سارة أحمد.. ذات السنوات السبع والأصابع الذهبية.. تواجه فقد البصر بأنغام الموسيقى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:37 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سارة أحمد.. ذات السنوات السبع والأصابع الذهبية.. تواجه فقد البصر بأنغام الموسيقى

سارة أحمد
سارة أحمد
كريم البكري
نشر في: الإثنين 20 يوليه 2020 - 3:33 م | آخر تحديث: الإثنين 20 يوليه 2020 - 3:33 م

«عمار الشريعي - سيد مكاوي - أندريا بوتشيلي» أسماء مضيئة في طريق الفن، كذلك أيضًا «طه حسين - هيلين كيلر - أبو العلاء المعري»، رموز ثقافية تركت بصمات لن تُمحى مهما مرت الأزمنة والعصور، والمشترك بين كل الأسماء السابق ذكرها بالإضافة إلى عشرات الأسماء التي لن يتسنى لنا حصرها؛ وإذا حصرناها فحتمًا لن تكفي الكلمات لترصد إنجازاتهم وبصماتهم في شتى المجالات الفنية والاجتماعية والعلمية والسياسية.. جميعهم من فاقدي البصر.

«فقد البصر»، قد يصنفه البعض عائق يمنع صاحبه من الحياة بطبيعية، لكن هناك من يعشقون قهر المستحيل، وتحطيم المعتقدات السائدة؛ مستغلين في ذلك مواهبهم وسائرين خلف شغفهم، ومتسلحين بكل المؤمنين بهم، ومتغاضين عن الإحباطات والعثرات والسقطات.

«سارة أحمد».. اسم جديد ينضم لقائمة المتغلبين على فقد البصر، البداية عندما رصدنا فيديوهات عبر موقع فيسبوك، لطفلة إسكندرانية لم تتجاوز سنواتها السبع، تعزف باحترافية على الأورج ألحانًا لفيروز، وتخاطب جمهورها ببهجة أجبرتنا على البحث أكثر في قصة هذه البطلة الصغيرة سنًا والكبيرة قدرا ومقاما.

«الشروق» حاورت يسرا عادل والدة الطفلة، التي قالت بدورها إن «سارة» وُلِدت مبكرًا في شهرها السادس، وخضعت للرعاية بالحضّانة لمدة 3 أشهر، ثم اكتشفوا أنها تعاني من انفصال شبكي؛ سيجبرها على أن تكمل بقية سنوات عمرها فاقدة للبصر، ولكن العناية الآلهية منّت على سارة بمواهب أخرى.

«المرحلة كانت صعبة على سارة، وعلينا كعائلة»، بهذا الكلمات أعربت والدة الطفلة عن انطباعها المبدئي بعد اليأس من إيجاد علاج أو حل جراحي؛ مشيرة إلى عدم انتشار ثقافة التعامل مع الطفل فاقد البصر؛ بشأن التربية والتعلم، مستكملة: «بشكل شخصي حاولت أن أستكشف كيفية تنمية مهاراتها، ثم انغمست مع مجموعة من النماذج الناجحة من فاقدي البصر؛ لتعلم تجربتهم».

 

• اكتشاف الموهبة

وكانت السنة الرابعة من عمر «سارة» بمثابة نقطة تحول، فمثل أي طفلة كانت تنعم بألعاب الأطفال، ولكنها انجذبت للعبة «الأورج» وحاولت أن تعزف الأغاني التي تسمعها على الأورج؛ ليكتشف الأبوين موهبتها الدفينة، ويزوداها بأورج احترافي للعزف.

وتتابع الأم حديثتها: «كانت تحاول تعزف الإعلانات والأغاني التي تسمعها في الراديو، وكانت تحاول تجميع اللحن بشكل مبسط، وفي سن 5 سنوات كانت تستطيع أن تعزف أغنية كاملة بدون أي مساعدة من الآخرين أو تعلم أكاديمي».

إذا كنت عزيزي القارئ تطالع صفحة سارة؛ ستُدهش من التنوع الموسيقي والثقافي المتأصل داخل الطفلة، التي تعشق أم كلثوم وفيروز وعبدالوهاب، وتعزف ألحانهم بمنتهى البراعة؛ وكانت موهبة العزف تُرضي شيئًا داخل سارة، ويشعرها بالكمال والتميز.

 


• أول وقوف على المسرح

وفي عام 2018 الذي خصصته الدولة عاما لذوي الهمم والقدرات الخاصة، كشفت الأم أنها حاولت التواصل مع إدارة ملتقى الإنسانية؛ الذي رحب بموهبة سارة، وسمح لها للمرة الأولى الوقوف على المسرح أمام الجمهور للعزف.

نجاح سارة في المنتدى، دفع والدها ووالدتها للبحث عن طريق احترافي لتعليم سارة قواعد العزف، ولكن أزمة المركزية وعدم توفر مراكز تعليم متخصصة في الإسكندرية صعّبت من المهمة. تقول الأم: «بعض المراكز أحبطتنا بسبب عدم قدرتهم على تعليم طفلة كفيفة، أو نظرًا لسنها الصغير، حتى وجدت معهدًا يسمح بتعليم ذوي القدرات الخاصة، وبالفعل تجاوزت اختبارات القبول وانضمت للمعهد رسميا».

 

• درس الموسيقى

لم يكن درس الموسيقى مجرد تنمية لموهبة سارة، بل كان سببا رئيسيا لتغذيتها الاجتماعية وخلق بيئة خارجية من الأصدقاء والمعلمين، وتشكيل طموحها، وفتح آفاق التقدم والحلم أمامها؛ لذلك بات موعد الدرس مقدسا لسارة.

وبعد الدراسة الاحترافية، عزم والد ووالدة سارة، على الاشتراك لابنتهما في مسابقة «المواهب الذهبية» لذوي القدرات الخاصة، والتي تقام تحت رعاية وزارة الثقافة؛ وبالفعل استطاعت تجاوز الاختبارات رغم كونها صغيرة سنًا، بل وحصدت أيضًا لجنة التحكيم الخاصة.

«صقفولي».. هكذا كان طلب سارة من الجمهور بعد تكريمها بالجائزة من وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم. تقول والدتها: «سارة لا تعشق في الدنيا قدر اهتمام الناس ومحبتهم وتشجيعهم».

واتخذت الطفلة الموهوبة خطوة جديدة، في مسابقة «الحلم المصري» التابعة لوزارة الشباب والرياضة والمخصصة لذوي القدرات الخاصة، واستطاعت الحصول على المركز الأول؛ ما يصنف إنجازا وفقًا لسنها.

ترى والدتها، أن المسابقات لها قيمة معنوية لدى الطفلة؛ نظرًا لأنها شكّلت لها قيمة ذاتية.. فضلا عن اتساع في دائرة المعارف والأصدقاء؛ وذلك انعكس بالإيجاب عليها.

 

• سارة عبر السوشيال ميديا

ظلال كورونا مثلما انعكست على العالم أجمع، ألقت بظلالها على مدرسة سارة ومعهدها ودرس الموسيقى المقدس؛ شعرت الأم بخطورة ذلك وخشت من العودة للوراء؛ لذلك قررت تدشين صفحة لنشر فيديوهات سارة عبر مواقع السوشيال ميديا، وتروي لسارة ردود الأفعال.

«من عتمة الليل النهار راجع - ومهما طال الليل بييجي نهار - مهما تكون فيه عتمة ومواجع - العتمة سور ييجي النهار تنهار»، هكذا كتب الشاعر سيد حجاب، ولحن الموسيقار الكبير فاقد البصر عمار الشريعي، وغنى علي الحجار تتر مسلسل الأيام الذي جسّد حياة طه حسين الذي فقد البصر أيضًا.. وها هي سارة تثبت أن «عتمة الليل» سيتبعها نهار يمحي كل الظلام والمواجع.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك