كعادتنا منذ قديم الزمان نظل قابعين فى أماكننا حتى تأتى كارثة لنفيق على إثرها لحظة ونملأ الدنيا صراخا وتصريحات ثم ما نلبث أن نعود كما كنا، ويبدو أننا لم نتعلم من دروس الماضى، ففى كل أزمة نتكلم وندرس ونصرخ على صفحات الجرائد وفى الفضائيات حتى تعوَّد السادة المسئولون على هذه الظواهر فأخذوا يشاهدون ويقرأون ويضحكون دون أن يفعلوا شيئا، وهو ما ينطبق على الكثير من القضايا التى ارهقتنا فى السنوات الماضية فى ظل عدد من القرارات الغائبة، ولكن لا أحد يتكلم ولا مسئول يقرر، حتى تتضخم الحادثة لتصبح قضية ينشغل بها الرأى العام ويناقشها مجلسا الشعب والشورى، وفى كل مرة نسمع الكلام المعسول دون أن يكون هناك قرار صارم لحلها، ولا أعلم إلى متى نظل على هذا الحال ونلعب على الوتر الحساس الذى يعكس طيبة المصريين بعد أن متعهم الله بنعمة النسيان.

وأعود لقضية الفضائيات وتجاوزاتها التى أصبحت خطرا على الرأى العام، بعد أن امتلأت الساحة الإعلامية بالعديد من الدخلاء الذين دخلوا المجال إما لنجوميتهم الكروية أو لقوة علاقاتهم بأصحاب تلك القنوات، وانعكس هذا على أداء الرسالة الإعلامية التى ذابت وسط هذا الكم من المصالح وتصفية الحسابات دون النظر إلى ميثاق الشرف الإعلامى أو وازع من ضمير يحكم القائمين ويوقظهم عند الخطأ، وللأسف ما نقوله اليوم تكلمنا عنه أمس ونكرره غدا دون أن يتحرك مسئول أو يستيقظ ضمير.

وفى كل أزمة نجد من يشعل النار فيها وبدلا من إخماد توتر وعصبية الشارع الرياضى نجد من يزيد الحالة سوءا ويجلس كل منهم على مسطبة الفضائيات التى لا يحكمها أى ميثاق أو يحدد اختصاصها أى قرار، لنسمع ونرى ما لا يجب أن يقال، واتخذ البعض مثل هذه البرامج لتصفية الحسابات وإلقاء الاتهامات دون دليل وتجاوز فى حقوق الغير باللفظ والقول والإشارة إن لزم الأمر، حتى أصبحت الفضائيات كالغابة التى ينهش فيها القوى الضعيف ويتحكم فيها صاحب النفوذ وتحاكى فيها المؤامرات دون أن يكون هناك قانون يحمى من يعيش فيها من بطش هؤلاء، وحان الوقت لأن يتدخل الوزير أنس الفقى ليضع الأمور فى نصابها ويفرض ميثاق الشرف على الجميع لإنقاذ هذا الشعب من همجية البعض وتجاوزات البعض الآخر، فهل يفعلها وزير إعلام مصر أم أننا ننتظر كارثة لنعود من أول السطر؟!