قلق الأسواق من أن تسفر الانتخابات البريطانية عن الشىء الخطأ - محمد العريان - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قلق الأسواق من أن تسفر الانتخابات البريطانية عن الشىء الخطأ

نشر فى : الجمعة 8 مايو 2015 - 9:10 ص | آخر تحديث : الجمعة 8 مايو 2015 - 9:10 ص

قد يدهشكم ما قد تسفر عنه للانتخابات البريطانية من آثار محتملة على الأسواق.

صحيح أن الأسواق يمكن أن تتفاعل، مبدئيا على الأقل، مع ما تفهمه حاليا على أنه نتائج مختلفة للسياسات الاقتصادية وعضوية الاتحاد الأوروبى، بناء على من ينتهى به الحال وقد حكم، والشكل الذى سيحكم به. لكن من المرجع أن تأتى المفاضلة الأكثر بقاء من عامل أقل تقديرا، وهو المقاربات المختلفة فى اتجاه صناعة الخدمات المالية التى يتعين عليها الآن استعادة مصداقيتها عقب انكسارات الأزمة المالية العالمية.

بشكل سطحى على الأقل، يقترح برنامجا حزبى المحافظين والعمال مستقبلا مختلفا للإدارة الاقتصادية. ومع ذلك فإن قدرتهم على تنفيذ سبلهم يخضع لقدر كبير من القيود السياسية والاقتصادية.

ومع عدم خروج أى الحزبين من الانتخابات بانتصار ساحق، سيكون هناك مجال محدود للتغييرات السياسية الجذرية. وفى الوقت نفسه، لا يرغب أى منهما فى المخاطرة بتعافى اقتصادى مذهل بشأن خلق فرص العمل، لكنه يتعين عليه، بناء على بيانات إجمالى الناتج المحلى فى الأسبوع الماضى، خلق جذور آمنة.

وبدلا من التغييرات الكبيرة فى الإدارة الاقتصادية، فإن ما يرجح أن يلى فى معظم سيناريوهات ما بعد الانتخابات هو فقط بعض التعديل للمقاربة الحالية. وسوف يشمل ذلك تخفيف بعض سياسات التقشف والإجراءات الهيكلية الهامشية لتعزيز القدرة الإنتاجية والنمو الاقتصادى. وفى الوقت نفسه فإنه بدون بعض الشراكات المتطرفة التى ستشمل أيا من الحزب الوطنى السكوتلندى أو حزب الاستقلال البريطانى فى دور حاسم، من المرجح أن ينتهى الأمر بالحزبين الرئيسيين وقد أصبحت لهما مقاربتان متشابهتان للهجرة والسياسة الخارجية ـ على الأقل متشابهتان بما يكفى للأسواق المالية.

تبدو الفجوة أكبر عندما يتعلق الأمر بالاتحاد الأوروبى. فكما وعد المحافظون بإجراء استفتاء بشأن البقاء فى أوروبا إن هم عادوا إلى داوننج ستريت، فسوف يجلب فوزهم فى البداية قدرا أكبر من عدم اليقين إلى السوق. وبالقضاء على قدرة الشركات البريطانية على الوصول إلى هذه السوق الكبيرة، سوف يُضْعِف الخروجُ أرباحَ الشركات. وسوف يتدنى أداء الأسهم بينما تتسع هوامش السندات فى حين تتعرض أسعار الأسواق للخطر وسط تقلب أعلى للسوق.

ومع ذلك فليس مرجحا إلى حد كبير أن يؤدى هذا الاستفتاء إلى خروج المملكة المتحدة. والأمر الأرجح هو أن يتم التصويت بعد أن يكون رئيس الوزراء ديفيد كاميرون المعاد انتخابه قد ضمن تنازلات من شركاء الاتحاد الأوروبى ــ وهو ما لا يكفى من الناحية المادية لتغيير أداء السوق المشتركة لوظيفتها، لكنه يكفى لجعل المحافظين ينضمون إلى الأحزاب الأخرى فى حث الناخبين على اختيار مواصلة عضوية الاتحاد الأوروبى. وفى هذه الظروف، من المرجح أن يختار الناخبون البريطانيون البقاء فى الاتحاد.

الواقع أن أكبر اختلاف متوقع، وهو الاختلاف الذى سيكون له أكبر أثر على الأسواق المالية، لا وجود له.

من المرجح أن تتبنى حكومة العمال مقاربة أقل ليونة نحو صناعة الخدمات المالية التى يتعين عليها التغلب على قدر هائل من انعدام الثقة داخل المجتمع. وسوف تكون أكثر عرضة لتنظيم أكثر تضييقا، وستكون هناك قيود على الدفع والسعى لرفع سلسلة من القضايا الكبيرة ضد الشركات المسيئة. وسوف تدخل فى جدل ساخن مع الشركات التى تهدد بنقل مقارها إلى خارج المملكة المتحدة، كما أنه سيكون أقل ميلا من حزب المحافظين لمقاومة التعدى التنظيمى الأوروبى الزاحف على عمليات المؤسسات المالية ومخاطرتها.

وبينما يؤدى هذا كله إلى مزيد من انكماش القطاع المالى، فسوف تحدد الأسواق الأسعار فى علاوات المخاطر الأعلى بالنسبة للسندات والأسهم بسبب السيولة المستقبلية الأدنى ــ أى قيود أكثر تضييقا على المتعاملين ــ السماسرة الذين يقومون بمخاطرة كبيرة مضادة للدورة الاقتصادية، بينما يرغب المستثمرون النهائيون فى إعادة موضعة أنفسهم وسط تغييرات للأسس فى أماكن أخرى. وقد يكون هذا التعديل واضحا إلى حد كبير بناء على المدى الذى بلغته الأسواق، التى يسيطر عليها وهم السيولة، فى تخفيض سعر عامل المخاطرة الذى يخضع لكل من التدهور طويل المدى والهيكلى. وحينئذ سيكون محتما أكثر على الحكومة أن تفى بالإجراءات اللازمة على نحو مفيد لتعزيز النمو وإجازة أسعار الأصول المالية المرتفعة، بما فى ذلك استثمار البنية التحتية الإنتاجية والإصلاح الضريبى. والبديل هو أسعار الأصول التى تميل إلى الأسس الأدنى وتتجاوزها وتخاطر بتلويث الاقتصاد العام.

فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة، الأسواق المالية أقل قلقا مما يشيع ظنه بشأن القضايا الاقتصادية التقليدية وقضايا الاتحاد الأوروبى. وما ينبغى أن تفعله بدلا من ذلك هو الوقاية من التسعير الضخم الأدنى من القيمة لمخاطر السيولة، وهى ظاهرة واضحة بالفعل قد تثبت أنها مفاضل مهم عند تقييم آثار الانتخابات.

تم نشر المقال فى جريدة فايننشال تايمز البريطانية

محمد العريان محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين فى مؤسسة إليانز، وعضو لجنتها التنفيذية الدولية، وهو رئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس باراك أوباما. شغل سابقا منصب الرئيس التنفيذى والشريك الرئيسى التنفيذى للاستثمار فى شركة بيمكو.
التعليقات