قالت الأثرية نادية عبد الفتاح المتخصصة في الآثار الإسلامية ، إن حرفة الجزارة تعد من الحرف القديمة الشريفة التي زاولتها الطبقات الشعبية عبر التاريخ،و جاء ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى " فصل لربك وأنحر" وهو الأمر الذي يضفى على مهنة الجزار نوعا من الشرف.
وعرضت في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم تاريخ مهنة الجزارة عبر العصور بمناسبة عيد الأضحى المبارك ، موضحة أن الجزار هو من يقوم بذبح الحيوان وبيع لحمه ، والجزارة هي حرفة وصناعة وجاء معناها من الجزر والتي تعني النحر، أما المجزرة فهي المكان أو موضع الجزر أي الذبح وكانت معروفة باسم المسلخ، كذلك عرف الجزار باسم "الذباح" كما يعرف أيضا باسم "القصاب" لقيام الجزار بقصبها أي قطعها عضو عضو، كما عرف باسم "اللحام" وذلك نظرا لتعامله من "اللحم" المأخوذ من جسم الحيوان.
واشارت الى أنه ورد لفظ الجزار في كتابة أثرية جنائزية ترجع إلى تاريخ 4 ذي القعدة 348هـ/26 يناير 960م وذلك على شاهد قبر من الحجر الرملي محفور وموجود حاليا بمتحف الفن الإسلامي بباب الخلق باسم " فاطمة بنت ميمون بن أحمد الجزار".
وكشفت عن قلة عدد الجزارين قديما في القاهرة وفقا للمصادر التاريخية ، بسبب قلة تناول الشعب اللحوم حيث كان يقل نصيب الفرد من اللحم عن نصيبه في الخبز، وكان كبار القوم يتركون للجمهور لحم الجمل أو الجاموس على الأكثر ويستأثرون لأنفسهم لحم البقر، حتى حدث في بلاد الشام وبعض المدن الإسلامية أن باع الجزارون اللحوم للأهالي بالأقساط.
وقالت إن العادة في المدن الإسلامية قد جرت بأن يجتمع الجزارون في منطقة واحدة بسوق المدينة مثل أصحاب حرف الصناعات الأخرى، وكذلك قسموا أنفسهم داخل صناعتهم تخصصات مختلفة، فمنهم من أختص في نحر الجاموس، أو الجمال ، أو الماعز أو الضأن إلى غير ذلك من الأنواع.
وعن وصف الجزارين، أشارت الى ان المؤرخين ذكروا أنهم قوم متينو البنية جادوا الطباع تربطهم تقاليد طائفية قوية، ووصفهم البعض بأنهم قساة ولا أثر للرحمه في وجوههم.
وأوضحت ان مراحل الذبح من (النفخ، السلخ ويقوم بها صانع كان يعرف باسم المَاسلخي، واخيرا شق وتنظيف جوف الذبيحة) كان يقوم بها صانع مختص بها ومحترف فيها خاصة إن تمت هذه الأعمال داخل المسلخ أو المذبح والذي يكون في أغلب الأحيان "ميري" أي تابع للدولة ،وكل من يعمل فيها عاملا لديها.
وأضافت أنه بالنسبة للأفراد الذين يتاجرون في اللحوم بأنفسهم دون تبعية للدولة يمكنهم في هذه الحالة أن يقوم الجزار بنفسه بجميع الأعمال السابقة،لافتة إلى أنه في العديد من المدن الإسلامية كانت تلك المسالخ تنشأ خارج المدن حفاظا على نظافتها.
وقالت"كان للجزارين حوانيت يقومون ببيع اللحوم فيها والتي كانت تعلق على كلاليب(سلاسل) من الحديد من أرجلها وتتدلى رأسها إلى أسفل على غرار الأسلوب الذي نشاهده الوقت الحاضر".
وأكدت انه كان يجب على الجزار أن يتبع أخلاقيات مهمة عن الذبح لتتماشى مع قيم الشريعة الإسلامية ، وعدم الذبح بسكين لأن في ذلك تعذيب للحيوان، كما منع على الجزارين من الذبح على أبواب حوانيتهم حتى لا يتم تلويث الطريق بالدم، والروث.
واضافت انه أوجب المحتسب "المسئول" على الجزار إذا ذبح وقطع من الحلقوم (وهو مجرى النفس) والمريء (وهو مجرى الطعام تحت الحلقوم) ولو ترك من الحلقوم والمرئ شيئا عند ذبحه منها ومات الحيوان أصبح الذبيحة ميتة ولا تعد صالحة لمخالفته لتعاليم الشريعة.
وعن أدوات الجزارين في الذبح، لفتت الأثرية نادية عبد الفتاح إلى أهم تلك الأدوات وهو الساطور، أداة تستخدم كالسلاح ولا غنى عنه فى تقطيع اللحم وتكسير عظم الحيوانات سواء فى المنازل أو القصور أو حوانيت الجزارة وخلال رحلات الصيد، و"القرمة" وهى قاطوع خشبى إسطوانى الشكل له سطح مستو وغالبا ما يرتكز على ثلاثة أرجل خشبية ترفعه عن الأرض وهي أحد الأدوات المهمة داخل حانوت الجزارة والتى يتم تقطيع اللحوم وتكسير العظام على سطحها، حيث تظهر داخل الحانوت خلف الجزار مباشرة.