قال محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، إن النمو الاقتصادي ضرورة لتحقيق التنمية والتقدم، مشيرا إلى مقاله الذي نشره في مجلة "وجهات نظر" عام 2008، عندما كان يتولى مهام وزارة الاستثمار، بعنوان "ولكن ... النمو وحده لا يكفي".
وأكد على ذلك في عدد من المقالات والحوارات التي نشرت على مدار السنوات، حيث طرح رؤيته لتجاوز الأزمات والاتجاه نحو نمو شامل ومستدام.
في حواره مع جريدة «الأهرام» عام 2020، عندما كلف بمهمة مبعوث الأمم المتحدة لتمويل برامج التنمية المستدامة، أوضح أن تمويل أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي اعتمدها قادة الدول عام 2015 يتطلب تنسيقًا بين مصادر متعددة، وهي: الموازنات العامة للدول، والاستثمارات الخاصة، والمعونات الدولية، وكذلك التجارة الدولية وإدارة الدين العام، مع الاستفادة من التحول الرقمي والتكنولوجيا.
وأشار إلى أن برنامجه الأممي يركز على ثلاثة محاور رئيسية: أولها، إعادة صياغة الموازنات العامة بحيث تعكس أولويات واضحة في الصحة والتعليم والبنية التحتية. ثانيها، تعزيز دور القطاع الخاص باعتباره المشغل الأول للاقتصاد على مستوى العالم، مع ضرورة توفير بيئة استثمارية داعمة. وثالثها، توطين التنمية عبر تمكين الإدارات المحلية بموارد وإيرادات كافية ضمن نظام صارم للرقابة والشفافية. وضرب مثالًا بتجربتي فيتنام وكولومبيا، حيث أظهر تنسيق المركز مع السلطات المحلية نتائج ملموسة في جذب الاستثمارات وتحسين مستوى المعيشة.
في مقال له في صحيفة «الشرق الأوسط» عام 2019، أكد محيي الدين أن الاقتصادات الناشئة بحاجة إلى نهج جديد للاستثمار، معتبرًا أن النمو الاقتصادي وحده لا يكفي إذا لم يرافقه توزيع عادل للفرص والدخول.
وقال إن معيار التقدم الحقيقي يتمثل في الزيادة المنتظمة لمتوسط دخل الفرد عبر زيادة الإنتاجية، مشيرًا إلى أن الاستثمار في البشر والبنية التحتية الحديثة هو السبيل لتحقيق ذلك. كما أوضح أن معالجة مشكلات النمو تتطلب شراكة بين القطاعين العام والخاص، مع استغلال إمكانات التكنولوجيا والتحول الرقمي.
الأسبوع الماضي، أكد محيي الدين في حواره مع جريدة "المصري اليوم" أن استمرار النمو يتطلب تعزيز القدرة التنافسية، وتوسيع قاعدة الإنتاج، ودعم الطبقة الوسطى باعتبارها ركيزة الاستقرار الاجتماعي.
وأضاف أن الاستثمار في القطاعات الإنتاجية والخدمية يجب أن يكون موجهًا لخلق فرص عمل حقيقية، وأن مصر مطالبة بمضاعفة جهودها في مكافحة الفقر متعدد الأبعاد، من خلال برامج الدعم النقدي والتوسع في خدمات الصحة والتعليم والإسكان الاجتماعي.
كما قال: "لكي لا يلجأ أي اقتصاد إلى صندوق النقد الدولي، لا بد أن يحقق القدرة على استقرار ونمو مستمرين، وأن تكون لديه إمكانيات تحميه من الصدمات الخارجية، وهذا يرتبط أساسًا بالتنسيق بين السياسات المالية والنقدية كشرط ضروري لتحقيق النمو والتنافسية."
في مقابلة مع قناة «العربية بيزنس»، دعا محيي الدين إلى اتخاذ مسار اقتصادي مختلف عن النهج الذي ارتبط ببرامج صندوق النقد الدولي خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن الاقتصاد المصري ظل في إطار إدارة الأزمات منذ عامي 2015 و2016، وهو ما كان ضروريًا آنذاك بسبب اختلالات مالية ونقدية وصدمات خارجية، لكنه لم يعد كافيًا اليوم.
وقال: "آن الأوان أن تنتهج مصر نهجًا مختلفًا تمامًا، بعيدًا عما كان عليه الوضع مع الصندوق، وأن يتحول المسار إلى برنامج للنمو والتنافسية وزيادة الاستثمار، وإعادة تمكين الطبقة الوسطى."
كما أشاد بالإجراءات الأخيرة للبنك المركزي المصري في معالجة أزمة السوق الموازية للعملة، وبالفائض الأولي التاريخي الذي حققته الموازنة العامة بنسبة 3.6% من الناتج المحلي. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن هذه المؤشرات المالية لا تكفي وحدها لقياس مدى تلبية الاقتصاد لاحتياجات المواطنين، موضحًا أن الناتج المحلي المصري ما زال ثابتًا عند مستويات 480 مليار دولار منذ 2015، وهو ما يعكس تحديات في تحقيق نمو حقيقي يواكب زيادة عدد السكان.