فبراير الأسود - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 11:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فبراير الأسود

نشر فى : الأربعاء 20 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 20 مارس 2013 - 8:00 ص

قصته بسيطة، تخلو من الأحداث الكبيرة، والمفاجآت تعتمد على رصد حالة، والفيلم فى هذا يعتمد على متابعة تغيرات تتوالى على عواطف أعضاء عائلة مصرية، تحب وطنها وتخلص له، شأن معظم الأهالى.. ولكن، بسبب خلل الأوضاع، تهتز مشاعر العائلة، وتقرر الرحيل إلى بلاد بعيدة، أملا فى حياة كريمة، وبينما تنتهى محاولتها بالفشل، تندلع مظاهرات تطالب بسقوط النظام.

 

كاتب الفيلم، ومخرجه، محمد أمين، صاحب أسلوب خاص، يجنح للكوميديا السوداء، ويستطيع، بمهارة، التعبير عن المواقف المؤلمة، التعيسة، على نحو ضاحك، يفيض بالسخرية، ويتسم بخيال يكاد يقربه من الفانتازيا الخلابة، وإن جاءت، أحيانا، بعيدة عن المقصود منها، وربما تأتى كاستطرادات لا طائل من ورائها.. هنا، عن طريق الراوى، بصوته الحميمى، نتعرف على رب الأسرة، الدكتور حسن، أستاذ علم الاجتماع، بأداء خالد صالح الذى تعشقه الكاميرا، جالسا على كرسى فوق سطح فيلته، منتشيا، بفوز الدكتور زويل بجائزة نوبل، ناظرا بمحبة واحترام إلى العالم المصرى. فى مشاهد تالية، أمام طلبته فى مدرج بالجامعة، يفتح لهم نوافذ الأمل.

 

د.حسن، رجل ناجح، ميسور الحال، يعيش حياة ناعمة، له زوجة طيبة وابنة جميلة، ميار الغيطى، يشاطره الفيللا شقيقه، دكتور الكيمياء، طارق عبدالعزيز، الذى حول بدروم الفيللا إلى معمل مخللات، تشاركه فيه زوجته، التى تستخدم القوارير والسحاحات فى ضبط درجة التخليل، وهما يملكان عربة لنقل منتجاتهما، مكتوبا عليها «طرشى نيوتن». العائلة تعيش فى وئام، برغم متاعب شقيقتهما العصبية «سميحة»، بأداء متوازن، متفهم، من ألفت إمام.. بالإضافة إلى ذلك الإزعاج الذى يسببه مقهى أمام الفيللا، أقرب إلى الملهى الليلى، تعقد بداخله اتفاقات مشبوهة، لا نعلم عنها شيئا، وبالتالى، يفوت الفيلم على نفسه فرصة الكشف عن جوانب فاسدة فى نظام يدفع د.حسن إلى الهجرة خارج الوطن، وهى الفكرة التى تأتيه إثر واقعة تقلب قيمه رأسا على عقب، فأثناء رحلة إلى الواحات، تهب عاصفة رملية تكاد تدفن الجميع، عائلة حسن، وعائلات أخرى.. بعد فترة تأتى عربة إنقاذ، لا تتسع إلا لعدد قليل، تأخذ أسرة ضابط، وتعود لتنتشل أسرة أحد القضاة، ولا تعود مرة أخرى، كأن أهل العلم لا قيمة لهم.. ووسط أصوات عواء الذئاب، وفى أجواء الليل والرعب، تنفرج الأزمة بفضل بعض الأعراب.

 

هذه الواقعة، قد تكون مؤثرة فعلا، لكنها أقل من أن تصبح تكئة تبرر قرار الأستاذ الفاضل بأن يغدو انتهازيا، وبلا هوادة، يلغى خطبة ابنته لشاب مجتهد فى البحث العلمى، ويوافق على اقترانها، مبدئيا، بضابط أمن دولة، منتدب لرئاسة الجمهورية، ولسوء حظ د.حسن، يفاجأ بأن العريس من الشرفاء، يتم استغناء النظام عنه، لأنه رفض تلفيق قضية، وبالتالى، يفسخ دكتور حسن خطبته. وذات الأمر يتكرر مع خطيب آخر، ويبدو الفيلم كما لو أنه يدور فى دوائر مفرغة، فالمواقف تتراكم على نحو رتيب، من دون أن يتقدم للأمام، مما يؤدى إلى ترهل العمل، خاصة أن المؤلف، المخرج، وقع فى قبضة الاسكتشات التى قد تكون لطيفة فى حد ذاتها، لكنها زائدة عن الحاجة، وبعضها يتسم بخيال سقيم، لا يتوافق مع طبيعة الشخصيات، فمثلا، يتفتق ذهن الرجل العاقل، أستاذ الاجتماع، عن فكرة الادعاء أنه، وأسرته، من الشواذ جنسيا، ويطالبون بحق اللجوء إلى دولة أوروبية، وها هو، مع الآخرين، يضعون باروكات فجة، على رؤوسهم، ويطلون وجوههم بأصباغ منفرة.

 

«فبراير الأسود» عنوان يحمل أكثر من معنى، يتطلب أكثر من تفسير، لكن المؤكد، أنه عمل مصنوع على عجل، يلمع جزئيا، للحظات، ويشتت نفسه، فى معظم الأوقات.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات