د. خالد قدري يكتب: الجامعات والاقتصاد المصري حلقة نجاح متبادلة.. كيف نُسّرع وتيراتها؟ - بوابة الشروق
الجمعة 5 سبتمبر 2025 9:09 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

د. خالد قدري يكتب: الجامعات والاقتصاد المصري حلقة نجاح متبادلة.. كيف نُسّرع وتيراتها؟

خالد قدري
خالد قدري

نشر في: الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 - 8:12 م | آخر تحديث: الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 - 8:12 م

لم تعد الجامعات في مصر مجرد قاعات تعطى فيها المحاضرات لمنح الشهادات، بل أصبحت مراكز إنتاج للمعرفة والابتكار تسهم بشكل مباشر فى دعم الاقتصاد القومى. فبدءا من مراكز البحث العلمى وأودية العلوم وحاضنات الأعمال ومراكز الابتكار مروراً ببرامج التدريب العملى المتكاملة مع احتياجات الصناعة تتشكل علاقة تشاركية فى شكل تأثير وتأثر، إفادة واستفادة، أخذ وعطاء بين كل من الجامعات والاقتصاد القومى. فكل تطوير فى منظومة الجامعات من شأنه أن يرفع كفاءة سوق العمل ويزيد الإنتاجية، وهو الأمر الذى تؤكد عليه الدراسات العالمية.

تشير تلك الدراسات إلى أن زيادة نسبة الحاصلين على التعليم العالى بمقدار 1% تؤدى فى المتوسط إلى زيادة الإنتاجية الكلية للاقتصاد بنحو 0.6%.

ووفقاً لما أعلنه البنك الدولى أن كل سنة إضافية من التعليم الجامعى تسهم فى زيادة دخل الفرد بنسبة تتراوح بين 10% و17%.

وعلى الجانب الآخر، فإن كل نمو اقتصادى قوى من شأنه أن يشجع على خلق استثمارات جديدة فى التعليم والذى بدوريشجع على خلق بنية بحثية متطورة وجامعات مصنفة عالمياً، لتعود المعرفة والمهارات فتضخ دماء جديدة فى الاقتصاد.

فالأرقام خير دليل على المسار الإيجابيى الذى تسير فيه مصرفى التعليم العالى. فقد حقق معدل الالتحاق الإجمالى بالتعليم العالى نمواً مستمراً ليصل إلى 37.7% من إجمالى السكان فى الفئة العمرية (18-22 سنة) وذلك بفضل التوسع فى إنشاء الجامعات الحكومية والأهلية والتكنولوجية.

وعلى الصعيد الدولى، أصبحت مصر فى صدارة الدول الإفريقية من حيث عدد الجامعات المدرجة في تصنيف التايمز 2025 بإجمالى عدد 35 جامعة مصنفة بعد أن كانت جامعة واحدة مصرية فقط مدرجة فى التصنيف عام 2011، والذى يعد مؤشراً على اتساع قاعدة التواجد الدولى للجامعات المصرية.

من ناحية أخرى، بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالى وفقاً لمؤشر تعادل القوة الشرائية نحو 16.800-19.100 دولاراً في الفترة 2023–2024. هذا الرقم قابل للزيادة بشكل ملحوظ إذا ما تضاعف مردود الاستثمار فى رأس المال البشرى، وهو ما تؤكده التجارب الدولية بشأن إنعكاس قوة تأثير التعليم على الاقتصاد.

ما تحقق حتى الآن في مصر يمثل أساساً صلباً يمكن البناء عليها إذ بلغ عدد الجامعات في مصر حالياً 128 جامعة بمختلف أنواعها (حكومية، أهلية، خاصة، تكنولوجية، وأجنبية) مقارنة بنحو 50 جامعة عام 2014، بزيادة تقارب 156% خلال عقد واحد. هذه المنظومة المتنامية تضم 28 جامعة حكومية، و32 جامعة أهلية، و37 جامعة خاصة، و12 جامعة تكنولوجية، إلى جانب 9 فروع لجامعات أجنبية و10 مؤسسات تعليمية باتفاقيات دولية. هذا التوسع يؤسس للمرحلة التالى آلا وهى تعظيم العائد وتحويل مكتسابات التعليم العالى إلى محرك أساسى للنمو الاقتصادى.

إن تسريع حلقة النجاح المتبادل بين التعليم العالى والاقتصاد تتطلب تطبيق استراتيجية قومية واضحة تقوم على ضرورة توافق المناهج الدراسية مع احتياجات الاقتصاد القومى، وإلزام جميع البرامج الأكاديمية بمكون تدريبى عملى خاصة فى المجالات الاستراتيجية الهامة مثل التكنولوجيا المالية، والطاقة المتجددة واللوجستيات وسلاسل الأمداد وسلاسل القيمة، والزراعة الذكية.

أيضاً ضرورة زيادة مخصصات البحث العلمى للمشروعات ذات الأثر الاقتصادى المباشر، مع ضرورة تخصيص حوافز إضافية للجامعات التى تحقق شراكات صناعية أو تنتج براءات اختراع قابلة للتطبيق وتسهم فى زيادة معدل النمو الاقتصادى.

كذلك لا بد من الربط بشكل مباشر بين قابلية الخريجين للتوظف وسرعة التحاقهم بسوق العمل، وتمويل الجامعات لضمان انعكاس الاستثمار فى التعليم على الاقتصاد بشكل ملموس.

إن حلقة النجاح بين الجامعات والاقتصاد فى مصر انطلقت بخطى جادة، لكن تسريعها يتطلب تركيزاً أكبر على ضرورة تغيير الأولويات من خلال أعطاء اهتمام أكبر لجودة التعليم وأنعكاسة على جودة الحياة وقابلية الخريجين للتوظف فى مجال تخصصهم، مع تفعيل شراكات استراتيجية متنوعة مع كيانات صناعية وخدمية محلية وعالمية.

إن وجود إرادة سياسية واضحة وضعت التعليم على رأس أولويات إحداث التنمية - كما هو جلياً فى رؤية مصر 2030- يشجع الجامعات المصرية أن تكون قاطرة حقيقية للاقتصاد وتفتح آفاقاً أوسع لمستقبل اقتصادى أكثر نمواً واستدامة.

أ. د. خالد قدري
أستاذ إدارة الأعمال وعميد كلية التجارة السابق – جامعة عين شمس



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك