ــ صندوق الخسائر والأضرار يستهدف التعامل مع الصدمات المناخية وتغيراتها.. واستضافته مؤقتا داخل البنك الدولى
ــ مؤتمر كوب 28 يركز على الاستثمار فى الطبيعة والتنوع البيولوجى كخطى دفاع فى مواجهة تغير المناخ
ــ التمويل ليس فقط مجرد تعبئة الموارد من الخارج والداخل ولكن يتعلق بتوجيهه نحو المشروعات
ــ يجب إصلاح مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف لزيادة رءوس أموالها وتبنى سياسات جديدة للتمويل الميسر
أكد الدكتور محمود محيى الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخى COP27، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، أهمية تسمية مذكرات التفاهم لتمويل مشروعات المناخ بأنها مذكرات نوايا وليست تعاقدات فعلية إذ لا تتضمن اتفاقا على شروط، مع ضرورة التعجيل بعمل العقود الملزمة.
وقال محيى الدين فى حواره مع «الشروق»، على هامش فاعليات مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين فى دبى، إن صندوق الخسائر والأضرار هو ملجأ أخير للدول، حيث يرتبط الصندوق بخسائر وأضرار متحققة بشدة بسبب فيضانات وأعاصير.
وأوضح أن صندوق المناخ الذى أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن تمويله بمبلغ 30 مليار دولار هو صندوق للاستثمار فى العمل المناخى وفى تقليل الانبعاثات الكربونية، على مستوى البلدان النامية والأسواق الناشئة.
إلى نص الحوار:
< ما هى مخاطر مذكرات التفاهم التى توقعها الدول لتمويل المشروعات؟
ـــ موضوع التمويل ليس فقط مجرد تعبئة الموارد من الخارج والداخل ولكن أيضا وضع فى الاعتبار أن هذا التمويل يذهب إلى مشروعات للطاقة والمياه، وللتكيف عموما فى مجالات الزراعة وفى مجالات تطوير البنية الأساسية ما يجعل الدول أكثر قدرة على الصمود فى مواجهة تحديات تغيرات المناخ مثل الأعاصير أو التصحر أو ارتفاع مستوى مياه البحر، وكل هذه من الأمور المتعارف عليها.
التمويل سيذهب لمشروعات الطاقة بالأخص؛ لأنه يتطلب استثمارات ضخمة ليس فى مجال المشروعات فقط ولكن أيضا فى مجالات البنية الأساسية المساندة له.
ويعنى ذلك أنه إذا ما استمعت مثلا إلى مشروع من المختصين فى مجال الهيدروجين الأخضر تجد أن تكلفة المشروع ليس بعشرات الملايين ولكن بمئات الملايين على مدى عدة سنوات، وهذا المشروع حتى ينجح يحتاج إلى بنية أساسية خضراء مساندة له حتى تتوافق مع القواعد الخاصة باستخدام هذه الطاقة فى الداخل والخارج.
والمخاطر هنا عندما وجدناها فى حالة عدد من الدول الإفريقية فى تعاونها مع دول أوروبية ودول متقدمة اقتصاديا أو غنية تجد أنها توقع مذكرات تفاهم وهى ليست عقودا وليست اتفاقات ملزمة إلا فى حدود ما هو متعارف عليه.
ويجب أن توضع مذكرات التفاهم تلك فى إطار مسماها لأنها ليست تعاقدات فعلية ولا تتضمن اتفاقا على شروط أو مبيعات أو غير ذلك، ولكنها بالتأكيد تحمل أهمية باعتبار أنها تكون ما بين سياسيين وشركات كبرى وسياسيين ومسئولين فى الحكومات، ومن ثم فإن المذكرات الموقعة تعتبر نوايا للمشاركة ونوايا للتعاون ونوايا للحركة قدما، وبالتالى تجد عددا كبيرا من البلدان توقع 10 من مذكرات التفاهم ولكن ما يتم تنفيذه منها أقل من ذلك بكثير.
< ما الذى سيترتب على هذه الاتفاقات غير الملزمة؟
ـــ أولا: لابد أن نضع مذكرات التفاهم فى سياقها وفى إطارها القانونى غير الملزم للأطراف.
ثانيا: التعجيل وفورا بعمل العقود الملزمة، وأفضل أن تكون العقود جاهزة وقبل الإعلان عن أى شىء أن يكون هناك ما هو متوقع من الأطراف فى حالة العقود والاتفاقات قبل الدخول فى هذه المذكرات.
الأمر الثالث: ألا تتخذ إجراءات من جانب الدولة النامية تترتب عليها إنفاق على مشروعات مساندة لمذكرات التفاهم إلا بعد ثبوت الجدية المناسبة من الدول المتقدمة، لأن هناك عددا كبيرا جدا من البلدان تعتقد أن الطرف الذى أمامه لديه القدرة السياسية والمالية دائما، ولكن كما تبين فى حالات كثيرة وفى مشروعات كثيرة، أن القدرة السياسية بل الرغبة فى استكمال المشروعات تتغير من حكومة إلى حكومة، فى الدول المتقدمة مع تغير الإدارات.
وأود الإشارة هنا إلى أن الشروط المالية قد تتغير بتغيرات معينة فى ظروف التعاقد أو عندما يتوفر التمويل للدولة المتقدمة.
والأمر الإضافى أن الاستثمارات التى تقوم بها بعض البلدان ليست بالضرورة أن تكون من موازناتها، ولكن تأتى من خلال مؤسسات تابعة لها متعددة الأطراف لها نظم للحوكمة أو جهات للاستثمار لا تخضع لسيطرة الحكومات مباشرة بطبيعة الحال، وبالتالى يجب أن يكون هناك قدر عال من التحوط فى هذا الشأن بأن نضع ذلك فى إطار المخاطر التى يجب التحوط ضدها، وأن تكون الاستثمارات المساندة متدفقة فى ظل هذه الاعتبارات والمحاذير، وأن يتم الدفع فورا بجذب الاستثمارات، وأن لا تكون عرضة لاستمرار طويل لها فى التفاوضات التى مع طول الفترة الزمنية قد تتبدل الشروط الاقتصادية والسياسية الممكنة لإنجاز مثل هذه المشروعات الضخمة.
< ما هو دور صندوق الخسائر والأضرار الذى تم إقراره فى COP27 بشرم الشيخ؟
ـــ صندوق الخسائر والأضرار، هو الصندوق الذى لا تتمنى أى من الدول أو المجتمعات أو الشركات اللجوء إليه لأنه يأتى بعد أزمات شديدة، وبعد التعرض للأعاصير أو حرائق أو دمار فى المجتمعات. والصندوق هو ملجأ أخير للدول لما بعد القيام بالأدوار الأهم فى التخفيف من الانبعاثات الضارة وفى التكيف مع هذه الانبعاثات. ولا نتمنى لأى دولة أن تحصل على تمويل من الصندوق ولا ندعو إلا بالخير للدول، لأن هذا الصندوق يرتبط بخسائر وأضرار متحققة بشدة بسبب فيضانات وأعاصير.
وبالتالى هذا الصندوق وجد للتعامل مع تداعيات سلبية تعرضت لها عدة دول فى مرافقها وفى بنيتها الأساسية وفى مبانى سكانها. وهناك ما لا يمكن تعويضه وهو حياة البشر وإصابتهم فى أجسامهم بسبب ما يتعرضون له من حوادث بسبب التدهور فى المناخ وتأثيره على الطقس وتأثيره على مسببات هذه المشكلات التى وجد الصندوق للتعامل معها.
والصندوق نادت به البلدان النامية ونادت به الجزر الأكثر تعرضا لهذه التقلبات، ومن المفتروض أن يكون مؤهلا فنيا وماليا لتعبئة الموارد للتعامل مع الصدمات المناخية وتغيراتها، وتعهدت عدة دول بتمويله.
< كيف سيدار صندوق الخسائر والأضرار؟
ـــ الصندوق سيتم استضافته مؤقتا داخل البنك الدولى، ولكنه يتمتع بالاستقلال الإدارى والمالى من حيث الحوكمة والعمل. والميزة فى وجوده داخل مؤسسة مثل البنك الدولى بأن يكون هناك المساندة المؤسسية التى تسمح بتفعيله، علما بأنه سيكون له مجلس إدارة أغلبيته من البلدان النامية، وهناك أيضا تمثيل للجزر لأنها أكثر تعرضا للمشكلات المناخية المناخية، وسيضم الصندوق الكوادر والخبراء المطلوبين للعمل به.
ومن المتصور أن يقترح الصندوق من خلال مجلس إدارته نظام للتمويل المتكامل الذى يسمح بأن يكون هناك تدفق مستمر لموارده من مصادر يمكن الاعتماد عليها حتى لا نقع فى المأزق المعتاد، وهو أنه عندما تتعرض دولة لمشكلات بسبب التأثير السلبى لتغيرات المناخ، تستغرق المؤسسات والمنظمات المالية والعالمية وقتا طويلا حتى تستطيع أن تقدم الاستجابة الواجبة والمناسبة لهذه البلدان، منها مثلا حالة دولة باكستان التى تعرضت لفيضانات غطت ثلث أرضها، وقدرت الخسائر فى بعض التقديرات لما يتراوح بين 30 و40 مليار دولار، ولكن ما جاء إليها من تمويل خارجى للمساندة هو جزء بسيط للغاية مما كان متصورا فى أثناء هذه الأزمة.
ومن المتصور إذا ما حدث مثل هذا الأمر فى أى بلد من البلدان، أن يكون هذا الصندوق قادرا على تفعيل الاستجابة السريعة وتوفير التمويل المناسب لإنقاذ هذه البلدان حتى تستمر الحياة وتقلل الخسائر.
< ما دور صندوق المناخ الذى أعلنت الإمارات عن تدشينه بمبلغ 30 مليار دولار؟
ـــ الصندوق سيكون لتمويل العمل المناخى بالاستثمار فى طاقة الرياح والطاقة الشمسية وفى مجالات الهيدروجين الأخضر وفى تقليل الانبعاثات الكربونية، وستستفيد البلدان النامية والأسواق الناشئة أيضا من الصندوق، من خلال بناء القدرات وتقديم الدعم التقنى لمشروعات المناخ.
وهذا التمويل يختلف عن ما تم الإعلان عنه من قبل بتوفير 4.5 مليار دولار تم التعهد بها لأفريقيا، وهذا تمويل آخر بمحددات أخرى مختلفة.
< ما الفرق بين مؤتمرى المناخ بشرم الشيخ ودبى؟
ـــ مؤتمر الأطراف السابع والعشرين بشرم الشيخ، أكد أهمية النهج الشامل الذى يعتبر العمل المناخى جزءا لا يتجزأ من العمل التنموى، بينما يركز مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين على أهمية الاستثمار فى الطبيعة والتنوع البيولوجى بوصفهما خطوط دفاع فى مواجهة تغير المناخ.
وتنفيذ العمل المناخى يستلزم توافر التمويل الكافى والعادل، والاعتماد على الحلول العلمية والتكنولوجية، ووضع السياسات والأطر التنظيمية المحفزة للعمل المناخى، واستغلال كل الأدوات الممكنة لسد فجوة تمويل المناخ.
ويجب العمل على إصلاح مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف بحيث يتم زيادة رءوس أموالها وتبنى سياسات جديدة للتمويل الميسر، مع ضرورة تفعيل مقايضة الديون بالاستثمار فى الطبيعة والمناخ، وإنشاء أسواق الكربون، بوصفها أدوات تساعد الدول النامية والاقتصادات الناشئة على تمويل أنشطة المناخ لديها.