روشتة عاجلة لأزمة طاحنة فى غلاء الأدوية - علاء غنام وطارق عبد العال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:24 م القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روشتة عاجلة لأزمة طاحنة فى غلاء الأدوية

نشر فى : الثلاثاء 17 يناير 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 يناير 2017 - 9:35 م
فى ظل الأزمة الطاحنة للدواء التى سيطرت سيطرة كاملة على جموع الشعب المصرى وزادت من أوجاعه، جاء القرار الأخير بزيادة أسعار الأدوية زيادة مخيفة، قد تودى بحق المواطنين فى الحياة إزاء عدم مقدرتهم المالية على تحمل هذه الزيادات المضطردة، والتى كانت آخرها هى الزيادة التى أُقرت منذ أيام.

وانطلاقا من الالتزام الدستورى بنص المادة 18 من الدستور فى فقرته الأخيرة بقولها «وتخضع جميع المنشآت الصحية، والمنتجات والمواد، ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة». وبحسب كون الدواء هو من أهم مفردات الحق فى الصحة كمنظومة متكاملة لا قيام لها حال غياب عنصر من عناصرها، فإن زيادة أسعار الأدوية بهذا الشكل غير المتناسب مع مستوى دخول معظم المصريين، والذين يعانون أصلا من تردى أحوالهم المعيشية دون هذه الزيادة فما الحال إذن بعد إقرار هذه الزيادة ووصولها لمستوى مستعر يفوق مقدرات غالبية المرضى، وخصوصا فى حالات الأمراض المزمنة، فهل من الممكن وضع حلول للمساعدة للخروج بالمواطنين من هذا النفق المظلم والمخيف، تكون بمثابة طوق النجاة لهم للحصول على الأدوية التى تساعدهم على الاستمرار فى الحياة؟

***

الإجابة نعم تستطيع الدولة فعل ذلك بشرط وجود إرادة سياسية على أعلى مستوى لضمان حقوق المرضى فى الدواء والقدرة على اتخاذ إجراءات فورية من الحكومة لمواجهة تغوّل آليات السوق الخاص الدوائى فى جانب الاستيراد والتصنيع والتوزيع والإتجار والدعاية والترويج المزيف والاستخدام المفرط غير الرشيد للأدوية، ويكون ذلك باتباع بعض السياسات أو الإجراءات السريعة واللازمة، والتى من الممكن تلخيصها فى:

ــ تحديد أولويات لمناطق السيطرة والإحكام، وهو ما يعنى التدخل الفورى والسريع عن طريق الشركات العامة والمملوكة للدولة العاملة فى مجال الدواء لتحجيم السيطرة الغالبة للشركات الخاصة، والتى لا تعنى سوى بالربح، دونما النظر لأية أبعاد اجتماعية.

ــ تحديد قائمة بالأدوية الأساسية والأهم لإنقاذ الحياة المرتبطة بالعبء المرضى للشعب والأكثر انتشارا مثل أمراض ارتفاع ضغط الدم ومضاعفاته على الجهاز الدورى والقلب 17% من السكان، أمراض السكر ومضاعفاته 39% من السكان، أمراض الفيروسات الكبدية ومضاعفاتها 10% من السكان محددين، أدوية ومستلزمات الجراحات العاجلة 4% من السكان، وهى قائمة فى احسن الأحوال لن تزيد على 2000 صنف من إجمالى 12 ألف منتج، على أن تقوم كل الجهات المملوكة للدولة بجميع تنويعاتها من مقدمى الخدمة فى وزارة الصحة والجامعات والتأمين الصحى والجيش بتعبئة كل إمكانياتها المادية والبشرية للعمل معا لتوفير تلك القائمة الأساسية فقط أولا.

ــ تدعيم فورى لشركات الدواء المملوكة للدولة وقطاع الأعمال العام من جميع موارد الدولة المتاحة فى وزارة الصحة والتعليم العالى والتأمين الصحى والجيش لعمل ممارسة مجمعة لشراء وتوفير هذه القائمة عبر منافذها بسعر معمم لجميع المرضى المحتاجين لهذه الأدوية بلا تمييز، تكليف هذه الشركات بالعمل الفورى على توسيع نطاق أعمالها تدريجيا لتحجيم هيمنة الشركات الخاصة والشركات العالمية وسلاسل التوزيع والإتجار على سوق الدواء والتى وصلت إلى أكثر من 60% من حجم التداول الذى يتجاوز 35 مليار جنيه مصرى.

ــ اعتماد أسلوب الممارسات المجمعة للجهات المملوكة للدولة والمجتمع فى شراء الأدوية من الداخل والخارج للحصول على أقل سعر ممكن بالتفاوض القوى الضاغط.

ــ عدم صرف الدواء دون روشتات طبية معتمدة وقانونية من جهات تقديم الخدمة المعتمدة حكوميا ونقابيا للحد من التهريب والتخزين والاستهلاك العشوائى للدواء، مع استخدام الأدوية البديلة أو المماثلة على نطاق واسع لمواجهة هيمنة الشركات العالمية المحتكرة.

ــ بناء أطر تنظيمية قوية لقطاع الدواء فى جوانب التسجيل والتسعير ترتبط بمنظومة إصلاح القطاع الصحى ونظام التأمين الصحى الحالى والجديد، وإنشاء مجلس أعلى للصحة لوضع الاستراتيجيات المستقبلية داخله ككيان لحوكمة قطاع الدواء، وتبنى سياسات دوائية دائمة للمستقبل لتشجيع الصناعات الوطنية المملوكة للدولة لتعود لسابق سيطرتها على فوضى السوق الدوائى وتساهم فى ضبطه وتنظيمه.

ــ وقف تلاعب الشركات الخاصة والدولية بأسواق الدواء من خلال مراقبة أعمالها وأرباحها، وعدم الرضوخ لتأثيرها السلبى على حقوق المواطن بحجة تشجيع الاستثمار والضغط عليها بالبحث عن شركاء خارج إطار احتكاراتها العالمية بالعمل مع بلدان مغايرة كالهند وباكستان والبرازيل وجنوب أفريقيا لإنشاء مصانع وشركات معها عبر الدولة، أو من خلال شراكات للدولة مع بعض الشركات الأخرى، بحيث لا تترك هذا السوق حكرا لأصحاب رءوس الأموال الذين لا يعنيهم سوى الربح، بغض النظر عن المقابل، حتى ولو كان حياة المواطنين أو دمهم.

***

وهذه الإرشادات تعد بمثابة حلول عاجلة للمساعدة على الخروج من هذه الأزمة التى قد تعصف بحياة المرضى، وقد تؤدى إلى نتائج قد لا تٌحمد عقباها على المستوى العام، وذلك لكون الأزمة قد فاقت مقدرات المواطنين، ومن ثم فلابد من اللجوء إلى الحلول قبل أن تستفحل الأزمة وتستعصى على الحل، أما عن الحلول ذات المدى المتوسط أو البعيد فلها مقام آخر وكتابة مغايرة.
التعليقات