أين الحكومة من تجار القمح والرَدَّة؟ - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الإثنين 14 أكتوبر 2024 6:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أين الحكومة من تجار القمح والرَدَّة؟

نشر فى : الخميس 4 أغسطس 2022 - 8:50 م | آخر تحديث : الخميس 4 أغسطس 2022 - 8:50 م

يقوم الفلاحون عقب موسم الحصاد بتوريد المحاصيل الزراعية للدولة، وفيما يتصل بالقمح تحديدا الذى فرغت الحكومة للتو من تسلمه من الفلاحين، يقوم الفلاحون أصحاب المساحات الكبيرة، بتوريد الأقماح مباشرة إلى الشون والمطاحن التابعة لوزارة التموين ووزارة الزراعة والشركة القابضة للصوامع والتخزين، ويتعامل هؤلاء مع تلك الجهات للتوريد واستلام مستحقاتهم المالية، وفقا للجودة المفترضة فى الأقماح الموردة، وبحجم 150 كجم للإردب الواحد، كما يتسلم الفلاح المورد الردة من تلك الجهات بواقع نحو 12 كجم لكل إردب نظير دفع 155 قرشا للكيلو.
الوضع يختلف تماما بالنسبة للفلاحين أصحاب الكميات المحدودة، فهؤلاء إما أنهم يزرعون بضعة قراريط أو القليل من الأفدنة أو أنهم يعجزون عن إنتاج كمٍّ معتبر من القمح بسبب إصابة المحصول حتى لو كانت زراعاتهم لعدد كبير من الأفدنة. وعامة، فإن هذا الوضع هو الغالب فى الكم الأكبر من القمح المورد. هنا يقوم صغار الفلاحين بالتعامل مع التجار المعتمدين لدى الحكومة وأجهزة الأمن بتجميع الأقماح، ومن ثم لا يتجه هؤلاء الفلاحون بأنفسهم إلى الشون والمطاحن وشركة الصوامع، حيث ينظر الفلاح إلى التعامل مع المورد على أنه يوفر له الجهد؛ لأنه يأتى إلى حقله بالسيارة النقل ويقوم برفع المحصول بعد وزنه على أرضه، ويقبض ثمنه بعد عدة أيام من المورد.
المشكلة هنا فى الموردين الذين يستغلون الفلاحين البسطاء بشكل كبير. فعلاوة على الغرامات التى تفرضها بعض المحافظات على الفلاحين الذين حصلوا على «الكيماوى» لأنهم سجلوا أرضهم قمحا، وزرعوها برسيم مثلا، يقوم الموردون بداية بشراء القمح من الفلاحين بما يعادل 155كجم للإردب، أى أن أول هضم لحق الفلاح فى هذا الشأن، هو خسارة 5 كجم ينهبها غالبية الموردين من صغار الفلاحين لكل إردب قمح.
المشكلة الثانية، هى أن الموردين يتسلمون الأقماح من صغار الفلاحين بافتراض أدنى درجات النقاوة. فمثلا إذا كانت الدولة قد حددت سعرا يتراوح ما بين 860ــ880 جنيها للإردب الواحد، حسب درجة النقاوة، ودرجة الرطوبة، فإن المورد يتسلم القمح من الفلاح باعتبار أن درجة الرطوبة فيه عالية، فيدفع له فور تسلمه المبلغ من الدولة 860 جنيها للإردب، فى حين أن كثيرا من الأقماح يتسلم المورد لها من الدولة مبلغ 880 جنيها للإردب الواحد بسبب نسبة الرطوبة المعدومة تقريبا فى القمح المورد فى أغلب الأحوال.
المشكلة الثالثة تتمثل فى الردة، والردة هى أحد مكونات حبة القمح. فالحبة تتألف من ثلاث طبقات رئيسية تشمل النخالة والسويداء والبذرة، بحيث تعد النخالة هى الطبقة الصلبة الخارجية المليئة بالعناصر الغذائية والألياف. وخلال عملية الطحن يتم نزع النخالة عن الحبة بحيث تصبح ناتجا ثانويا عن عملية إنتاج طحين القمح، تمتلك مذاقا حلوا ويمكن استخدامها لإضافة قوام وطعم كامل للمخبوزات على اختلاف أنواعها.
ويحصل المورد سواء كان الفلاح الكبير أو المورد المستغل على نحو 12 كجم ردة لكل إردب من شركة المطاحن، ويدفع نظير ذلك نحو 30 جنيها إجمالا، ولا يسلم المورد للفلاح المزارع كمية الردة التى حصل عليها على الإطلاق، إذ إن طول المدة التى تفرق بين تسليم المورد القمح للمطاحن والشون وبين وقت استلام المستحقات من مبالغ مالية وردة، علاوة على قلة الكمية التى ستوزع وتقسم على المزارعين كل حسب ما باعه للمورد، تجعل الفلاح يمل من السؤال على حقه فى الردة مكتفيا بحقه من بيع القمح. وبالمقابل يقوم المورد ببيع الردة بالجملة إلى المخابز بسعر 8 جنيهات للكيلو الواحد.
من هنا فإن المطلوب للخلاص من كل ذلك أن تقوم الحكومة باستلام القمح مباشرة من الفلاحين، وأن تفتح العديد من أماكن التوريد، بدلا من فتح منافذ محدودة وبعيدة، تكون مكلفة للفلاح فى نقل القمح. كما أن فتح العديد من منافذ وأماكن التوريد التابعة لشركة الشون والمطاحن والصوامع تقلل من الإجراءات البيروقراطية، وكل ذلك تبين بسبب عدم وجوده هو ملل الفلاح من كثرة الانتظار أمام إدارة الشون والمطاحن والصوامع، حيث يستسهل التوريد للموردين المستغلين فى أوزان القمح ودرجة النقاوة، ثم تختتم الصورة بنهب الردة. هذا الحل إضافة إلى رفع سعر الإردب من القمح حتى لا ندعم الفلاح الأجنبى فى مواجهة الفلاح المصرى، سيجعل الفلاح مقبلا على زراعة القمح، ما يساهم فى تقليل الفجوة فى بين كمِّ المنتج وكمِّ المستهلك.

عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات