تسامح.. عبدالرحمن - شريف عبد القادر - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 7:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تسامح.. عبدالرحمن

نشر فى : الثلاثاء 19 يوليه 2016 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 يوليه 2016 - 9:05 م
قادتنى الصدفة لمشاهدة الشوط الثانى لمباراة الزمالك وصن داونز الجنوب افريقى فى احد الأندية الاجتماعية، بصحبة صديقى سامر عبدالله، وجمعتنا الشاشة العملاقة مع عديد الأسر والشباب والأطفال يسيطر عليهم الترقب والقلق والتوتر، والنتيجة متعادله بين الفريقين.

وكان يجلس امامنا طفل جذب انتباهى له، «تصفيقه» متحمسا لكل فرصة خطرة للضيوف يتصدى لها احمد الشناوى، وانفعاله حزنا مع كل هدف ضائع لأصحاب الزى الأبيض، فهمست فى اذن سامر، «واضح انه زملكاوى متعصب»، ورد سامر بصوت مسموع «ان شاء الله الزمالك يفوز عشان جماهيره تفرح»، وهنا التفت الطفل الينا وقال: «على فكرة انا اهلاوى»، وبدهشة بادرته بالسؤال التقليدى «وبتشجع الزمالك ليه يا حبيبى وانت اهلاوى»، وجاءتنى الإجابة سريعا ودون تفكير «ياعمو عندنا فى منهج العربى درس بعنوان الرياضة تسامح». وانتابتنا «قشعريرة» مصحوبة بابتسامة استغراب وصدمة اعجاب من رد الطفل عبدالرحمن، الطالب بالصف الخامس الابتدائى بمدرسة حسان بن ثابت التجريبة بمدينة نصر، وللأسف انتهت المباراة بهزيمة اصحاب الأرض، والحزن خيم على الحضور وخاصة عبدالرحمن.

وروايتى لهذا المشهد عزيزى القارئ، ليس طلبا للتسامح بين جماهير الكرة «المنفلتة» فى المدرجات وثأرهم من مقاعد ومنشآت الملاعب، وقرار منعهم من حضور المباريات، ولا طلبا لعودتهم للمدرجات التى طالما اقتحموها بقرار منهم، وعلق عليه مراسل الـ «بى. بى. سى» حين حضر لمتابعة مباراة فى بطولة الدورى المصرى «وقال بعدما منع من الدخول رغم دعوته من النادى المنظم للمباراة» يبدو ان قرار منع الجمهور «سرى للغاية».

ايضا لم اقصد ان اهديك عزيزى القارئ درسا فى معنى كلمة التسامح، ولا هى دعوة لتشجيع الآخر فى المدينة الفاضلة، فجميعنا يعلم ان مشجعى البارسا لا يتمنون فوز ريال مدريد ببطولة الصداقة الإسبانية، ومشجعى المارينجى لا يتمنون فوز برشلونة بالدورة الصيفية التى تقام سنويا على ساحل المتوسط، وهذا حال مشجعى الكرة فى كل الدوريات، فلن يتمنى جمهور البلوز فوز جوزيه مورينيو بالدورى الإنجليزى مع المان يونايتد، كونه معشوقهم وصانع انجازات تشيلسى محليا فى السنوات الأخيرة.

وانما قصدت بروايتى لدرس التسامح الذى تأثر به عبدالرحمن، عله يكون بادرة امل فى اصلاح منظومة تعليمية «خربة» بفعل الظرف الاجتماعى والاقتصادى والإدارى وتعداد السكان المتزايد والمتكدس فى 10 % من مساحة المحروسة، وتراكمات لأنظمة فاشلة أدارت العملية التعليمية دون مراعاة لقدرات الطفل المصرى، او تأهيل المعلم وتحسين راتبه، او تطوير المناهج الدراسية بما يتواكب مع التقدم التكنولوجى الهائل، ولا حال الأسرة المصرية التى تصرف على الدروس الخصوصية «فقط» ما يزيد على 3742 جنيها شهريا فى الحضر، وما يزيد على 1900 جنيه فى الريف، وهو ما يمثل 42 % من متوسط دخل الأسرة، وهو آخر احصاء للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بعدما بات «السنتر» ملاذ الطالب المتفوق والمتوسط الضعيف، فى غياب دور المدرسة.

اخيرا.. درس عبدالرحمن عن التسامح.. جرس انذار لنا جميعا.
شريف عبد القادر كاتب صحفي وناقد رياضي
التعليقات