بلا شماتة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 11:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بلا شماتة

نشر فى : الثلاثاء 9 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 يوليه 2013 - 8:00 ص

ما أبعد الليلة عن البارحة، فمنذ أيام، ظهر المذيع المحتقن وهو يستمع، مستمتعا، منتشيا بوصف مقتل المصرى، الشيعى، حسن شحاتة، ولم يفت المذيع أن يتحدث، بكراهية، عن الرجل المسحول، وأخذ ينعته بأبشع الأوصاف، وكأن الجريمة التى وقعت من الأمور التى تبعث على الغبطة.

 

انفعال المذيع، لا يدخل فى باب الأخطاء المهنية، ولكن يعتبر خفوتا فى الحس الإنسانى، والأخلاقى.. وفى مساء الأحد الماضى، عقب الإطاحة الشعبية بمرسى، ظهر شريط مسجل بتليفون محمول، يتضمن القبض على العاملين بالقناة، بما فى ذلك المذيع المذكور.

 

القناة، اسمها «الناس»، والمذيع هو خالد عبدالله، المتحمس، الملتهب دائما.. وعلى ذات المنوال جرى إغلاق قناة «25» يناير، والقبض على مذيعها الخائب، نور الدين عبدالحافظ، المعروف بـ«خميس» حسب تسمية باسم يوسف.. نور، أو خميس، ضعيف الإمكانات، الغلبان، درج على هجاء المذيعين الآخرين، ووصفهم بالسحالى والفئران، وفى الوقت الذى قام فيه «السحالى والفئران»، بإدانة القتل المشين للمصريين الشيعة، بدا «خميس» راضيا عما حدث.

 

اللهم لا شماتة، بل ربما كان فى القبض على المذيعين السيئين ما يبعث على الشفقة إن لم يكن الأسى، وأيا كانت المواقف تجاهها، فإن الأهم هو تفسير روح الكراهية، المتسترة بادعاءات دينية، ضد إخوة الوطن، فالمذيعان المنطفآن، ليسا سوى نتاج مناخ ثقافى وسلوكى، يتهاوى للحضيض، روجته ومارسته، المجموعة الضالة، الحاكمة، خلال عام، بما فى ذلك رئيس ضيق الأفق، لم يستطع الخروج من العباءة الضيقة، المهلهلة فكريا ووجدانيا، لجماعته وعشيرته.. ولعل ما شاهده الجميع، ليلة «نصرة سوريا» فى الصالة المغطاة بالاستاد، يعبر ببلاغة عن فقدان بوصلة التصرف السليم عند صاحب المنصب الرفيع، ربان السفينة، وبالتالى لم ينتبه، أو لم يعرف، أنه المسئول عن كل ركابها. يجدر به الدفاع عنهم جميعا، ولتوضيح الأمر، بتذكر الواقعة التالية: فى أحد الاجتماعات، جلس جمال عبدالناصر يستمع، ومع آخرين، لرجل يتحدث عن ملابس طالبات الجامعة.. كانت الأجواء مرحة، ولطيفة، إلى أن قال الرجل، باستخفاف، إن البنت حين تنحنى، بفستانها أو جونلتها القصيرة «حالها يبان».. عندئذ انتفض عبدالناصر، وبحزم، أوقف الرجل قائلا «عيب.. عيب.. عليك.. أنت تتحدث عن بناتنا جميعا.. عيب».

 

قارن بين هذا الموقف، وذاك الصمت المؤازر لخطابات الكراهية التى يلقيها ذوو الجلابيب البيضاء واللحى الكثيفة، والتى تصف فصيلا من الشعب بـ«الأنجاس»، وتطالب بقطع دابرهم.. «الرئيس.. لم يعلق» ولم يرمش له جفن.. وكأنه يوافق على تلك الكلمات الحبلى سفاحا، والتى تلقفتها قنوات تليفزيونية وأخذت تروجها، مما أدى إلى جريمة القتل المروعة، لعدد من إخوة الوطن.

 

جاءت لحظة تصفية الحساب: الرئيس المهمل، المذيعان البائسان، وغيرهم، فى طريقهم إلى السجن. وإذا كان من المهم أن نبتعد عن الشماتة، فإن الأهم أن تروج وسائل تواصلنا إلى قبول الاخر، وأن نقضى على روح الضغينة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات