الخليج ــ الإمارات: حاجة العرب إلى ممارسة النقد الثقافي - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخليج ــ الإمارات: حاجة العرب إلى ممارسة النقد الثقافي

نشر فى : الإثنين 3 يونيو 2019 - 10:10 م | آخر تحديث : الإثنين 3 يونيو 2019 - 10:10 م

نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب يوسف الحسن، جاء فيه ما يلى:

مَن مِن الكتاب والمثقفين والمبدعين والأدباء، يتذكر حوارا أو مجادلة فكرية أو فنية، جرت بين مثقفينا خلال العقود الأربعة الماضية، ومنشورة فى وسائل الإعلام التقليدية. من الصعب، حسب معرفتى القبض على مثل هذه المجادلات وتفاعل الأفكار، وتفكيك الآراء والروايات وغيرها من الأعمال الثقافية. وعلى الرغم من صدور العديد من الروايات والدواوين الشعرية والأعمال الفنية، من رسم أو نحت وخلافه، والدراسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ــ فإنها لم تلق اهتماما نقديا، ولم تحظ بحوار أو نقاش عام، يعيد تفكيكها وبناءها مما يسهم فى تطوير الفعل الإبداعى، ويقلص الفجوة ما بين أصحاب الأفكار والإبداع، وأعضاء المجتمع.

إن السؤال والنقاش العام والحوار، وفرضياته وصناعته هى أساس بناء المعرفة، ولا نبالغ فى القول، إن تاريخ الفكر الإنسانى هو تاريخ السؤال عن المعنى وفى المعنى. بدون حوار ونقاش عام فى أى مجتمع يتعرض المجتمع إلى نوع من التصحر أو الجفاف الثقافى، ففى الحوار والنقاش والتحليل والرؤية النقدية العلمية، تزدهر ثقافة الإصغاء وفنه، ويترسخ التفاعل الفكرى والثقافى، ويتعمق الوعى بالقضايا الملحة فى مجتمعاتنا، وتتعظم الجوامع والمشتركات ويحترم الاختلاف، وهو جوهر مفهوم التسامح بأبعاده الأخلاقية والفلسفية والقانونية.

ليس مهما، عدد الكتب التى نصدرها، أو المقالات التى نكتبها أو القصائد التى ننظمها، بل المهم هو ماذا نكتب؟ وما هو أثر ذلك الفعل الثقافى أو الفكرى، فى تحقيق الصالح العام، وتربية المجتمع على مفاهيم المسرة وقيم المشاركة والأمانة والمحبة، وتحفيز روح البحث عن الفضائل الإنسانية والجمال والخير العام؟ وكلما اتسعت مساحة الفضاء العام للحوار والنقاش. زادت قدرة الناس على بناء علاقات مجتمعية صحية، وعلى فتح الدروب باتجاه الحقيقة، وتجويد الفعل الثقافى، والدفع بمزيد من الثقافة فى عروق حياتنا وبرامجنا الاجتماعية والتعليمية والتنموية. وإعادة الإنسان إلى روح الحرية والمسئولية، والحداثة الإنسانية.

نعم... لقد تحولت الثقافة بمعناها العام إلى صناعة متكاملة، لكن ذلك لا يعنى فقدانها لجوهرها ومعناها، بوصفها أداة للنقد واجتراح البدائل الممكنة. الذين يقولون: «نحن نكتب أو نبدع، وليتدبر القارئ أو المشاهد أمره» لا يدركون القيمة التأثيرية لما ينتجونه، فى فضاء يحفز طرح الأسئلة.

منذ سنين، وكثيرون من الكتاب يتطلعون نحو خروج أعضاء هيئات أكاديمية فى الجامعات، من شرنقة كتابات بحثية هدفها الأول الترقى فى المناصب الجامعية، بعيدا عن أغراض التطوير المجتمعى، أو توجيه مجرى التفكير أو تحفيز الحس الأخلاقى والإنسانى والجمالى، والاستكشاف المعرفى. الإبداع الثقافى والعلمى والأدبى، هو (شيفرة) الترميز التى تعطى معنى للأشياء والأحداث، وتمنح أفراد المجتمع الهوية الوطنية المشتركة، وتشهد على تجربة وطن وطموحات شعب وأحلامه. نعم.. هذا وطن، بوسع المثقف المبدع «أن يعيش فيه مرفوع الرأس»، كما يقول الكاتب أمين معلوف، ويستحق من كل منا أن نعطيه كل ما لدينا من فكر وإبداع، وحوار ونقاش بناء.

التعليقات