روايات البوكر.. «الوصايا» لمارجريت آتوود.. الثورة قادمة مرتدية عباءة حمراء وقلنسوة بيضاء - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:35 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روايات البوكر.. «الوصايا» لمارجريت آتوود.. الثورة قادمة مرتدية عباءة حمراء وقلنسوة بيضاء

منى غنيم
نشر في: الإثنين 14 أكتوبر 2019 - 2:06 ص | آخر تحديث: الإثنين 14 أكتوبر 2019 - 2:06 ص

إلى من تذهب البوكر.. اقرأ وأختار الأفضل من الأعمال الـ6

من المقرر أن يتم الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر البريطانية، اليوم الاثنين، حيث يتم الاختيار بين ست روايات تم تصعيدها إلى القائمة القصيرة وهي: "10 دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب" للكاتبة التركية الشهيرة إليف شفق ، و"رواية "أوركسترا الأقليات"، للكاتب النيجيري تشيجوزي أوبيوما، ورواية "الوصايا"، للكاتبة الكندية مارجريت آتوود، ورواية "فتاة، وامرأة، وأخرى"، للكاتبة البريطانية برناردين إيفاريستو، و"كيشوت " للكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، ورواية "البط ونيوبريبورت" للكاتبة الأمريكية البريطانية لوسي إلمان.

• وحتى لحظة الإعلان عن الرواية الوحيدة التي ستقتنص الجائزة، تقدم «الشروق» قراءة للأعمال الستة، والقضايا التي تطرحها تلك الروايات الناطقة بالإنجليزية وأهم ماورد فيها وشخصيات أبطالها بالإضافة إلى روائيها.

تترشح هذا العام لجائزة البوكر رواية "الوصايا" للكاتبة الكندية مارجرت آتوود ، ويعد هذا الترشح السادس للكاتبة التي حازت بالفعل على الجائزة عام 2000 عن روايتها "القاتل الأعمى"، وهي تتنافس هذا العام مع مجموعة من الكتاب منهم سلمان رشدي الحائز أيضًا على البوكر عن رواية "أبناء منتصف الليل" والمرشح هذا العام عن رواية "كيشوت" والتي تعد نسخة عصرية من رواية دون كيشوت القديمة للروائي الأسباني سيرفانتيس والتي تدور أحداثها في أمريكا في الوقت الحالي.

تشير الكاتبة في الرواية للاستغلال الذكوري للمرأة الذي يطالها في كل الأزمنة، ولا يسعى إلا للهيمنة عليها وتقليص دورها من خلال ملحمة ديستوبية عن مدينة تدعى "جلعاد"، وهي مدينة تخيلية مستقبلية ذات نظام حكم شمولي مسيحي متشدد في إنجلترا تنجح في الإطاحة بالولايات المتحدة وحكم العالم حيث تسيطر فيها عشيرة متزمتة على زمام الأمور، فتؤخذ البطلة "أوفريد" للمدينة ليتم تدريبها على أيدي مجموعة من النساء اللاتي أطلقت الكاتبة عليهن اسم "العمات"، يتميزن بالعنف واللؤم ويقمن بتدريب النساء من أجل هدف واحد فقط؛ وهو أن يرضخن للذكور ويصبحن خادمات مطيعات لأسيادهن الجدد، يمارسون معهن الجنس متى شاءوا ويحملن ويلدن، وليس لهن حق الاعتراض على أي شىء، ولا حق التعلم أو القراءة أوالكتابة، و هن حتى لا يملكن اسمًا، بل يُدعين بأسماء أسيادهن.

وتتناول الرواية قصة حياة الخادمة "أوفريد" وهي تعد تكملة للجزء الأول الذي نشرته آتوود عام 1985 بعنوان "حكاية خادمة"، وهي تستهل الرواية بمرور 15 عامًا على نجاح "أوفريد" في الفرار من معسكر العشيرة إلى كندا؛ ففي العشيرة يتم اغتصاب النساء من قبل الرجال ذوي النفوذ بهدف واحد هو أن ينجبن الأطفال، وتسميه العمات" الطقس"، وهو يعد اغتصابًا لأن موافقتهن لا تحتسب، إن الرواية تؤكد أحقية المرأة في الثورة ضد أعدائها وضد أي نظام شمولي يحاول فرض سيطرته على حياتها، وقد بدأت جذوة هذه الثورة في الاشتعال في الجزء الأول ولكن تم احتواءها.

هناك ثلاث حكايات في الرواية، اثنتان منهما صغيرتان في السن وتتمتعان ببعض المبادىء، وواحدة مسنة وهي العمة ليديا التي تتزعم العمات وتتحلى بالكثير من الدهاء والخبث والقدرة على إثارة الرعب، والعدل بالنسبة لها "مسرحية هزلية"، لكنه بالطبع غير حقيقي. والبطلات عمومًا في رواية آتوود يتحلون بشجاعة كبيرة اكتسبوها من سنوات العيش في الخفاء في شبكات تدار تحت الأرض وتعلم ألاعيب التسلل عبر الحدود وأساليب الجاسوسية والتلاعب حتى بزميلاتهم من أجل البقاء. في الرواية الأولى "حكاية خادمة" ساد الحسد بين نساء العشيرة حين كن مغلوبات على أمرهن، أما في "الوصايا" فقد سادت روح التعاون بينهن وهن جميعًا يحاولون كسر قيود العبودية.

وعلى الرغم من أفكار التحرر من العبودية والقوة التي تبثها آتوود عبر صفحات الكتب إلا أنها ترفض إقران روايتها بمصطلح النسوية، فالنسوية بالنسبة لها معتقد من المعتقدات لا يمكن طرحه كأيدولوچية لقراءة أيًا من كتبها ؛ فحين سألتها جريدة النيويورك تايمز في 2017 في مقابلة إن كانت روايتها "حكاية خادمة" رواية نسوية؟ أجابت :" إذا كنت تقصد بذلك أن النساء هن مجموعة من الملائكة و/أو لهذا هم ضحايا المجتمع، فالإجابة هي: لا"، وأردفت:"أما إن كنت تقصد أنه قد تم تصوير النساء في الرواية تم تصوير النساء على أنهم مجموعة من البشر الطبعيين متبايني أنماط الشخصية وسبل التصرف، مثيري فضول القارىء لمعرفة المزيد ، وأن الأحداث التي تقع لهم ضرورية للبناء الدرامي والحبكة والهدف في الرواية، فإن الإجابة حينها تكون: نعم".

وليس مستغربًا رفض الكاتبة تصنيف أعمالها تحت فئة فكرية معينة؛ فالكاتبات وصانعات الأفلام يتخوفون من أن يلصق مصطلح النسوية بأعمالهم لأنهن يروون أن هذا يحجم من خيال القارىء ويفرض عليه رؤية الأمور من خلال زاوية معينة يستشعر فيها أن العمل قد خرج للنور من أجل الضجة الإعلامية فحسب حسبما جاء في صحيفة الجارديان.

لقد تم تحويل رواية آتوود: "حكاية خادمة" إلى عمل تليفزيوني بنفس الاسم، قامت بالتمثيل فيه آتوود نفسها في دور إحدى "العمات" في مشهد تقوم فيه عشيرة الخادمات بوصم امرأة بالعار عبر مجموعة من الطقوس بسبب كونها قد تسبب في أن يتم اغتصابها وهي في عمر الرابعة عشر، فالعشيرة ترى أن الخطأ يقع عليها بالكامل، ولا شىء على المغتصبين.

وقد صرحت آتوود أن كل ما جاء في الكتاب من ديستوبيا مستقبلية قد حدث بالفعل في بقعة ما من بقاع هذا العالم، حتى في أمريكا التي عرفت العبودية في الماضي. فهل تحذرنا آتوود من أن حالة العالم اليوم قد تتسبب في وقوع نفس الديستوبيا المظلمة في المستقبل؟ ، جدير بالذكر أن الكاتبة نفت عن كتابها التأويلات الساسية أيضًا برغم قيام الكثيرين من قراء الرواية بربط الأحداث بأرض الواقع، فيرون الرواية على أنها رمز قوي مناهض لدونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة المعروف بكراهيته للنساء، كما أن الرواية قد أدت لحراك شعبي نسوي كبير؛ فخرجت متظاهرات مروجات لحقوق المرأة في الأرجنتين مرتديات العباءة الحمراء وغطاء الشعر الأبيض المميز لزي الخادمات في الرواية، وارتدت بعض النسوة نفس الزي أيضًا في الولايات المتحدة في بعض المظاهرات المناهضة لترامب.

وقد جاءت فكرة "جلعاد" لآتوود بعد أن عاشت في ألمانيا الغربية في الفترة التي سبقت سقوط جدار برلين، وهي فترة مظلمة كما تراها آتوود لم يتحل البشر فيها بالتكنولوجيا والقدرة على الولوج إلى الإنترنت فكانوا لا يدركون شيئًا عما يجري في البلاد، ولا عن أخطاء حكامهم.

ومن الطريف قيام بعض المعجبين من قراء آتوود بابتكار أشياء بعد قراءتهم للرواية الأولى أدرجتها الكاتبة عن طيب خاطر في كتابها، مثل تسمية أوفريد بـ"چوون"،الاسم الذي استعملته آتوود في الوصايا وشخصية نيكول، الطفلة الرضيعة التي ظهرت في المسلسل ولم تقم الكاتبة باختراعها من الأساس لكنها ألحقتها في الأحداث وقد أصبحت شابة يافعة.

وقد حققت "الوصايا" مبيعات قياسية في بريطانيا؛ حيث صرّح صاحب دور نشر أن مبيعات "الوصايا" جاءت الأعلى في قائمة الروايات التخيلية ذات الأغلفة السميكة هذا العام حيث بيعت 103.177 نسخة خلال خمسة أيام فقط من طرحها، وقد طرحت محلات الكتب والمكتبات في المملكة المتحدة لافتات دعائية للروايات بعد ظهور القائمة القصيرة، وكانت الكاتبة قد صرحت من قبل لشبكة بي بي سي الإخبارية أنها تعرضت لهجمات إلكترونية من قبل بعض القراصنة عن طريق حسابات بريد إلكتروني مزيفة في محاولة لسرقة قصتها قبل النشر.

ويجدر بالذكر أن ظهور "الوصايا" يتزامن مع قرارت منع الإجهاض في معظم الولايات في أمريكا، فهل ستغير وصايا آتوود نظام الإدارة الأمريكي؟ وهل ستعطي المرأة جواز مرور للحرية في أي مكان؟



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك