هل المحمول والفياجرا من علامات الساعة؟ - عصام رفعت - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 10:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل المحمول والفياجرا من علامات الساعة؟

نشر فى : الخميس 16 أكتوبر 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الخميس 16 أكتوبر 2014 - 7:55 ص

أستاذنا المرحوم الدكتور زكى شافعى العميد المؤسس لكلية الاقتصاد كان يدرس لنا مادة اسمها التنمية الاقتصادية كان ــ رحمه الله ــ أستاذا ومحاضرا من الطراز الأول لا نملك إلا الإنصات إليه بلهفة واهتمام ولا أذكر أننى استعنت بكتاب أو كتابة محاضراته فقد كان يكفى حضور المحاضرة والاستماع إلى شرحه فيحفر فى الذهن على الفور.

كانت المادة التى يدرسها لنا هى التنمية الاقتصادية وفى أولها يشرح أسباب التخلف وكيفية الخروج من براثنه ثم نظريات التنمية من التنمية الجزئية إلى التنمية الشاملة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكان يقول لنا لا يمكن ان تكون هناك تنمية اقتصادية بدون تنمية اجتماعية وكان ضرب لنا أمثلة عديدة على التخلف الاجتماعى لجهود التنمية منه مثلا عدم احترام الوقت والزمن فمثلا شخص يقول لآخر حاعدى عليك بعد الضهر ودون ان يحدد توقيتا محددا كذلك من يقول حاعدى عليك بكره دون أن يحدد وقتا محددا كذلك الحديث فى التليفونات حيث يبدأ المتحدث حديثه بكلام بعيد عن الموضوع وبعد عدة دقائق يقول الموضوع كذا وكذا فى ثوان معدودة. كذلك كان يشير إلى العادات الاجتماعية السيئة والتى تقلل معدل الادخار فى البلاد المتخلفة منها أثر التقليد حيث يعمد الناس إلى تقليد بعضهم البعض فى استهلاك السلع حتى ولو لم يكونوا قادرين على شرائها فمثلا من الممكن ان يحدث أحيانا أن الجار يقلد جاره الذى اشترى جهاز تليفزيون كبيرا وكذلك تقلد السيدات بعضهن البعض فى اقتناء الأساور الذهب، كذلك كان العميد يحدثنا فى معرض تلك العادات المناوئة للتنمية عن عادة اكتناز الأموال فى البيوت وعدم إيداعها فى البنوك وهو ما يسمى تحت البلاطة والتى تحرم البلاد جزءا كبيرا من المدخرات.

كانت تلك السمات الاجتماعية للتخلف تعد إحدى الظواهر التى جمع البلدان المتخلفة ولكن العصر الحالى والعولمة قد أدت إلى بروز عوامل أخرى من شأنها ليس مجرد الإبقاء على تخلف البلاد ولكن أيضا ضياع مواردها فى الهواء.

وحتى نتفهم ذلك نذهب سريعا إلى الدول المتقدمة ونلاحظ على وجه التحديد عدة أمور أولها شدة احترام الوقت والمواعيد وثانيها اختفاء إعلانات الفياجرا من الصيدليات وثالثها أنه من النادر أن تلاحظ شخصا يتحدث فى المحمول فى الشارع أو يضع السماعات فى أذنيه إلا إذا كان عربيا.

وهنا عندنا إذا مررت أمام اية صيدلية تصدم عينيك فورا إعلانات الفياجرا وما شابه وكذلك معظم الناس فى كل مكان مشغولون بالمحمول الذى يحملونه فى أيديهم, وكلا الأمرين يمثلان أحد أشكال التخلف الاجتماعى فإذا كانت الفياجرا دواء يصرف من الصيدليات فإنه لا يحتاج إلى هذه الكثافة الإعلانية. ولكن يبدو أن عمليات التسويق والإعلانات لهفت من مصر العام الماضى مليار دولار أنفقها الناس على الفياجرا وهذه واحدة من سمات التخلف الاجتماعى حيث تسود قيم معينة وتعلو على اهتمامات أخرى أكثر نفعا للوطن والمواطن، أما الإفراط فى استخدام المحمول فهو أحد علامات الفراغ والتبطل. وأن الوقت كله ضائع إما فى كلام فى الهواء أو الانشغال بالألعاب على الموبايل دون أن تشغل الناس أو أن ينشغلوا بأشياء أهم بل بعضهم فقد تركيزه فى العمل وانجاز شئون الناس.

التنمية الاقتصادية والتقدم وتحسين أوضاع المعيشة ومواجهة البطالة والتخلف ليس فقط بالأموال والاستثمارات والمشروعات ولكنها بتغيير عادات الناس وسلوكياتهم فى العمل والإنتاج وفى الاستهلاك والالتزام والجدية، اللهم إلا إذا كانت إعلانات الفياجرا والاستخدام الواسع للمحمول من علامات الساعة وهنا نقول لا حول لنا ولا قوة.

عصام رفعت من ابرز الكتاب الإقتصاديين فى مصر والوطن العربى ، عمل رئيسا لتحرير الأهرام الإقتصادى ومقدما لبرنامج المنتدى الإقتصادى بالتليفزيون وشارك فى العديد من المؤتمرات المحليه والعربيه والدوليه وله العديد من المقالات بالأهرام والصحف العربيه والدوريات العلميه.
التعليقات