وعن ثقافة الانتصار مرة أخرى - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وعن ثقافة الانتصار مرة أخرى

نشر فى : الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 7:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 7:40 ص

(1)

واحد وأربعون عاما بالتمام والكمال مرت على أعظم انجازاتنا فى العصر الحديث، وبدلا من أن يتحول الإنجاز إلى (بصمة وراثية) تنتقل فى أجيال المصريين بتلقائية، يحدث العكس تماما فيتناقص شعورنا بالنصر ويختزل إنجازنا الضخم فى صورة احتفالية لن تلبث بدورها أن تخفت بمرور الأيام!

وفى الذكرى الحادية والأربعين لانتصار ننساه بمحض إرادتنا، ويا للعجب تنحسر قليلا (موجة) الإنكار الإسرائيلى السائدة خلال السنوات العشر الأخيرة لحقيقة الانتصار المصرى الكاسح... وكأن القدر يرثى لحالنا ويسعى بشتى الطرق لإقناعنا بأسطورية ما تحقق!

فقد أتت مقابلة صحيفة يديعوت أحرونوت المطولة مع إيلى زعيرا رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية «أمان» إبان حرب أكتوبر، لتؤكد ليس فقط التفوق منقطع النظير بل استحقاق المصريين «نيشانا» وفق تعبير زعيرا!

يقول زعيرا: («أمان» كانت تعتقد أن المصريين مهتمون بالوصول إلى خط المضايق فى وسط سيناء، وهذا يحتاج إلى خمسة أسراب جوية قتالية وأسلحة أخرى لم يكن المصريون يمتلكونها... خطط المصريين وصلت إلى المخابرات العسكرية الإسرائيلية، لكننا لم نكن نعرف أن هذه الخطط كانت كاذبة، أو تغيرت على الأقل ولهذا يستحق المصريون «نيشان»)!

•••

(٢)

بضعة أفلام لا تتجاوز أصابع اليدين تناولت الحرب إما بسطحية لا تناسب جلالة الحدث أو من منظور اجتماعى أو عاطفى لا يبرز حجم العبقرية التى تجسدت فى التخطيط والتحضير والتنفيذ.

ثم دوامة لا نهاية لها من الأخذ والرد بين كل أطراف الصنعة الفنية نعيشها سنويا كلما تحسر أحدهم على مشروع إنتاج ضخم لفيلم عالمى يؤرخ لحظات إعداد وتنفيذ الملحمة!

قارن ذلك بركام هائل من أجود أعمال (هوليوود) وأشدها إتقانا كيف جسدت بطولات (مدعاة) للحلفاء فى الحرب العالمية الثانية.

•••

(٤)

وأجيال كاملة بالكاد تعرف أن مناسبة (ما) يرتبط ذكراها بالسادس من أكتوبر سنويا، ولو أجرينا استطلاع رأى بسيطا على عينة عشوائية من شباب المدارس والجامعات نسألهم عن طبيعة انتصار أكتوبر لهالتنا نتائج تفضح السطحية وضحالة المعلومات فضلا عن اللامبالاة وضعف الانتماء.

لا يتخيل طلبة هذه الأجيال من المبهورين بأساطير (المارينز) وبطولات (سبايدر مان)، أن القاهرة تحدت يوما من الأيام العالم بأسره حقيقة لا مجازا واستطاعت كسر الحالة المفروضة عليها بدون مساعدة تذكر من شرق أو غرب.... وهم معذورون فى ذلك فإن بضعة أسطر فى مناهج التاريخ المقررة على مجموع السنوات الدراسية الأساسية لا تصلح بأى حال من الأحوال لجذب انتباه أجيال مواقع التواصل الاجتماعى والحاسبات الكفية.

لماذا لم نفكر حتى الآن فى تدريس حرب أكتوبر على صورة كتيب صغير منفصل يحوى أسماء الأبطال كل الأبطال وتفاصيل بطولاتهم وما سبق الحرب من تدريب شاق متواصل متوازيا مع الإصرار على استنزاف قدرات العدو طيلة ست سنوات كاملة.

•••

(٥)

بطولات رجال المخابرات المصرية فى تلك الحقبة لم يكشف عنها إلا فى بضع مقالات متفرقة خط أغلبها الروائى البوليسى الشهير د.نبيل فاروق بجهد فردى، ولم يعد من اللائق أن تظل هكذا مبعثرة دون عناية حقيقية أو دون تجميع مستقل.

وعلى رأس هؤلاء كان (السادات) نفسه، والذى تحمل ما لا يتخيله أحد من السخرية والنكات والسباب، بل وتعمد أن تكون صورته لدى الصحافة المصرية والعالمية مثالا على التردد والإحجام والتراخى والجبن إحكاما لخطة التعمية المدهشة.

•••

متى يتحول نصر أكتوبر إلى ثقافة شائعة بين المصريين تحويها مناهجهم التعليمية ويلقنها أبناؤهم منذ نعومة الأظافر؟