متعثرون والله أعلم - عصام رفعت - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 7:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متعثرون والله أعلم

نشر فى : الخميس 21 أغسطس 2014 - 7:30 ص | آخر تحديث : الخميس 21 أغسطس 2014 - 7:30 ص

يكشف جرد الحياة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث الماضية عن عوامل كثيرة وعناصر أدت إلى مواجهة مصر لموقف اقتصادى صعب واضح. وبدون الدخول فى التفاصيل،

سوف نلتقط من بينه موقف المصانع والمشروعات المتعثرة والتى يقدر عددها بنحو 4500 مصنع أو مشروع. وفى هذا الشأن نطرح عددا من الملاحظات المهمة:

أولاها: أننا إذا أردنا لملمة الاقتصاد بسرعة أو تجميع قوته واستعادة عافيته، فإن أول إجراء يمكن اتخاذه هو تشغيل الطاقات العاطلة فى الصناعة الوطنية، وهذا العنصر فى حد ذاته كفيل بتنشيط الاقتصاد دون الحاجة إلى استثمارات جديدة يستغرق تنفيذها وقتا حتى تظهر ثمارها.

وثانيتها: أن المسألة تحتاج إلى دراسة تحليلية قطاعية توضح بدقة عدد تلك المشروعات المتعثرة، وأحجامها، وعدد العاملين فيها، وحجم رأسمالها، وحجم أعمالها، ومبيعاتها، وصادراتها، وموقفها مع البنوك فيما يتعلق بسمعتها الائتمانية، وقدرتها على السداد، وحجم مديونيتها المصرفية، وكذا موقف السيولة والدائنين، وتحليل مقارن لنشاطها وميزانياتها خلال الأعوام الثلاثة السابقة، مقارنة بالعام السابق على يناير 2011، كما يتطرق التحليل أيضا إلى عناصر تكلفة الإنتاج، ومن بينها عناصر الأجور والطاقة والخامات، وأثر الزيادات الأخيرة على تكلفة الإنتاج.

وثالثتها: أن هذه الدراسة يجب أن تحدد لنا فى النهاية مواضع الأسباب التى جاءت بالتعثر، بمعنى تحديد مشاكل المصانع المتعثرة وفقا لنوع المشكلة، على سبيل المثال هل الأسباب أمنية؟ هل هى العمالة والتدريب؟ هل هى مشاكل تتعلق بالتراخيص والإجراءات الحكومية والحصول على الموافقات؟ هل هى مشاكل فنية، وأخيرا وليس آخرا: هل هى مشاكل مالية؟

فى دراسة سابقة أجراها مركز تحديث الصناعة فى يناير عام 2013 على 430 مصنعا متعثرا تقدمت إلى مبادرة أطلقها المركز لحل مشاكل المصانع المتعثرة، جاءت النتائج مؤكدة أن أهم أسباب التعثر هو الأسباب المالية وذلك بنسبة 90%، بينما تضم العشرة بالمائة الباقية الأسباب الأمنية والعمالية والفنية.

ورابعتها: أن تلك الدراسة التحليلية التى أشرنا إلى ضرورة القيام بها، ووفقا لما سبق، يجب أن تضع أمامنا وبوضوح تقييما أمينا للمشروعات المتعثرة وأولويات الإنقاذ، بمعنى تحديد تلك المشروعات التى يجب إعطاؤها الأولوية لمساعدتها ودعمها، وأيضا وضع جدول زمنى لمعاونة تلك المشروعات المتعثرة، هذه الخطوة تحدد بوضوح ووفق معايير موضوعية ومحايدة ما هى المشروعات التى ينبغى البدء فى إقالتها من التعثر، وما هى الآليات المطلوبة لذلك.

وخامس هذه الملاحظات تكتسب أهمية خاصة باعتبار أن السبب الرئيسى للتعثر هو سبب مالى، ومن ثم فالسؤال الذى يثار هنا: هل البنوك أو الجهاز المصرفى ككل من الممكن أن يتصدى للمعالجة بتوفير التمويل اللازم وفقا لآلية تضمن استعادته للقروض التى سوف يمنحها؟ وما هى التفضيلات الاستثمارية لدى البنوك الآن لاستثمار أموالها بما يحقق لها أعلى عائد وأدنى مخاطرة؟

الواضح على الخريطة المصرفية أنه نظرا للأحداث التى مرت بها البلاد من تقلبات وعدم استقرار وانفلات امنى، فإن الجهاز المصرفى كان حريصا على التماسك وتعميق الثقة فيه وآية ذلك تزايد الودائع لديه سواء بالجنيه المصرى أو العملة الأجنبية، كما انه كان حريصا على توخى الحذر فى التورط فى منح الإئتمان وتفضيل أولوية الاستثمار الآمن فى إذون الخزانة غير أن الأوضاع الآن والاستقرار تتطلب عملا مشتركا بين البنوك ووزارة الصناعة واتحاد الصناعات لإنقاذ المصانع المتعثرة.

عصام رفعت من ابرز الكتاب الإقتصاديين فى مصر والوطن العربى ، عمل رئيسا لتحرير الأهرام الإقتصادى ومقدما لبرنامج المنتدى الإقتصادى بالتليفزيون وشارك فى العديد من المؤتمرات المحليه والعربيه والدوليه وله العديد من المقالات بالأهرام والصحف العربيه والدوريات العلميه.
التعليقات