حوار مفتوح: نحو مرحلة جديدة فى العمل العربى المشترك.. شروط القيادة..لأى عروبة نسعى؟ - أماني الطويل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حوار مفتوح: نحو مرحلة جديدة فى العمل العربى المشترك.. شروط القيادة..لأى عروبة نسعى؟

نشر فى : الخميس 25 يونيو 2020 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 25 يونيو 2020 - 10:15 م

فى مواجهة التحديات والعقبات التى تمنع انطلاق مرحلة إيجابية جديدة فى العمل العربى المشترك، دعت «الشروق» عددا من الكتاب والمفكرين والمتخصصين العرب لإجراء حوار بشأن الشروط التى يجب توافرها فى دولة أو ائتلاف عربى يتولى مهام القيادة فى النظام العربى ويتغلب على هذه التحديات. وكان أول من استجاب لدعوتنا المفكر العربى الكبير ووزير التربية والتعليم الأسبق فى دولة البحرين الدكتور على فخرو. وبطبيعة الحال فإن الآراء المنشورة فى سلسلة مقالات «حوار مفتوح: نحو مرحلة جديدة فى العمل العربى المشترك.. شروط القيادة» تعبر عن أصحابها فقط وليس عن وجهة نظر «الشروق».

تحت وطأة تراجع النظام العربى، وخلقه لمناطق فراغ تسللت منها قوى إقليمية أخرى أثرت على مصالح العرب فاندلعت الحروب على أسس مذهبية واشتعلت صراعات الطاقة إلى حد إسقاط دول عربية فى أتون الصراعات المسلحة التى سمحت بتدويل أراضيها وفقا لتطورات النظام الدولى وصراعاته وطبعا مصالحه.
فى هذا السياق ربما تطرأ أفكار لدى النخب السياسية العربية، حول مدى وجود فرص استعادة الفاعلية النسبية التى تمتع بها النظام العربى خلال السبعينيات من القرن الماضى والتى سمحت بالحفاظ على مصالحه، والقول مثلا إن البحر الأحمر هو بحيرة عربية، وتنظر اليوم إلى حالة أمن البحر الأحمر فتصيبها صدمة حجم الخسائر الهائلة التى وقعت على العرب ومصالحهم.
وفى هذه المرحلة تبدو أية أفكار حول عمل عربى مشترك لابد وأن تستذكر طبيعة دروس دولة الاستقلال الوطنى العربية، وخبرات خطابات القومية العربية التى تكلست فى مستوى الخطاب اللفظى، وكان مستوى فعلها ضعيفا وغير مدرك لشروط النجاح الواقعية، من هنا أخفقت خطابات القومية العربية فى أن تكون المنصة الملائمة لعمل عربى مشترك يتسم بالعقلانية، والقدرة على تحقيق الإنجازات سواء على مستوى الحفاظ على المصالح الاستراتيجية للعرب، أو تطوير مستوى المعيشة والرفاه للشعوب العربية.
وفى تقديرنا أن انطلاق أى عمل عربى مشترك فى التوقيت الراهن لابد وأن يتخلى عن فكرة أن تكون هناك قيادة للعمل العربى المشترك سواء على مستوى الزعامة الشخصية أو القطر القائد فزعامة مصر للعالم العربى قد قامت بوظائفها وقت أن كانت مركزا لهذا العالم من حيث درجة الإدراك بالمشروع القومى والقدرة على بلورة أهدافه، وامتلاك وسائل تفعيله، وهو ما جعل باقى الدول العربية تنخرط فى المشروع القومى العربى مستفيدة من الإسناد المصرى، دون أن تصنع بذاتها وفى محيطها القطرى إدراكا أوسع بضرورات العمل المشترك سواء على المستوى الاستراتيجى العربى، أو المستوى الوطنى، وهو ما جعل ضرب المشروع القومى العربى سهلا مع هزيمة ١٩٦٧ على مستوى الفكرة والمضمون.
***
الإقرار بهذه المسألة التأسيسية تجعلنا ننطلق إلى التفكير فى ماهية أى عمل عربى مطلوب أو نفكر فيه، وكذلك شروطه وأيضا فرص نجاحه فى هذه المرحلة.
وفى ظنى أن المستوى الأدنى الذى يجب الإقرار به بشكل جامع هو أن ثمة مصالح عربية استراتيجية مشتركة لا تنطلق من وحدة اللغة، ولا تقاسم التاريخ، ولا التقارب الجغرافى طبقا للخطاب القومى الكلاسيكى ولكنها تجب ذلك وتزيد عليه حجم التحدى الراهن الذى يبدو أن أية دولة بمفردها مهما كانت قدراتها هى غير قادرة على مواجهته منفردة، فالذى نراه بأم أعيننا اليوم أن مخاطر الاندثار للعرب ولبلادهم ولثرواتهم قائمة وماثلة، وذلك بعد أن تمت خلال العقود الخمسة الماضية، استباحة مصالحهم حين تحالف قوم منهم مع الغرب وتماهى معه بمزاعم أنه الحامى من أطماع إخوة وجيران لهم فثبت بالقطع أن لكل حماية ثمنا وكان باهظا على لسان الرئيس الأمريكى ترامب.
ولعل ذلك يجعل الحديث عن لحظة بلد عربى محدد غير منطقية، فى ضوء الوضع الراهن الذى تعانى فيه كل دول الوطن العربى، فهناك من هو مستنزف ماليا لصالح مشروعات أمريكية للمنطقة، وهناك من هو يعانى مخاطر انهيار مؤسسة الدولة، وهناك من يصارع بعد أن انهارت دولته فعليا، فيبدو أن الكل فى الهم سواء وأن أية لحظة لأية دولة هى غير قادرة بمفردها على مواجهة مجمل التحديات الحالية، وأن أية ركون لأى قوى دولية هو خطر محدق بالطرف العربى.
***
بطبيعة الحال لا يمكن صياغة مشروع قومى جديد للعرب قابل للصمود والنجاح بمعزل عن نخبه غير الرسمية من المفكرين والمثقفين الموالين منهم والمعارضين فى مناخ يتسم بالحرية الكاملة، والقدرة على الاستجابة للأفكار النقدية وذلك فى هياكل ونظم سياسية قد تكون مختلفة عن بعضها البعض دون اعتماد نموذج موحد لكل العرب، فكل حسب ظرفه المحلى ودرجة تطوره السياسى، وقدرات نخبه ومدى تبلور مشروعاتها القومية وطبيعة قراراتها فى مدى وحجم الانخراط بالمشروع العربى الشامل.
ولا يبدو لى أن نهضة علمية وتعليمية لن تكون بعيدة عن شروط العمل العربى المشترك، ذلك أن بهذه النهضة سيخرج العقل العربى بمعناه الجامع من مناطق الاستكانة للمذهبية والطائفية والعشائرية، إلى آفاق هياكل العلاقات الحديثة سواء على المستوى القطرى أو القومى، ولعل هذه العلاقة التفاعلية المستدامة هى من يحرر الإنسان العربى وعقله لينطلق إلى رحاب المنظور الإنسانى الشامل لكل مكوناته الاجتماعية فلا تعانى نساؤه اللائى هن نصف قواه الحية وقدراته الإنتاجية وعقله الشامل من هذا الوضع المتدنى الذى يختصرها فى مراحل الماعون الجنسى، واستنزاف القدرات دون عوائد عادلة فيعطل فى النهاية قدرات الدول العربية منفردة ومجتمعة من القدرة على التقدم والتنمية.
ولعل الدرس المستفاد من نسخة المشروع القومى الناصرى هو ضرورة أن تكون الأقليات غير العربية على الأراضى العربية مصانة الحقوق الإنسانية والسياسية، فقد كان هؤلاء هم ضحايا المشروع القومى الذى تجاهل وجودهم، فدفع المشروع القومى ثمنا باهظا لهذا التجاهل حين نجحت إسرائيل فى جذبهم إلى صفها ولو نسبيا خصوصا وأنها استثمرت فى ذلك مجهودا علميا فى معهد ديان للبحوث فى تل أبيب، وهو المعهد الذى استلهم أسسه من استراتيجيات إسرائيلية كانت واضحة لهم من الأربعينيات، بأن هذه الأقليات غير العربية حلفاء مستهدفون لإسرائيل.
ومن المهم فى تقديرنا ألا تمارس الوحدات العربية الأكبر استقواء على الوحدات الأصغر من حيث المساحة أو القوى البشرية أو العمق التاريخى والحضارى لأن هذا الاستقواء قد دفع الوحدات الأصغر دفعا نحو الاستقواء بالخارج وفتح المجال أمام القواعد العسكرية الغربية، والتماهى مع المشروعات الإسرائيلية فى المنطقة.
التكامل الاقتصادى، والاعتماد على المعرفة والعلم كمحرك لهذا التكامل الاقتصادى وامتلاك إرادة سياسية فعالة فى ظنى هو المنصة المناسبة لبداية أى عمل عربى مشترك، ذلك أن وجود عوائد لهذا التكامل منظورة، يمكن أن تساهم فى تقوية شرعية النظم السياسية العربية بما تستطيع أن تحققه من تطور لشعوبها، ولعل اللحظة الراهنة هى المناسبة للجميع لتحقيق مصالح الكل بشكل متوازن ولو نسبيا، وذلك مع تراجع أسعار النفط، وبداية وجود مصادر أخرى للطاقة، هو ما يساهم ربما فى نجاح مساعى التكامل الاقتصادى بعد أن لعب النفط دوره فى إسقاط مشروع القومية العربية فى نسخته الأولى، كما ساهم فى تعظيم مخاوف أصحاب الثروات النفطية من باقى العرب ونشأة علاقات مختلة وغير متوازنة بين الأطراف العربية ساهمت فى بلورة هواجس سياسية، أنتجت حروب الخليج.

 

أماني الطويل  خبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
التعليقات