قبل التهدئة المنتظرة... حسابات المكسب والخسارة من حرب غزة (٢) - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل التهدئة المنتظرة... حسابات المكسب والخسارة من حرب غزة (٢)

نشر فى : الجمعة 8 أغسطس 2014 - 7:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 8 أغسطس 2014 - 7:50 ص

أمَّا من الناحية الميدانية فإن عمليات المقاومة تميزت بالتنوع والابتكار بشكل مثير، ومنها عمليات الإنزال خلف خطوط الجيش الإسرائيلى التى تكررت أكثر من مرة بنجاح كبير، قتل أكثر من سبعين ضابطا وجنديا فى الوقت الذى لا تستطيع فيه إسرائيل أن تعلن أمام شعبها عن خسائر حماس البشرية فالعالم كله لا يرى إلا جثث القتلى من المدنيين خاصة الأطفال والنساء والعجائز.

ومع أنه يمكن بشىء من التجوز القول بأن الجانب الإسرائيلى قد استفاد تكتيكيا من (القبة الحديدية) رغم أن نسبة تصدى القبة لصواريخ حماس لا يتعدى الثلاثين بالمائة، لكن المؤكد أن القبة الحديدية كلفت الحكومة الإسرائيلية خسارة استراتيجية كبيرة، فمن ناحية لا يمكن الحديث عن مقارنة بين تكلفة الصاروخ الإسرائيلى الواحد وبين ما يعترضه من صواريخ حماس رخيصة الثمن، ومع غزارة نيران حماس حتى ولو لم تكن مؤثرة ترتفع كلفة الحرب المستقبلية بشكل مؤلم للجانب الإسرائيلى.

من ناحية أخرى فإن حماية (القبة الحديدية) لمدنيى إسرائيل مع ارتفاع ضحايا الجانب الفلسطينى من المدنيين ورَّط الجانب الإسرائيلى فى أزمة أخلاقية أمام العالم، وكأن إسرائيل تدفع ثمن التفوق التكنولوجى بصورة سلبية.

حجم التعاطف الشعبى العالمى مع القضية الفلسطينية وبخاصة الغربى منها تضاعف بشكل غير مسبوق، وعبرت عنها المظاهرات التى اجتاحت عددا من عواصم العالم الغربى، ورغم محاولات الآلة الإعلامية الغربية الانحياز إلى الجانب الإسرائيلى لكن ما نقلته من صور فظيعة للضحايا على الجانب الفلسطينى، مع محدودية للأضرار الناجمة عن سقوط صواريخ حماس ضاعف من حجم هذا التعاطف.

خسارة إسرائيل إعلاميا لا تعنى أن حماس قد كسبت إعلاميا، ولكنها تعنى أن حجم الوعى الشعبى العالمى بعدالة قضية الفلسطينيين قد ازداد بصورة ملحوظة.

إذ أن الحكومة الإسرائيلية المعتادة على تنفيذ عمليات كهذه ضد القطاع بشكل شبه موسمى، لم تنتبه إلى أن أنظار العالم كانت موجهة إلى منطقة الشرق الأوسط بشكل مكثف فى الآونة الأخيرة تتابع بقلق تدهور الوضع فى العراق ومن قبل ذلك سوريا وليبيا، وهذا من العوامل المهمة التى أفسدت على إسرائيل ما كانت تقوم به فى السابق من قتل وتشريد للفلسطينيين بهدوء ودون صخب إعلامى.

صفحات التواصل الاجتماعى وعلى رأسها الفضاء «التويترى» شهدت أيضا زخما كبيرا للقضية الفلسطينية هذه المرة لاسيما بعد تدشين هاشتاج IsupportGaza الذى سرعان ما أصبح Trend بعد ساعات من تدشينه.

إظهار التليفزيون الإسرائيلى لطرق تل أبيب شبه خالية من المارة قبل التاسعة مساء وهو الموعد الذى حددته حماس لسقوط صواريخها على تل أبيب؛ مثل للمقاومة انتصارا استراتيجيا على صعيدين مهمين، أولهما صعيد الحرب النفسية، لأنه وبغض النظر عن القدرة التدميرية الواهية لتلك الصواريخ لكن خطوة كهذه حملت ثلاث رسائل واضحة: حماس قادرة على انتزاع زمام المبادرة ووضع الخصم فى خانة المنتظر؛ إسرائيل فشلت فى تحديد أماكن إطلاق الصواريخ رغم معرفة توقيت إطلاقها مسبقا ورغم امتلاكها عمليا لسماء الميدان بطائرات استطلاع تغطى قطاع غزة على مدار اليوم.

والمحصلة النهائية أن إسرائيل فشلت فى تحقيق أى قدر من النجاح الاستراتيجى فاستعاضت عنه بأكبر قدر ممكن من التدمير العشوائى كسياسة عقابية لكل القطاع من ناحية، ولشغل حماس بجهود إعادة الإعمار من ناحية ثانية بعد انتهاء العملية، وللتضليل على الرأى العام الداخلى من ناحية أخرى بصنع انتصارات زائفة.