تحية لقضائنا الشامخ - إبراهيم يسري - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 12:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحية لقضائنا الشامخ

نشر فى : الأحد 28 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 28 أبريل 2013 - 8:00 ص

أتحدث هنا كمشتغل بالقانون أكثر من نصف قرن وكمواطن يعيش مع الشعب لأؤكد بكل قوة إيمانى بقدسية القضاء كملاذ حصين وفاعل للمظلومين وكابح للطغيان، واستنكر هنا المظاهرات التى تنادت بتطهير القضاء يأسا من عدم محاسبة المتجاوزين ولم يهتز إيمانى بذلك عبر الحوار العبثى الذى يدور الآن حول تطهير القضاء والعنتريات التى تساق هنا وهناك.

 

ودعنا ننظر فى الأمر بكل صدق لنضع الحقائق واضحة بلا تزييف ولا  أى روح قبلية، فالقضاء كأى جهاز فى الدولة عاش فساد الدكتاتورية ثلاثين عاما ولحق بعض أفراده بعض الانحرافات والتجاوزات بعضها معروف للعامة مثل تزوير الانتخابات والتربح والواسطة. وهناك آليات فاعلة من داخل الجهاز لمحاسبة المتجاوزين تتمثل فى التفتيش القضائى والمجلس الأعلى للقضاء والمجلس الخاص بمجلس الدولة، وكل ما يتطلع إليه الناس هو قيام القضاء بإصلاح نفسه بنفسه دون أدنى تدخل من خارجه. وأرجو ألا تكون قد سادت فى الوسط القضائى روح القبلية التى تحمى القضاة، وبينهم المتجاوزون حماية كاملة على أساس أن القاضى لا يمس ولو كان متجاوزا والتى تصدر بلهجة استعلائية فوقية عن الشعب وكل سلطات الدولة، وهو ما تم  بعد دخول بعض القضاة فى معركة الصراع السياسى الدائرة حاليا.

 

وفى خضم الصراع السياسى الذى أقحم البعض السلطة القضائية فيه وبعض الأحكام التى شابها العوار لتغليب الدفوع السياسية على صحيح القانون ولا نريد أن نشير إليها هنا بعدا عن الإثارة ونحن فى معرض التهدئة فى إطار احترامنا وتبجيلنا للسلطة القضائية.

 

أما تعديل سن تقاعد القضاة فالمفترض أنه لا يتصل من قريب أو بعيد بالإصلاح القضائى وربما هدف ذلك إلى تصحيح قوانين وقرارات متعاقبة للنظام السابق صدرت مجاملة أو رغبة فى الاستعانة بقضاة معروفين بالاسم، وهو إجراء يتفق بصفة عامة مع السن البيولوجية والتجديد وإتاحة الفرصة لجيل آخر من القضاة على خلفية تعطل آليات مواجهة التجاوزات الثابتة لعدد قليل من القضاة.

 

●●●

 

ولا حاجة بنا للحديث عن السقطة العجيبة بطلب البعض التدخل المباشر للرئيس الأمريكى فهى محل استنكار ودهشة من القضاة انفسهم، ولكنى أعرج هنا فى عجالة على قانون واختصاص المحكمة الجنائية الدولية لا لشىء إلا لإنعاش ذاكرة المستشارين المبجلين الذين هددوا باللجوء للمحكمة الجنائية الدولية باعتبار أن تعديل سن التقاعد هو ويا للعجب جريمة ضد الإنسانية. وسبق ان دعوت، فى مقال بجريدة الشروق فى ٢٨ يناير ٢٠١٣ للانضمام لنظام  المحكمة، وكانت اللجنة القومية للمحكمة الجنائية الدولية أوصت فى يناير ٢٠٠٢ بالانضمام للمحكمة التى انضمت لها  ١١٤ دولة حتى سنة ٢٠١١، منها ٣١ دولة أفريقية، ومن الدول العربية الأردن وجيبوتى فقط، وتغيب روسيا والصين والهند كما شرفت بالاشتراك فى لجنة شكلها د. نبيل العربى أوصت فى ٣ مايو ٢٠١١ بالانضمام للمحكمة.

 

أما أسس وشروط نظر المحكمة للجرائم ضد الإنسانية فقد جرمت المادة ٥ الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان، وعرفت مادة ٧ الفعل المجرم ضد الإنسانية بأنه يجب أن يتم ارتكابه فى إطار هجوم واسع النطاق أو منهجى موجه ضد أى مجموعة من السكان المدنيين وعلى علم بالهجوم وتشمل الجرائم ٨ فئات قتل إبادة.. آخرها جريمة اضطهاد جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان.

 

وفى الفقرة الثانية شرحت الفعل المجرم كجريمة ضد الإنسانية، وهى الأقرب إلى حالتنا بأنه عبارة عن هجوم موجه ضد أى مجموعة من السكان المدنيين نهجا سلوكيا يتضمن الارتكاب المتكرر للأفعال ضد أى مجموعة من السكان المدنيين عملا بسياسة دولة أو منظمة تقضى بارتكاب الهجوم وتعزيز هذه السياسة.

 

وبينت المادة ١٢ اختصاص المحكمة بالإحالة فقط من حكومة عضو بالنظام الأساسى للمحكمة أو من مجلس الأمن. وتقرر المادة  ١٥ إنه إذا توفر لدى المدعى العام تحليل بجدية المعلومات المقدمة إليه تشكل أساسا معقولا للشروع فى إجراء تحقيق فعليه أن يحيله إلى الدائرة التمهيدية بالمحكمة طلبا للآذن بالتحقيق.

 

●●●

 

وبعد استعراض هذه الأحكام أمام شيوخ القضاة بما لهم من خبرة قانونية كبيرة لست فى حاجة إلى القول فى النهاية أن التهديد بالإحالة الجنائية عمل أجوف لا يستند إلى أى اعتبارات قانونية أو وطنية صحيحة وأناشدهم الحفاظ على مقامهم الرفيع بالكف عن إضفاء المشروعية على أمور دون أساس قانونى مقبول.

 

 

 

المحامى بالنقض

إبراهيم يسري  محام ومحكم دولي
التعليقات