زادت انتهاكات أجهزة الشرطة عن الحد، وتصاعدت موجة ارتفاع الأسعار فوق طاقة غالبية البشر، وغابت الرقابة بشكل ملحوظ، والرئيس السيسي يسأل: "ليه المصريين مش حاسيين بالإنجازات"؟
ارتفع منسوب الفساد والمحسوبية بشكل فاضح، وسُمح بالتلصص على الحياة الخاصة وبث الأسرار على الهواء مباشرة، والرئيس السيسي يُكرر السؤال ذاته مرتين في 48 ساعة: "الناس مش حاسّة بالمشاريع الجديدة ليه؟
معلوم أن حجم الإنشاءات التي تجري في مجالات الإسكان، والبنية التحية، لا ينكرها إلا ذو غرض، لكن ملحوظ أيضا أن حجم تكريس النظام للفشل بات ظاهرا بحيث لا ينكره إلا صاحب مرض،.. فشل في إدارة ملفات، سد النهضة، انفلات الدولار، السيطرة على غول الأسعار.
لكن يبقي ملف علاقة الأمن بالمواطنين هو الأقدر على مسح أي انجاز للسيسي بأستيكة، فهو من الأخطاء التي تحصد الأعمال، وتزيد نسبة المعارضة على الموالاة، أخطاء تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
***
قد تُنسي جرائم بعض ضباط وأمناء الشرطة بعضها بعضا، من ضرب سائق الدرب الأحمر بالطبنجة إلى تفوير بائع الشاي بالآلي، في الرحاب، لكن تظل قصة سحل مخرج تليفزيوني في عرض الشارع أمام أهل بيته وجيرانه وحشره حشرا في شنطة عربية، واحدة من أهم حكايات الغطرسة الأمنية، في امتهان كرامة المواطن،.. في هذا اللحظة يُنصح بعدم التحدث عن انجازات الرئيس.
القصة بدأت في 22 يناير الماضي عندما استعان صاحب عقار في مدينة 6 أكتوبر بنجله نقيب الشرطة م ف لتأديب السكان فتصدي له أحدهم وهو المخرج باتحاد الإذاعة والتليفزيون وحيد سيد فما كان من الضابط الذي حضر من قسم ثان أكتوبر على رأس فرقة معاونة إلا أنه اعتدي عليه بالضرب والسحل وجرجرته ووضعه في شنطة العربية.
يقول وحيد: "عندما وصلنا إلى قسم شرطة ثان أكتوبر، أخرجوني من شنطة عربية كانت معهم، وفوجئت بالضابط (النوباتشي) يقول لزميله الذي اعتدي عليّ شوف عايز تعمل له قضية أيه".
ويضيف: "لم يعرني ضابط القسم أي اهتمام، ورموني في الحجز وجروحي بتنزف وغرقان في دمي. استدعوني مرة تانية للتحقيق من السادسة إلى العاشرة مساءَ. تحريات الإدارة العامة لمباحث الجيزة وشهود العيان أكدوا وقوع الحادث، وتقرير الطب الشرعي أثبت وجود سحجات وكدمات في أنحاء جسدي، وبعد كل ذلك أجبروني علي التوقيع على محضر تصالح، وهددوني: "وإلا هتتبهدل".
الغريب في قصة المخرج أنه تقدم بشكوي إلى قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية فأحالوه ثانية إلى قسم ثان أكتوبر للتحقيق في شكواه. غير أنه بعد ثلاثة أشهر من تاريخ الواقعة، ووحيد يحكي حكايته لوسائل الإعلام دون كلل أو خوف علّه يأتي يوم ويأخذ حقه من نقيب الشرطة، أو حتي الأستاذ والده.
***
كان الرئيس السيسي يصلي الجمعة، على رأس مشروع جبل الجلالة العملاق، بخليج السويس، في 15 أبريل الماضي، ويستمع إلى خطبة الشيخ خالد الجندي، عن فضل العمل. ويوجّه اللوم لعدم إلقاء الضوء على 30 مشروعا جديدا تم افتتاحها قبل نحو شهرين، ويقول إن حجم العمل الذي تم إنجازه خلال العامين الماضيين لا يتم إنجازه في 20 عامًا. وفي الأثناء كانت الشرطة بدأت القبض على بعض المشاركين في جمعة "الأرض هي العرض".
***
يقينا.. لن يصمد حب السيسي في قلوب المصريين طويلا، إذا طال الإيذاء كرامتهم.