بعد انتخابات الكونجرس.. ماذا سيكون شأن الاقتصاد؟ - محمد العريان - بوابة الشروق
الأربعاء 22 مايو 2024 7:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعد انتخابات الكونجرس.. ماذا سيكون شأن الاقتصاد؟

نشر فى : الإثنين 8 نوفمبر 2010 - 11:41 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 نوفمبر 2010 - 11:41 ص

 بعد أن تقاسم الديمقراطيون والجمهوريون مجلسى الكونجرس، بات من المرجح ترديد الحكمة التقليدية التالية خلال الأسابيع القليلة المقبلة: سوف يفيد الاقتصاد وصول السياسة إلى طريق مسدود. لكن بالرغم من صحة ذلك فى أغلب الأحيان، فالحال ليس كذلك الآن.

إن وصول السياسة إلى طريق مسدود يؤدى إلى إعاقة الإجراءات الحكومية العقيمة أو شلها؛ وعندما تزال الحكومة من الطريق، يستطيع القطاع الخاص توجيه رأس المال نحو المجالات الأكثر إنتاجية. لكن تلك الرؤية تنطبق أكثر ما تنطبق على القطاع الخاص المعافى أى عندما تحظى الشركات والأسر بقوائم ميزانية قوية، وتدفق نقدى إيجابى، وقدرة ائتمانية جيدة. وفى هذه الحالة، تؤدى محدودية التدخل الحكومى إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادى وزيادة خلق الوظائف.

واليوم، هناك العديد من الشركات الكبرى والأسر الغنية التى فى وضع يسمح لها بالمضى قدما، حيث تتوافر لها الوسائل التى تمكنها من الإنفاق وتشغيل العمالة. لكنها مع ذلك تفتقر إلى الرغبة فى أى منهما، كما يتضح من خلال ضخامة حجم السيولة النقدية المتوفرة لدى تلك الشركات والأسر، والمحاولات المستمرة للحد من المخاطر المتعلقة بقوائم الميزانية والحوافظ الاستثمارية.

ويعزو العديد من تلك الشركات والأسر الهوة بين ما تريد القيام به وما تسمح به محفظتها إلى حالة عدم اليقين بشأن الرقابة والضرائب، وغياب الرؤية الاقتصادية الكلية، والفكرة السائدة حول عداء إدارة أوباما للاستثمار. ويحق لهؤلاء الشكوى مما يسميه الاقتصاديون حالة «الريبة فى النظام السياسى» التى تضر بالنشاط الاقتصادى. علاوة على ذلك، يعتقد الكثيرون أن وصول السياسة إلى طريق مسدود يكون مفيدا فى مواجهة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة خلال العامين الماضيين وهى التى يعتبرونها إجراءات مضللة. لكن تلك الرؤية تتجاهل حقيقة واضحة.
يرى عدد كبير جدا من شرائح مجتمعنا أن تلك العوائق التى تحول دون الإنفاق والتشغيل لا تعود إلى عدم الرغبة فى ذلك، بل إلى ارتفاع معدلات البطالة، والقروض المدمرة، وأحيانا القلق بشأن احتمال فقدان المرء منزله. ومازالت الولايات المتحدة ككل تسعى إلى تجاوز ميراث سنوات الإفراط فى الاستدانة والثقة الزائدة على حدها فى تمويل الاستهلاك عبر الاقتراض، وليس الدخل. وتقف أعباء الديون الضخمة الناتجة عن هذا الوضع عقبة فى طريق النمو وخلق الوظائف.

وفى ظل الأوضاع الحالية، يكون لنشاط القطاع الخاص سمات مختلفة. فبدلا من أن يكون هذا القطاع قادرا على المضى قدما دون عوائق إذا انتحت الحكومة جانبا، فهو يواجه فى بلدنا رياحا معاكسة. ومن ثم، لا يتطلب النمو الاقتصادى المرتفع وخلق فرص العمل مجرد إعطاء الفرصة للقطاع الخاص للمضى قدما، بل يتطلب الوصول إلى الكتلة الحرجة، أو ما يطلق عليه لارى سامرز، مدير المجلس الاقتصادى القومى الأمريكى الذى استقال من منصبه مؤخرا، «سرعة الإفلات».

وبالرغم من أن بعض القطاعات الاقتصادية تسيطر على مقدراتها، فإن القطاع الخاص ككل ليس فى وضع يسمح له بذلك، حيث يحتاج إلى تجاوز تبعات «العصر العظيم» الذى اتسم بالاستدانة والقروض واستحقاقات الائتمان، وما يرتبط بذلك من ارتفاع البطالة الهيكلية. وتتزايد أهمية تجاوز تبعات ذلك العصر فى ظل سرعة تطور الاقتصاد العالمى، حيث تفقد الولايات المتحدة كل يوم جزءا من قوتها الاقتصادية والسياسية لمصلحة بلدان أخرى.

ويمكن القول بوضوح إن هذه الحقائق تجعل من الضرورى بالنسبة لواشنطن أن تقاوم وصول السياسة إلى طريق مسدود خلال العامين المقبلين. ويجب على الجمهوريين والديمقراطيين الالتقاء عند منتصف الطريق، بهدف تطبيق سياسات للتعامل مع أعباء الديون والجمود الهيكلى. ويحتاج الاقتصاد إلى شجاعة سياسية من أجل تجاوز النفعية والتوصل إلى حلول طويلة المدى حول إصلاح قطاع الإسكان، وإقرار قواعد متوسطة المدى بخصوص الموازنة، وإجراء إصلاحات ضريبية تؤدى إلى زيادة النمو، والاستثمار فى البنية التحتية المادية والتكنولوجية، والتدريب الوظيفى، والمزيد من دعم التعليم والبحث العلمى، وإيجاد شبكات أفضل لحماية القطاعات الاجتماعية الأضعف.

ويتطلب النجاح اتخاذ أساليب تجريبية فى صياغة السياسات المختلفة، إلى جانب ضمان تحديد وتطبيق التغييرات اللازمة فى الوقت المناسب. ويجب أن تغطى هذه الجهود رؤية اقتصادية شاملة تعمل كمغناطيس جذب للتغيير على المستوى القومى، وتقاوم التوترات الدولية المتصاعدة، وتسهل على المزيد من التعاون الاقتصادى العالمى. ولا تعتبر هذه المهام سهلة، حيث لن يكون سهلا ترجمة الاختلافات السياسية الضخمة إلى رؤى وتحليلات وخطاب عام مشترك. لكن كلما تأخرنا فى ذلك كانت حاجتنا أكبر إلى المزيد من الجهود من أجل استعادة ميراثنا القائم على الديناميكية الاقتصادية التى لا مثيل لها، والقدرة النشطة على خلق الوظائف، والقيادة العالمية.

محمد العريان محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين فى مؤسسة إليانز، وعضو لجنتها التنفيذية الدولية، وهو رئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس باراك أوباما. شغل سابقا منصب الرئيس التنفيذى والشريك الرئيسى التنفيذى للاستثمار فى شركة بيمكو.
التعليقات