وجهة وطنأن تكون مفكرًا... سهلٌ جدًّا! - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وجهة وطنأن تكون مفكرًا... سهلٌ جدًّا!

نشر فى : الجمعة 14 نوفمبر 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الجمعة 14 نوفمبر 2014 - 8:15 ص

سهل جدا أن تزين حديثك بكلمات على غرار «تنوير ـ ثقافة ـ فن ـ تقدم ـ فكر ـ خفافيش الظلام ـ أعداء الحرية ـ إلخ» لتروج على البسطاء تشبعك ثقافة وامتلاكك مشروعا نهضويا أو فكريا.. فإذا ما أنصت المنصف العاقل لكلامك دقائق معدودات أدرك افتقادك للقدرة على سوق المعانى المنطقية أو حتى على الحديث بشكل مرتب وموزون!

وسهل جدا أن تذكر فى طيات حديثك ـ غير المرتب ولا المنطقى ـ أسماء رنانة ـ هكذا أيضا تظنها ـ على غرار محمد عبده، طه حسين، إلخ فيظن البسطاء أنفسهم أنك قرأت لهؤلاء وسبرت فلسفتهم واستطعت البناء عليها بما يصلح للناس حياتهم.. فإذا ما سألك المنصف العاقل عن أسماء مؤلفات واحد من هؤلاء أو عن رأيه فى قضية بعينها لأدرك من تلعثمك واتساع حدقتى عينك ولفك ودورانك وتطاير همهمات غير مفهومة من بين شفتيك، أنك حتى لم تمر على غلاف كتاب خطّه أحدهم، فضلا عن أن تكون بصيرا بما انتهوا إليه.. أقصد فضلا عن أن تكون ممن يحسن القراءة أصلا!

وسهل جدا وأنت تدعى مواجهة الفكر بالفكر أن تمارس كل مظاهر الإقصاء والعنصرية وفاشية الصوت الواحد وتصادر على كل حق للرد أو النقاش فى الوقت نفسه الذى تملأ فيه الدنيا صياحا عن «تعصب» الآخر، و«عنصرية» الآخر، و«فاشية» الآخر، ولا تبصر من نفسك التناقض المذهل، التناقض الفج، التناقض المضحك!

وسهل جدا بعد ذلك أن تستضيفك القنوات الفضائية وأن تُفرد الصحف لك مساحات لاستعراض عبقريتك التنظيرية.. آآ معذرة أقصد لاستعراض شعاراتك الرنانة ومحاورك لا يقل عنك موهبة ولا ثقافة يهتز نشوة وأنت تمطره بكلمات «تنوير ـ ثقافة ـ ظلام ـ فكر ـ دواعش ـ تكفير إلخ.. وليس بعيدا أن يقدمك للناس بعد ذلك بالمفكر، المثقف، المناضل.. إلخ»!

الأسهل من ذلك كله أن تدعى بعد ذلك أنك ضحية للإرهاب الفكرى والفاشية الدينية إذا ما أظهر أحدهم تهافت أفكارك ــ مع ألم شديد يعتصرنى وأنا أصف السُخف بالأفكار تجوزا ــ أو سخر من غرابة ألفاظك وركاكة حديثك ـ مع خجل ينتابنى وأنا أصف الحوار السوقى بالحديث تجوزا ـ أو أضطر مرغما مكرها على تفنيد بعض حججك الواهية ـ مع نوبة ضحك تشتملنى وأنا أصف الهراء بالحجج تجوزا أيضا!