من الدفاع الفعال إلى الحارس الشرقي.. هل تنجح منظومات الدفاع الأوروبية في وقف الهجمات الروسية؟ - بوابة الشروق
الإثنين 29 سبتمبر 2025 5:42 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لقمة الأهلي والزمالك المقبلة؟

من الدفاع الفعال إلى الحارس الشرقي.. هل تنجح منظومات الدفاع الأوروبية في وقف الهجمات الروسية؟

سوزان سعيد
نشر في: الإثنين 29 سبتمبر 2025 - 4:29 م | آخر تحديث: الإثنين 29 سبتمبر 2025 - 4:29 م

أثار توغل الطائرات الروسية في المجال الجوي لبولندا ورومانيا، إلى جانب استخدام طائرات ميج-31 فوق إستونيا، وطائرات عسكرية "مجهولة" فوق السويد والدنمارك والنرويج، قلق الكثير من قادة أوروبا من نية موسكو إلى تصعيد أعمالها العسكرية مع أوكرانيا لتشمل دول أخرى، مما يثير المخاوف من جر القارة الأوربية بأكملها إلى الحرب مع روسيا.

وأعلنت هذه البلدان وعلى رأسها المملكة المتحدة عن اتخاذ تدابير عسكرية لمواجهة التوغل الروسي داخل الأراضي الأوروبية، وأعلن وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي عن إطلاق المملكة المتحدة برنامجًا لبناء الطائرات المسيرة يُسمى "مشروع الأخطبوط"، بالتعاون مع أوكرانيا، بحكم خبرتها العسكرية خلال حربها مع روسيا، والذي سيشهد بناء طائرات اعتراضية مسيرة في مصانع بريطانية خلال أسابيع ونشرها لردع العدوان الروسي.

ولكن لماذا فشلت منظومة الدفاع الجوي الأوروبية في وقف التوغل الروسي؟، وهل توقف الإجراءات البريطانية التوغل الروسي داخل الأجواء الأوروبية أم هي بحاجة إلى التطوير؟.. يجيب التقرير التالي على هذه الأسئلة، وفقًا لمقالة نشرت في موقع "New Geopolitics"  لميخايلو ساموس الباحث في المجال العلاقات الدولية والذي خدم في الجيش الأوكراني لمدة 12 عامًا.

 

-بيروقراطية الناتو وسياساته المالية تضعفان قوته العسكرية

أوضح ساموس أن الوضع الدفاعي الحالي لحلف شمال الأطلسي "الناتو" غير مستعد للتحديات والتهديدات الروسية والتي تواجهها أوكرانيا بمفردها منذ أحد 10 أعوام، بسبب البيروقراطية والتقييد التجاري بفرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع المستوردة لحماية الصناعة المحلية، مضيفًا أنه بالرغم من إنفاقه مئات المليارات على التسليح والدعم العسكري، إلا أن هذا لا يترجم إلى نمو حقيقي في القدرات العسكرية على الأرض لغياب آليات التنفيذ والإدارة الفعالتين.

 

-ما هي مشكلة منظومة الدفاع الجوي الأرووبي الحالي؟

لفت ساموس إلى أن منظومة الدفاع الجوي الأوروبية الحالية لا تلبي الاحتياجات المعاصرة، لكونها مرتفعة التكلفة إذ تعتمد على استخدام مقاتلات متطورة وصواريخ باهظة الثمن ضد أسراب من طائرات "شاهد" الروسية - الإيرانية منخفضة التكلفة، مضيفًا أن هذه التقنية لا توفر ردًا سريعًا على مجموعة الطائرات بدون طيار الروسية، إلى جانب أنها مصممة لمواجهة الطائرات الضخمة والصواريخ الكبيرة الحجم، بينما طائرات "شاهد" الروسية صغيرة وبطيئة وتسير على ارتفاعات منخفضة، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الشراكة مع أوكرانيا لتطوير منظومة دفاع جوي تواكب التهديد الروسي.

 

-الخبرة الأوكرانية تتفوق

شهدت الخبرة العسكرية الأوكرانية تناميًا ملحوظًا بعد الغزو الروسي المكثف في 2022، حيث تطورت الأسلحة وأنظمة الدفاع واعتراض المسيرات الروسية وفق منهجية محددة كالآتي:

- أسلحة فعالة بتكلفة منخفضة: قال ساموس إن تجربة اوكرانيا العسكرية لم تعتمد على "أسلحة خارقة"، بل على آلية عمل منضبطة ومبتكرة اعتمدت بشكل أساسي على بإمداد متطلبات المعركة مع روسيا بسلاسل من دفاعات مصممة بتقنية عالية في غضون أسابيع، على سبيل المثال أدت الشراكة الحديثة بين شركتي  Vyriy وشركة The Fourth Law لإنتاج كميات كبيرة من طائرات FPV بدون طيار، والتي اعتمدت على نموذج  Vyriy-10 المزودة بوحدة التوجيه الطرفي TFL-1.، إلى زيادة في فعالية الضربات تتراوح بين ضعفين وأربعة أضعاف مقابل زيادة في تكلفة الوحدة بنسبة 10% فقط، مضيفًا أن تحديثات هذه الأنظمة لا تتعدى دقائق، ويطبقها الجنود في ساحة المعركة.

-منصة إلكترونية لتصنيع الأسلحة: قال ساموس، إن DOT Chain-Defence  التابعة لسلسلة التوريد الرقمية التابعة لوزارة الدفاع الأوركانية، أنشأت خلال حربها مع روسيا منصة "Brave" والمتخصصة في تطوير الأسلحة بالاعتماد على التغذية المرجعية التي تحصل عليها من ساحة المعركة، موضحًا أن هذه العملية تبدأ من احتياجات الجنود خلال الحرب، يليها تصنيع السلاح المطلوب، ثم تجربة مدى فعاليته في ساحة القتال، ونجاحه في صد الضربات، وعندما يتأكد ذلك يعطي الجندي نقطة لهذا السلاح على منصة Brave، ويبدأ تصنيعه بكميات كبيرة، مما يسرع عملية الانتاج ويحد من البيروقراطية.

-التعاون مع بريطانيا: أطلقت المملكة المتحدة برنامجًا لبناء الطائرات المسيرة مع أوكرانيا، يُسمى "مشروع الأخطبوط"، والذي سيشهد بناء طائرات اعتراضية مسيرة في مصانع بريطانية خلال أسابيع ونشرها لردع العدوان الروسي، وتُعدّ الطائرات المسيّرة الجديدة منخفضة التكلفة، والتي طُوّرت بالتعاون مع أوكرانيا، جزءًا من استراتيجية جديدة لردع طائرات فلاديمير بوتين النفاثة والمسيّرة على الجناح الشرقي للحلف.

- تنوع في الأسلحة: لا تعتمد أوكرانيا على سلاح واحد بل تصنع عشرات الآلاف من الطائرات المسيرة وأجهزة الاستشعار، بالإضافة إلى تفعيل البصمة الحرارية أو الانبعاث اللاسلكي، كما أدخلت الروبوتات الأرضية المخصصة للخدمات اللوجستية والاستطلاع والاختراق والدعم الناري وإزالة الألغام لحماية المدرعات والدبابات من استهداف الطائرات.

-استخدام الذكاء الاصطناعي: أصبح لا غنى عنه اليوم في المعارك والحروب لاستطلاع، تمييز الأهداف، وتخطيط المسارات، إلى جانب تهيئة الاشتباك، مع بقاء قرار إطلاق النار للبشر.

 

-الدفاع الفعال: دمج التمويل الأوروبي مع الخبرة الأوكرانية

في خطوة لمواجهة فعالة للتوغل الروسي والذي لم يعد يكتف باختراق الأراضي الأوكرانية بل امتد إلى العمق الأوروبي، أسست المفوضية الأوروبية بالشراكة مع أوكرانيا منظومة "الدفاع الفعال" أو" تحالف طائرات بعيدة المدى"، وهو عبارة عن جدار يتكون من طائرات بعيدة المدى على طول الحدود الشرقية الأوروبية، لصد المسيرات الروسية، حيث يمول الاتحاد الأوروبي هذا المشروع على مدار 6 سنوات، وتصنع أوكرانيا الطائرات المسيرة بحكم خبرتها العسكرية خلال حربها مع روسيا.

يعد مفوض الدفاع الأوروبي، أندريوس كوبيليوس، مشاورات مع وزراء دفاع الجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي حول بنية المشروع ، من شبكات الرادار وأجهزة الاستشعار الأخرى إلى وسائل الحرب الإلكترونية ونظام اعتراض متعدد الطبقات، مع اعتماد أوكرانيا كمصدر للتقنيات والتكتيكات المُجرّبة في زمن الحرب.

 

-التشريعات القانونية والتنسيق الأوروبي لإنجاح "الدفاع الفعال"

أشار ساموس إلى أن دول البلطيق وفنلندا عزّزت أنظمتها القانونية لاستخدام القوة المسلحة ضد الطائرات المسيرة؛ وأعطت ليتوانيا صلاحيات مطلقة لجيشها بالفعل لإسقاط الطائرات المسيرة التى تخترق الأجواء الليتوانية، مشددًا على أن التنسيق المتكامل بين دول أوروبا من أهم شروط نجاح منظومة "الدفاع الفعال"،  بما في ذلك توحيد المتطلبات وتوافق التقنيات، إلى جانب تكامل القيادة والتحكم بشكل كامل، وإلا، فستبني كل دولة خط دفاعها الخاص، بما يتعارض مع خط دفاع جارتها، ما يؤدي إلى فشل المنظومة بالكامل.

 

-"الدفاع الفعال" الأوروبي مقابل "الحارس الشرقي" للناتو

أوضح ساموس، أن الاختراق الروسي الأخير للأجواء الأوروبية، أحدث نقلة نوعية في التفكير العسكري الأوروبي تجاه روسيا، والتي تحولت من تطبيق آلية "الدفاع الفعال في أوقات السلم"، والذي يشير إلى تبني أسلحة تقليدية تنتظر الخطر ولا تتنبأ به، إلى "نظام دفاع قائم على الاعتراض الشامل"، أي مواجهة سريعة وفعالة تعترض أي تهديد جوي.

وفي المقابل، أطلق حلف الناتو آلية عسكرية مختلفة لمواجهة التهديدات الروسية تسمى "الحارس الشرقي"، وتعتمد على نشر طائرات مقاتلة وأنظمة رصد واستخباراتية (ISR)، وأصول دفاع جوي مُعزَّزة، إلى جانب إدخال أجهزة وكواشف مضادة للطائرات المسيّرة (counter-drone sensors/weapons) ورصد إلكتروني.

وعند المفاضلة بين النظامين، أوضح ساموس أن "الدفاع الفعال" الأوروبي يعتبر حلًا أفضل على المدى الطويل، ولكنه ليس سريعًا في مواجهة التهديدات الروسية، مشيرًا إلى أنه يعتمد على تصنيع أوكرانيا للطائرات المسيرة وهي مهمة تستغرق وقتًا كبيرًا.

وأضاف، أن "الحارس الشرقي" لحلف الناتو، يوفر آلية دفاعية سريعة لاعتراض المسيرات الروسية، إلا أنه حل مكلف للغاية، مقارنة بسعر الهدف الروسي، إلى جانب أن الأنظمة الدفاعية التي يحتويها هذا النظام لا تتواجد في كل دول الاتحاد الأوروبي، وغير موزعة بشكل متوازن بين هذه الدول، مشيرًا إلى أن هذا الحل لا يوفر حماية لأوروبا عند حدوث هجوم روسي موسع، إذ يعتمد بشكل كبير على أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية.   

 

 

       

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك