العاملة لديها وارتفاع مستوى الإنتاجية، فإنه من السهل للغاية إدراك أن معدلات النمو المحتملة لدول بريكس كانت أعلى كثيرا من معدلات النمو للاقتصادات الأكثر تقدما في العالم. ولكن لا يعني هذه بالتأكيد أن كل دول بريكس تحقق معدلات النمو المتاحة لها بالفعل، لأن هذا الكلام ليس واقعيا بحسب أونيل الذي كان عضوا في مجلس اللوردات البريطاني.

 

وفي هذا السياق، كان العقد الثاني من القرن الحالي مخالفا تماما للعقد الأول، حيث حققت دول بريكس الأربع أداء أفضل مما توقعه جيم أونيل مع انطلاق التجمع في 2001. وفي حين أصبح الموقف الاقتصادي في الهند خلال السنوات القليلة الأخيرة مخيبا للآمال، فإنها حققت نموا يتفق مع رؤية أونيل بدرجة كبيرة. ولكن الأداء الاقتصادي لكل من البرازيل وروسيا خلال العقد الماضي كان مخيبا للآمال للغاية.

 

في المقابل، استمر النمو القوي للاقتصاد الصيني وهو ما يشير إلى أنه الوحيد بين اقتصادات بريكس الذي استفاد من كامل إمكانياته. فإجمالي الناتج المحلي للصين زاد عن 14 تريليون دولار في نهاية 2019، وهو ما يزيد عن ضعف إجمالي الناتج المحلي لدول بريكس الثلاث الأخرى.

 

في الوقت نفسه، فإن هذا الحجم الهائل للاقتصاد الصيني يشير إلى أن اقتصادات تجمع بريكس معا تزيد عن إجمالي حجم اقتصاد الاتحاد الأوروبي، وتقترب من حجم الاقتصاد الأمريكي وهو أكبر اقتصاد في العالم.

 

ورغم أن النمو الحقيقي للاقتصاد الصيني سيتباطأ خلال العام الحالي، في ضوء التحدي الديموجرافي الذي تواجهه الصين، فإنه لن يتوقف عن النمو حتى يصبح أكبر اقتصاد في العالم متفوقا على الاقتصاد الأمريكي. ولكي يحقق العالم نموا اقتصاديا أسرع، يجب على الدول ذات التركيبة السكانية الجيدة من حيث ارتفاع نسبة السكان في سن العمل، السعي إلى زيادة إنتاجية اقتصادها، بحسب أونيل الوزير البريطاني السابق.

 

ويضيف أونيل أنه سيكون من الصعب على العالم تحقيق نمو اقتصادي حقيقي خلال العقد الحالي بمعدل 4%، ولا حتى بمعدل 3.7% كما حدث في العقدين الماضيين. ويرى المحلل الاقتصادي الشهير أن هناك أربعة عوامل ستحدد ما إذا كان العالم سيحقق معدلات النمو المطلوبة أم لا. في مقدمة هذه العوامل، الانتاجية في الاقتصادات المتقدمة، ووتيرة تباطؤ النمو في الصين، ونجاح الهند في استعادة عافيتها، وأخيرا نجاح الدول الصاعدة الأخرى ذات الكثافة السكانية العالية مثل إندونيسيا والمكسيك ونيجيريا في استغلال إمكانياتها على المدى الطويل. فإذا حدث هذا سيكون لدى الاقتصاد العالمي فرصة لتحقيق معدلات نمو تماثل معدلات العقد الماضي.

 

ويرى أونيل أنه بعد كارثة جائحة كورونا، يجب على الاقتصادات الصاعدة وبخاصة الكبرى منها تبنى سياسيات مالية أذكى، بحيث تعطي أولوية للاستثمارات العامة. ويضيف أن العالم يحتاج إلى أساس مختلف لتقييم الإطار الاقتصادي والظروف الخاصة بالسياسة المالية. وبتحديد أكثر فإن الوقت قد حان للتمييز بشكل حقيقي بين الإنفاق الاستثماري الحكومي والانفاق الحكومي الاستهلاكي، حيث إن الأول يكون له تأثيرات إيجابية متضاعفة، وبالتالي لا يجب معاملته محاسبيا مثل الإنفاق الاستهلاكي. فالتعامل مع أزمات المناخ والتهديدات الصحية المستقبلية يحتاج إلى مثل هذه الاستثمارات العامة.

 

وأخيرا، يقول أونيل إن استفادة أي سوق صاعدة من إمكانياتها يعتمد على مثل هذا الاستثمار والذي يمكن القول إنه أكثر أهمية من الأحوال المالية بالنسبة للنمو الاقتصادي.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك