سر ثقة وجبروت الحكومة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سر ثقة وجبروت الحكومة

نشر فى : الأحد 2 يوليه 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الأحد 2 يوليه 2017 - 9:45 م

ما هو مغزى إعلان الحكومة لقرارات رفع أسعار الوقود وبنسبة عالية قبل ساعات من حلول الذكرى الرابعة لثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣؟!
هذا سؤال مهم للغاية، لأن المنطق السهل والبسيط هو تأجيل القرار، حتى ولو ليوم واحد بعد انتهاء الذكرى؟!
من المنطقى أن يكون هناك العديد من المستشارين والمسئولين قد اقترحوا على رئيس الجمهورية أن يؤجل إعلان قرار الزيادة حتى تمر ذكرى ٣٠ يونيو، التى دعت صفحات وقوى إخوانية إلى التظاهر يومها ثم حاولت استغلال قرار رفع أسعار الوقود لتأييد التظاهر، لكننا لم نر شيئا على أرض الواقع.
من المنطقى أيضا بل ومن المعروف أن أصواتا كثيرة قد اقترحت تأجيل هذه الزيادات ليس فقط إلى ما بعد ٣٠ يونيو ولكن إلى ما بعد عيد الأضحى الذى يفترض أن يحل فى أوائل شهر سبتمبر المقبل.
قبل ذلك اقترح أحد أعضاء مجلس النواب على الرئيس السيسى إلغاء زيادة الأسعار من الأساس بسبب المشكلة الاقتصادية الناتجة عن تعويم الجنيه، ويومها قال له الرئيس عبارته المشهورة «من أنت»؟!
السؤال مرة أخرى: إذا كانت تلك هى المطالبات، فما الذى يدعو الحكومة إلى اتخاذ القرار قبل لحظات من ذكرى ٣٠ يونيو، التى كان محتملا أن تشهد تظاهرات واحتجاجات؟!
الإجابة المبدئية أنه لا يمكن تصور اتخاذ هذا القرار فى نفس التوقيت إلا إذا كانت الحكومة، بل وكل أجهزتها أو معظمها وبمشاركة كل صناع القرار واثقين تريليون فى المائة من أنه لا توجد أى مخاطر أو مخاوف آنية من أى نوع إذا تم اتخاذ هذا القرار المهم.
يضاعف من أهمية التوقيت أن قرار الزيادة لم يكن هينا أو هامشيا بل كانت الزيادة كبيرة وربما غير متوقعة. كانت التوقعات تتحدث عن زيادات تتراوح بين ١٥٪ و٢٥٪ لكنها وصلت إلى ٦٢٪ فى بعض المواد البترولية وبمتوسط زيادة بلغ ٥٥٪ لكل الأصناف مجتمعة.
يمكن طرح السؤال بصيغة أخرى هى: ألم يكن من الخطورة اتخاذ القرار بعد أيام فقط من التصديق على اتفاق تسليم جزيرتى تيران وصنافير المصريتين للسعودية؟!
أى حسابات بسيطة كانت تحتم تأجيل اتخاذ مثل هذا القرار فى هذه الأجواء والظروف والتوقيت، وبالتالى، حينما يتم اتخاذ القرار، فالمؤكد أن صانع القرار كانت أمامه كل ذلك، وعلى الرغم من ذلك اتخذ القرار، وبالتالى يحق لنا الاستنتاج أن الحكومة وأجهزتها صارت واثقة تماما من عدم وجود أى تهديدات أمنية أو اجتماعية فى الوقت الراهن.
فى هذه الحالة يحق لنا أن نسأل: إذا كانت هناك أزمة اقتصادية صعبة جدا وارتفاع فى معظم أسعار السلع الرئيسية، خصوصا بعد تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة فى نوفمبر الماضى، فما الذى يجعل الحكومة شديدة الثقة لهذه الدرجة، بحيث تقوم برفع أسعار الوقود للمرة الثانية فى أقل من سبعة شهور وبنسبة كبيرة؟!.
لو كنت مكان الحكومة لقلت إن السبب هو تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، وإن الأوضاع لا تحتمل أن نستمر بالطريقة القديمة، وإلا تعرضت البلد للافلاس وتفاقمت الأزمة أكثر فأكثر، وإنه لا يوجد بديل لما تم اتخاذه.
كل ما سبق هو التفسير الاقتصادى، لكن نحن هنا نبحث عن التفسير الأمنى والسياسى والاجتماعى.
والإجابة مرة أخرى هى أن الحكومة صارت واثقة بأكثر مما ينبغى بأنه على الرغم من هذه الخطوة الصعبة، فإن المواطنين لن يتحركوا، لأنهم فى فترة أعياد أعقبت شهر رمضان، ثم إنهم منهكون ومتعبون و«طالع عينيهم»، وبالتالى فلا خوف من أى حراك احتجاجى.
حتى لو كان هذا المنطق سليما، وحتى لو فكرت الحكومة بهذا الشكل، فظنى أن عليها أن تكون أكثر حذرا، لأن أنين الناس صار مسموعا، «لدرجة أن بعض الناس صارت تكلم نفسها فى الشوارع»!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي