-مصر خارج أكبر 20 مسببًا لانبعاثات الاحتباس الحراري عالميًا
-التغيرات المناخية تؤثر سلبيًا على البنية التحتية مناطق الجذب السياحي والصناعي المصري
-زيادة حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من مصر إلى 350 مليون طن خلال 2020
-ارتفاع درجات الحرارة يسبب "الأمطار الفجائية الغزيرة" بشكل لا تتحملها شبكات الصرف
أكد استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة وعضو الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ، سمير طنطاوي، اهتمام مصر الدائم بقضية التغيرات المناخية لتفادي تأثيراتها السلبية، مشيرًا إلى جهودها الدائمة في التنسيق الدولي وإعدادها لمؤتمر المناخ المقرر عقده نوفمبر المقبل.
وقال طنطاوي، خلال حوار مع «الشروق»، إن مصر قدمت في وقت سابق 3 تقارير للأمم المتحدة بمخاطر التغيرات المناخية، وتعد للتقرير الرابع الذي يتضمن فصلا بشأن تقييم مخاطر تغير المناخ وطرق التكيف معها، ومن المقرر الانتهاء منه بنهاية العام المقبل وتسليمه للأمم المتحدة 2024.
ولفت إلى أن التغيرات المناخية تزيد معاناة مصر من نقص المياه نتيجة أعمال البخر، حيث من المتوقع هطول الأمطار في المحيط الهندي بدلًا من هضبة الحبشة التي تعتبر أحد مصادر مياه نهر النيل.
وإلى نص الحوار:
* بداية، دعنا نقيّم حجم الضرر الواقع نتيجة التغيرات المناخية؟
للتغيرات المناخية تأثيرات كارثية على كافة مناحي الحياة، فارتفاع درجة الحرارة الناتج عن زيادة تركيزات غازات الاحتباس الحراري بغلاف الأرض له تأثيرات وتبعات سلبية كثيرة على كافة القطاعات، مثل ذوبان الكتل الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر جراء ذلك، مهددا بغرق المناطق الساحلية المنخفضة.
كما تؤثر التغيرات المناخية سلبًا على البنية التحتية والمنشآت الساحلية ومناطق الجذب السياحي والصناعي، إضافة تبوير الأراضي الزراعية الخصبة وتدهور معدلات إنتاجيتها؛ الأمر الذي ينعكس على الأمن الغذائي، وتلوث مخزون المياه الجوفية بمياه البحر المالحة.
* ما هي المناطق الأكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ؟
ستتعرض المناطق الاستثمارية الساحلية والصناعية والزراعية التي تؤثر في اقتصاديات الدول لمخاطر تتعلق بقدراتها الإنتاجية، وبيئيًا ستحدث هجرات داخلية نتيجة الغرق وذوبان الجليد وتملح التربة، كما أن تأثر الإنتاجية الزراعية يدفع التجمعات السكانية للاعتماد على الزراعات المحمية.
وتم تحديد المناطق المنخفضة جيولوجيا في الشريط الساحلي المصري؛ كأكثر المناطق عرضة للضرر، إذ يوجد لدينا 3500 كيلومتر سواحل على البحرين الأحمر والمتوسط.
*هل يتأثر منسوب المياه بنهر النيل بتلك التغيرات؟
حاليًا تعاني مصر من فقدان كميات المياه الموجودة في المسطحات المائية خاصة في نهر النيل وبحيرة ناصر، بسبب فقد كميات كبيرة من المياه نتيجة أعمال البخر.
ومن المتوقع أن تزيد التغيرات المناخية من حجم هذه المعاناة، بسقوط الأمطار في المحيط الهندي بدلًا من هضبة الحبشة التي تعتبر أحد مصادر مياه نهر النيل، وهو ما يسمى "إزاحة أحزمة المطر"، وانخفاض منسوب مياه النهر بالتبعية.
* التغيرات المناخية اهتمام العالم أجمع.. ماذا تقدم مصر في هذا الملف؟
تلعب مصر دورًا هامًا تجاه قضية التغيرات المناخية؛ أبرزها سعيها للوصول من خلال موقعها كطرف في كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بتغير المناخ للتعاون في حل المشكلة وبذل جهود على المستوي الوطني والإقليمي والدولي في هذا الإطار.
كما تنسق مصر بشكل دائم مع المجموعات التفاوضية الأخرى مثل مجموعة المظلة التي تضم كافة الدول الصناعية ومجموعة الاتحاد الأوروبي ومجموعة السلامة البيئية ومجموعة الدول الجزرية ومجموعة الدول الأقل نموًا.
* هل توجد لدينا إحصائية بحجم انبعاثات الغازات الحرارية ؟ وماذا تمثل عالميا؟
حسب آخر تقرير رسمي صادر عن وزارة البيئة، فإن حجم الانبعاثات من مصر تقدر بنحو 325 مليون طن ثاني أكسيد الكربون المكافئ خلال 2015، وزادت بنسبة طفيفة إلى 350 مليون طن خلال 2020، ويعني ذلك حصر لكافة غازات الاحتباس الحراري ومعادلتها بمعيار موحد، وتمثل هذه النسبة ٠.٦٪ من انبعاثات العالم "أي أقل من ١٪"، وبذلك خرجت مصر من قائمة أكبر 20 مسببا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، لتكون في المركز الـ 94 عالميًا.
* وماذا عن التقارير المقدمة للإبلاغ عن مخاطر التغيرات المناخية على مصر؟
في وقت سابق قدمنا ثلاثة تقارير للأمم المتحدة للإبلاغ عن خطورة التغيرات المناخية على مصر، ونعد للتقرير الرابع الذي يتضمن فصلا بشأن تقييم مخاطر تغير المناخ ويتم فيه دراسة المخاطر وأنواعها وطرق التكيف معها، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منه بنهاية العام المقبل وتسليمه للأمم المتحدة 2024.
ارتفاع درجات الحرارة سيؤثر على كل شيء، وهناك ما يسمى بـ"الأمطار الفجائية الغزيرة" في غير موعدها الطبيعي وبكميات غير معهودة، ولا تتحملها شبكات الصرف وبالتالي تغرق الشوارع، أو ينتج عنه الفيضانات المفاجئة نتيجة تذبذب معدلات سقوط الأمطار.
* هل ساهمت المشروعات القومية في الحد من ظاهرة التغيرات المناخية؟
بالتأكيد، المشروعات القومية التي تم تنفيذها خلال السنوات القليلة الماضية ساهمت بشكل واضح وفاعل في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مثل محطات توليد الطاقة التي تم إنشاؤها حديثاً وذلك لاستهلاكها وقود أقل بانبعاثات أقل كما أن التوسع في محطات الطاقة الجديدة والمتجددة مثل مزارع الرياح والمزارع الشمسية والمائية والطاقة الحيوية تعتبر محطات طاقة صفرية الانبعاثات، هذا بالإضافة إلي الخطط الوطنية للتوسع في إنتاج وتصدير «الهيدروجين الأخضر».
كما أسهمت مبادرة رئيس الجمهورية لنشر الوعي البيئي "اتحول للأخضر" في التقليل من تلك المخاطر، فضلًا عن توجه الحكومة لزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي والكهرباء في مشروعات النقل الأخيرة مثل القطارات الكهربائية والمونوريل، يساهم في خفض الانبعاثات باعتبار أن قطاع النقل وتوليد الكهرباء يمثلا ما يزيد عن ٦٠٪ من إجمالي الانبعاثات الوطنية.
هذا بالإضافة إلى مشروعات تأهيل الترع والمصارف للحد من فقد المياه، وكذلك زراعة 1.5 مليون فدان لتحقيق الأمن غذائى وتعويض تدهور وتآكل الأراضى فى الدلتا.
* حدثنا عن الهيدروجين الأخضر وما طرق الحصول عليه؟
الهيدروجين الأخضر من أهم مصادر الطاقة النظيفة الواعدة ويسمى بـ "وقود المستقبل"، وقد تم تصنيعه بأكثر من طريقة، بينها التحليل الكهربائي للمياه، من خلال استخدام محول لفصل الهيدروجين عن الأكسجين للحصول على الهيدروجين فقط.
ويحتاج المحول الكهربائي إلى طاقة لتشغيله، وهذه الطاقة المستخدمة هي التي تحدد مسمى الهيدروجين سواء "الأخضر أو الأسود أو غير ذلك"، وإذا تم استخدام طاقة مصدرها نظيف كالشمس والرياح يسمى الهيدروجين المنتج بالهيدروجين الأخضر وإذا تم استخدام طاقة تقليدية ينتج عنها تلوث وتمكنت من «تخزين الانبعاثات ومنع انتشارها» يسمى بالهيدروجين الأسود، وإذا استخدمت الفحم كمصدر طاقة ملوث يسمى بالهيدروجين المنتج بالهيدروجين الأسود أو الرمادي.
وتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر في بدايتها محدودة الانتشار ومرتفعة التكلفة مثلما كان الوضع بالنسبة لبدايات تكنولوجيا الطاقة الشمسية.
* إلى أي حد أفادت اكتشافات الغاز في مصر قضية التغيرات المناخية؟
أفاد الغاز الطبيعي كثيراً رغم أنه من أنواع الوقود الأحفوري ولكنه الأقل تلوثاً مقارنة بالبترول والفحم، فضلاً أنه مدخل أساسي في تصنيع الهيدروجين والأمونيا.
وتعد الاستكشافات الحديثة للغاز الطبيعي أحد محاور التنمية النظيفة في مصر، فمن خلال مبادرة احلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعي وتوصيل الغاز للمنازل والمصانع واستخدامه في تصنيع الهيدروجين والأمونيا الخضراء بالإضافة إلي تصدير الفائض بعد إسالته لدول أخري كل هذا يساهم في خفض الانبعاثات بشكل فاعل.
* هل توجد لدينا خزانات لثاني أكسيد الكربون؟
لدينا خزانات لثاني أكسيد الكربون، ووجود أي بئر ناضب من الممكن أن يُعاد استخدامه كخزان، ويستلزم تخزينه وجود تشكيل جيولوجي محدد وطبقات صخرية غير مسامية وعلى أعماق كبيرة وهذا يتوفر في آبار البترول الناضبة.
ورغم أن تكنولوجيا قنص وتخزين الكربون قد تطورت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية إلا أنه ما يزال هناك تحفظات علي التوسع في استخدام هذه التقنيات خوفا من تأثيراتها علي النظم الإحيائية والمياه الجوفية بمناطق التخزين حال حدوث أي تسريبات.