نوادر مملوكية (8).. حكاية الدينار الأشرفي الذي قهر دولار عصر المماليك - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 1:43 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نوادر مملوكية (8).. حكاية الدينار الأشرفي الذي قهر دولار عصر المماليك

أدهم السيد
نشر في: الخميس 30 مارس 2023 - 2:18 م | آخر تحديث: الخميس 30 مارس 2023 - 2:18 م

عاشت مصر منذ نصف قرن أزمة تراجع قيمة العملة على غرار الأزمة الحالية، إذ تراجعت أسعار الدنانير الإسلامية بمصر مقابل رواج الإفرنت الإيطالي، ما صحبه غلاء في أسعار السلع وشيوع الفقر بين الناس، إلا أن سلطانا حازما طيب السيرة كانت له يد بيضاء بسحق هيمنة العملة الأجنبية لتكون الغلبة للدينار الأشرفي، الذي رغم زوال دولة المماليك، إلا أنه لا زال حاضرا ببعض بلدان الشرق الأوسط.

وتنقل جريدة "الشروق" ما رواه المؤرخ تقي الدين المقريزي بكتابه "السلوك لمعرفة دول الملوك" حول أزمة ضربت العملات الإسلامية بمصر وصراع الدينار الإسلامي مع الإفرنت الإيطالي.

ويقول المقريزي إنه مع بداية دولة المماليك البرجية وفي عهد السلطان الظاهر برقوق، كثر صك ما يعرف بـ"الفلوس"، وهي عملة نحاسية حقيرة القيمة والتي تخالف الفطرة التي تقضي بالبيع والشراء بالذهب والفضة بحسب رأي المقريزي.

وأضاف المقريزي أن الفلوس مع كثرتها أدت لتراجع الاهتمام بالدراهم الفضية المعروفة بالدرهم الكاملي تبعا للقاعدة القائلة إن العملة الرديئة تطرد العملة القيمة.

وتابع المقريزي أنه مع تزايد الفلوس النحاسية وتحول التعامل بها بالوزن لا بالعدد، ضج التجار من حملها لكثرتها، لذلك زاد الطلب على الدينار الذهبي الذي كان قد انقرض تبعا لانقراض الفضة.

وتعطش السوق المصري للذهب دون وجود دنانير إسلامية فكان الإقبال على الإفرنت الإيطالي والذي زاد سعره حتى بلغ 280 دراهما.

ويقول المقريزي "كان هناك محاولتي لإصدار دنانير ذهبية إسلامية وكان الدينار السالمي باسم يلبغا السالمي الاستادار، ولم يلبث أن انقرض تماما لكثرة التزييف".

وأما الدينار الثاني فكان الدينار الناصري باسم السلطان ناصر برقوق، وحقق رواجا إلا أن شكله الفوضوي مقابل شكل الإفرنت المتناسق قلل من قيمته.

وقام السلطان المؤيد بعمل دراهم فضية من الأنصاف والأرباع؛ لتنافس الفلوس والدراهم البندقية الإيطالية، فحققت نجاحا ولكنها لم تلبث أن تراجعت أعدادها مقابل الفلوس.

الخلاص بالعهد الأشرفي

تولى السلطان الأشرف برسباي السلطنة في 822 هجري، وأراد وضع حد لهيمنة الإفرنت وإفساد الفلوس النحاسية لسوق العملة، فأمر بجمع جميع الإفرنتات وإعادة سبكها بعد القص في دينار يسمي الأشرفي.

أما الفضة فقد قام الأشرف بإقرار التعامل بها بالوزن لا العدد لمنع التزييف، أما الفلوس فقد سحبها من السوق وأقر فلوس نحاسية أشرفية يتم التعامل بها بالعدد لا الوزن لتجنب تزايدها.

ونجحت خطة السلطان بإيجاد دينار أردأ من حيث الجودة من الدينار الإفرنتي، ما يزيد إقبال الناس عليه لكونه الأقل نقاءً، وبحسب المقريزي أدى ذلك لتراجع قوي بوجود الإفرنت الإيطالي، وتصاعد لانتشار الدرهم الفضي وتراجع لهيمنة الفلوس النحاسية.

يذكر أن الأشرف برسباي، هو فاتح جزيرة قبرص ومحطم آخر معاقل الصليبيين بالشرق الأوسط، كما عرف بالإصلاح الزراعي والعمراني بالأراضي المصرية.

وكان خلوقا متواضعا لدرجة أنه لم يرض بتقبيل الناس للأرض بين يديه، خلاف عادة السلاطين مع الخواص والعامة.

ورغم صدور بعض القرارات العجيبة نهاية عهد الأشرف؛ لإصابته بالمناخوليا إلا أنه هو من قام بعزل نفسه ليتوفى في بيته المتواضع بمدينة سراقب السورية بعد 17 سنة أمضاها على عرش مصر؛ ليخلف وراءه المصريين في مأمن من أزمة اقتصادية كادت تهلكهم.

اقرأ أيضا: نوادر مملوكية 7.. غازية الخناقة التي ألقت ضحاياها في محارق الطوب



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك