بعدما هدأت الأمور لفترة، عادت الصين من جديد لتنذر العالم بكارثة جديدة، بعد إعلانها العاصمة بكين بؤرة جديدة لتفشي فيروس كورونا المستجد، الذي اكتشف للمرة الأولى في سوق ووهان بمقاطعة هوبي الصينية في ديسمبر العام الماضي.
وأعلنت السلطات، هذا الأسبوع، أن العاصمة بكين لديها تفشي صغير للفيروس، بعد إصابة حوالي 100 شخص في جزء واحد من العاصمة، بسبب انتشار العدوى في سوق رئيسي لبيع اللحوم والأسماك، لتقرر السلطات تطويق المنطقة بما يرقى إلى الإغلاق.
فبعد نجاة بكين من الفيروس خلال الشتاء، بتسجيل أقل من 500 حالة تم الإبلاغ عنها، بدأت الأعداد تتزايد من جديد.
تقول مجلة "فوربس" الأمريكية، إن السلطات تتبعت الإصابات الجديدة في بكين التي ذهبت إلى سوق الجملة لبيع اللحوم والأسماك، بعدما قضت العاصمة 55 يومًا بدون حالة محلية واحدة.
* إجراءات قوية للسيطرة
يقول وو زونيو، كبير علماء الأوبئة بالمركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إن بكين ردت على تفشي المرض في الوقت المناسب، وأن عدد الحالات في الأسبوعين المقبلين سيكون حاسما، وسيستغرق الفيروس ما لا يقل عن 5 إلى 14 يومًا للسيطرة عليه رغم من أنه يستغرق عادةً أسبوع قبل أن يظهر علامات على الأشخاص.
وأضاف زونيو: "إن الإجراءات المتخذة في بكين حسنة التوقيت وفعالة وأنه في حال إذا لم يزد عدد الحالات المصابة كثيرا فسيتم التحكم في الوباء بشكل أساسي".
"سنغلق الباب لعدة أيام"، هذا ما قاله لي، الذي يعمل حلاقا في منطقة تشاويانج، في بكين لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، عندما سألته عن الإجراءات التي سيتخذها لمنع تفشي الوباء، مضيفا أن السلطات تجري عمليات مسح واسعة وأنه سينتظر حتى يتحقق من مدى انتشار الفيروس.
تحرك على أرض الواقع
ألغى مطار بكين، يوم الأربعاء، أكثر من ألف رحلة جوية، بما يوازي 70% من الرحلات المقررة، بعد ظهور إصابات جديدة بفيروس كورونا في العاصمة.
كما أمرت السلطات، يوم الثلاثاء، بإعادة إغلاق المدارس، وحضت سكان العاصمة البالغ عددهم 21 مليون نسمة، على تجنب التنقلات غير الضرورية، إلى خارج المدينة وذلك في أعقاب رصد بؤرة جديدة للوباء يُعتقد أنها في سوق تشينفادي، لبيع الأغذية واللحوم بالجملة بقلب العاصمة، فيما أعلن رئيس بلدية بكين، اليوم الأربعاء تسجيل 31 إصابة بحسب موقع "فرنسا 24".
واتخذت السلطات إجراءات وقائية أخرى بينها غلق مراكز الترفيه والرياضة، وفرض عدم المغادرة على سكان المدينة، بل وتتبع خريطة تنقل سكان بكين الذين تناولوا على زيارة السوق في الأيام الأخيرة وإجراء المساحات لاكتشاف الإصابة.
بل ووصل الأمر إلى وضع العديد من مناطق المدينة في الحجر الصحي خوفا من توسع انتشار الفيروس مرة أخرى، بالإضافة لفرض قيودا جديدة ومنع ممارسة الرياضة الجماعية وأمرت بارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة والمغلقة، بحسب موقع بي بي سي".
أسبوع يفصل بكين عن ذروة جديدة
تقول فوربس إن الأخبار الصادرة عن بكين قد تنذر بسرعة وسهولة انتشار الفيروس، ما قد يجعل القضاء عليه بالكامل مستحيلاً، وأن هذا الأسبوع سيكون الفارق والأساسي في بكين.
ففي حال استمرت أعداد الإصابة في الارتفاع، قد ينتهي الأمر ببكين إلى المزيد من الحالات أكثر مما كانت عليه خلال ذروة الفيروس التاجي في يناير وفبراير، عندما تم إغلاق جزء كبير من البلاد لوقف الانتشار.
ففي يوم الأحد الماضي، كان 177 شخصًا مصابا بالفيروس فقط لا يزالوا يتلقون العلاج في الصين بكاملها، وكان هذا العدد أقل بكثير من ذروة منتصف فبراير التي وصلت ل 58016 مصاب، معظمهم في ووهان فقط، مركز تفشي الفيروس.
الوضع الحالي والقدرة على السيطرة
قبل اكتشاف الإصابات في بكين، كانت الأمور تسير على مايرام، إذ بدأت الصين تدريجياً في رفع البعد الاجتماعي والعودة للحياة تدريجيا.
وبلغ معدل الشفاء 94% للمرضى في المستشفيات في جميع أنحاء الصين، وبلغ متوسط عدد الحالات اليومية خلال الـ 14 يومًا السابقة 657 حالة، بمتوسط عدد يومي أقل للوفيات.
وكان من المشجع أيضًا أنه عندما سافر عدد كبير من الأشخاص، لم يكن هناك ارتفاع كبير في الحالات لكن هذه الصورة تغيرت في عطلة نهاية الأسبوع في بكين.
المخيف هو أنه لم يكن لدى بكين منحنى عدوى حقيقي في الشتاء، وبالتالي يمكن أن ينقل 100 مصاب العدوى إلى 1000 بسرعة، ليصبح هذا السيناريو هو الأسوأ بالنسبة للصين.
لكن رغم ذلك لا تعتبر أرقام بكين ضخمة، لأن لديها خبرة كافية في هذا الأمر لإجراء الاختبارات بسرعة، حيث يتماثل معدل الوفيات لكل 100 الف مصاب في الصين مع معدلات بعض الدول الأخرى في المنطقة.
وبلغ معدل الوفيات في الصين 0.3، وبالنسبة لسنغافورة فهي 0.4، وأما كوريا الجنوبية واليابان، فيبلغان 0.5 و0.7 على التوالي.