على مدار ساعتين عايشنا صرخات واستغاثات وبلاغات عدد من المواطنين.. حيث كانت «الشروق» أول جريدة تزور مقر الإدارة العامة لشرطة نجدة القاهرة بعد افتتاحها بمديرية أمن العاصمة منذ أسبوع.. تابعنا سيل الاتصالات على الرقم 122 وكيف يتم الاستجابة لأصحاب البلاغات فورا أو توجيههم إلى أقصر الطرق لحل مشكلاتهم.. وكشف اللواء عاطف بندارى مدير شرطة نجدة القاهرة فى تصريحاته الخاصة عن أن عدد البلاغات اليومية يزيد على 5 آلاف بينها أكثر من 4 آلاف «فشنك» بحسب وصفه ومصدرها فتيات وشباب لا يقدرون أهمية عمل الإدارة.
فى البداية دخلنا الغرفة التى تسع أكثر من 80 ضابطا وفرد شرطة وكان أمامهم أجهزة حديثة تكشف عن سيطرة الكاميرات على أغلب ميادين القاهرة وشوارع وسط العاصمة، حيث يمكن تكبير وتصغير الصور فى لحظات، وخلال دقائق يمكن توجيه قوة أمنية إلى أى حادث، كما يتم فحص البلاغ على الشاشات مباشرة.. اقتربنا من ضابط كان يتلقى بلاغا من أحد المواطنين يستغيث بالنجدة وكان مهندسا زراعيا أصيب نجله بغيبوبة سكر وهو يجلس بجواره على مقعد سيارته وتوقف وسط الشارع فاقدا أعصابه ولم يتمكن من قيادة السيارة للذهاب به إلى المستشفى وطلب من النجدة سيارة إسعاف بسرعة حتى تنقذ حياة نجله وفى دقائق كانت إشارة النجدة إلى سيارة إسعاف بشارع القصر العينى تتجه للمهندس وتنقله فورا إلى مستشفى احمد ماهر.
اتصال آخر من تليفون محمول سيدة مسنة فى البراجيل تستغيث من اشتعال النار فى المطبخ ولم تتمكن من الخروج وكانت فى الطابق الرابع وتصرخ وتم رفع اإشارة باستغاثة السيدة إلى إدارة الحماية المدنية فى شمال الجيزة وتم التنسيق مع حى شمال الجيزة والحماية المدنية لإغلاق المرافق من كهرباء وغاز بالمنطقة وتم نقل السلم الكهربائى خلال فترة وجيزة وإنقاذ السيدة وإخماد الحريق وإنقاذها من موت محقق.
فيما جاء اتصال شاب بالنجدة متحدثا بصوت عال: النجدة النجدة.. أجاب الضابط نعم يافندم وأعاد الشاب الحديث متسائلا: إنت سامعنى كويس جدا فأجاب الضابط نعم أسمعك ما هو البلاغ فتم إغلاق الخط مباشرة وضحك الضابط قائلا هذا الشاب يتحدث من شارع عبدالعزيز وعايز يجرب سماعة التليفون ونتلقى يوما عشرات المكالمات من زبائن محال صيانة المحمول.
وقفنا أمام قسم البلاغات الجنائية فكانت استغاثة من إحدى السيدات بمنطقة المعادى الجديدة تتحدث بصوت خافت وتقول إن أحد الأشخاص دخل الشقة ويعبث بمحتوياتها وأنها تختفى فى غرفة الأولاد وتخشى من الخروج حيث إن اللص يحمل فى يده فرد خرطوش تم توجيه سيارة الدورية الراكبة التى كانت عائدة من فحص أحد البلاغات بشارع خلف مكان الواقعة وصعد ضابط و3 أمناء شرطة إلى الشقة واقتحموا الشقة من المنور وتم القبض على اللص متلبسا وبحوزته المسروقات وتبين أنه نجل شقيقة صاحبة البلاغ.
وبلاغ آخر من طبيب يقود سيارته بكورنيش النيل اتجاه حلوان واصطدمت بسيارته سيارة أخرى ميكروباص ولم يتمكن من التقاط أرقامها وهرب السائق من مكان الحادث وتمت الاستعانة بكاميرات المراقبة أثناء الحادث وتبين وضوح أرقام السيارة وقائدها يحاول الهرب من مكان الواقعة وتم إخطار الإدارة العامة للمرور لتحرير محضر بالواقعة وضباط قائد السيارة المخالف وتم توجيه الطبيب إلى قسم الشرطة.
وعن أعمال التطوير بغرفة عمليات النجدة يقول اللواء عاطف بندارى مدير شرطة نجدة القاهرة: تم توسعتها لتصبح أكبر غرفة عمليات بالشرق الأوسط سواء من حيث المساحة والإمكانيات وتم تطويرها لاستيعاب البلاغات التى تتزايد بصورة رهيبة مع زيادة عدد سكان القاهرة وتم تزويدها بـ2 سنترال وتدعيم خطوط بلاغات على رقم 122 لتصل إلى 30 خطا أساسيا و30 خطا احتياطيا مربوطة بخدمة «كول سنتر» من أحدث تقنيات التكنولوجيا الحديثة ويوزع البلاغات على المواضع غير المشغولة بحيث لا يعطى انتظارا للمبلغ إلا إذا كانت المواقع الـ30 مشغولة بتلقى بلاغات أخرى.
كما تم تدعيم الغرفة بعدد كبير من كاميرات المراقبة ويتم السيطرة عليها عن طريق ربطها بكاميرات وشاشات مراقبة خاصة بقيادات النجدة فى عدد من ميادين القاهرة وشوارعها بحيث تغطى أغلب شوارع ومناطق وسط العاصمة الحيوية وهذه الكاميرات تكشف ما يحدث فى الشوارع على مدى الساعة وتكشف أى محاولات إرهابية لبث الذعر .

- تأمين البنوك
وعن خدمة تامين البنوك وإدارة النجدة قال: نظرا لمحاولات بعص اللصوص السطو المسلح على البنوك أصر اللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية على ربط الغرفة بنوعين من إنذار البنوك تشمل جميع البنوك الرئيسية وفروعها بالقاهرة وهما إنذار لاسلكى بالتنسيق مع الشركة المصرية للاتصالات عبارة عن خط وكود 135 على اتصال بمدير البنك ومسئول الأمن والخزنة الرئيسية للبنك ويشمل 850 بنك بالقاهرة. وأيضا يوجد نوع آخر من إنذار البنوك يسمى الإنذار المبكر وهو عبارة عن إنذار لاسلكى على شبكة أجهزة الترا الحديثة ويشمل 813 بنكا بالقاهرة وثبتت اهميته لانه يشمل إنذار البنوك ضد السرقة والحريق وفتح باب الخزنة الرئيسية لأى بنك بحيث يعطى إشارة بالنجدة وهناك خدمة الكترونية بين البنك والنجدة حيث إنه بمجرد ان يرفع مدير البنك السماعة دون أن يتحدث يتم توجيه القوات إلى البنك لمعرفة المشكلة وهناك أيضا ارتباط بين كود فتح خزينة البنك وشرطة النجدة التى تعرف فى ثوان معدودة أن ابواب الخزينة تم فتحها وهذا أدى إلى تأمين البنوك فى مصر تامينا جيدا ضد أخطار السطو.
وحول تأمين الأفواج السياحية قال مدير شرطة نجدة القاهرة: تم إنشاء إدارة فرعية تسمى إدارة تأمين الأفواج السياحية داخل العاصمة وبها 32 سيارة نجدة مخصصة لتأمين الأفواج ومرافقتهم بالقاهرة أثناء متابعة المزارات السياحية ( المتحف المصرى ــ الحسين ــ مجمع الكنائس ــ مسجد ابن طولون ــ مسجد الرافعى ــ وقلعة محمد على ــ مطار القاهرة ) وتأمين خطوط السير.
وتتسلم سيارة النجدة الفوج السياحى بداية من وصوله لمطار القاهرة حتى تسكينه بالفندق والإشراف على برنامجه السياحى حتى حدود الجيزة ثم تتسلمه نجدة الجيزة او المطارات الداخلية. كما يتم تأمين محاور الفنادق بالقاهرة بعدد من سيارات النجدة وبداخلها ضباط من الباحث الجنائية والأقسام لتأمين وفحص حالات الاشتباه.
وعن آلية تأمين العاصمة أوضح أن القاهرة مراقبة بشبكة كاميرات منتشرة بالميادين العامة والشوارع والمحاور الرئيسية تعرض على الشاشات الموجودة بغرفة العمليات للنجدة لملاحظة الحالة الأمنية والمرورية ويتوافر بالكاميرات خدمة «الزوم» للتركيز على تفاصيل أى شىء مخالف مثل تصوير السيارة ومن بداخلها ورقمها، ويتم الاحتفاظ بالتسجيلات لمدة شهر بحيث يتم الرجوع لها فى موقف يتطلب ذلك.

- أساليب حديثة
وعن الطرق الحديثة للاستجابة لبلاغات الموطنين قال اللواء عاطف بندارى: تم تدعيم غرفة النجدة بـ5 مواضع بلاغات إنسانية لمساعدة أى مواطن فى العثور على (حضانات ــ فصيلة دم نادرة ــ غرفة عناية مركزية ــ ومساعدة كبار السن) كانت آخر تلك الحالات الإنسانية مساعدة أب فى إسعاف ابنه عقب ابتلاعه سوسته حديدية ورفض عدد من المستشفيات قبول حالته حيث تم توجيه مأمورية خاصة واصطحاب الطفل حتى تم قبوله بمستشفى الدمرداش لإسعافه. كان المواطن مجدى أحمد محمود 52 عاما خراط بالمعاش ومقيم بالنهضة توجه إلى الإدارة العامة لشرطة النجدة وبصحبته نجله «زياد» 5 أعوام وأفاد بابتلاع نجله سوستة حديدية شعر على إثرها ببعض الآلام بالمعدة فاصطحبه لأحد المستشفيات العامة التى رفضت قبوله أو إجراء الإسعافات الأولية له ما دفع والدة لطلب المساعدة.
تم إخطار اللواء خالد عبدالعال مساعد الوزير مدير أمن القاهرة والذى وجه بتقديم يد العون للمواطن ونجله وتوفير جميع السبل المتاحة وتم التنسيق مع غرفة عمليات إدارة تأمين المستشفيات للتنسيق لقبول الحالة واتخاذ الإجراءات الطبية حيالها. وتم توجيه المواطن بصحبة مأمورية خاصة من شرطة النجدة إلى مستشفى أبو الريش وأفادت المستشفى بضرورة تحويل الحالة المستشفى الدمرداش وبالفعل تم توجيه سيارة إسعاف بمعرفة غرفة عمليات النجدة إلى المستشفى وقامت باصطحابه إلى مستشفى الدمدراش وحجزه واتخاذ جميع الإجراءات الطبية اللازمة حيالها.
وعن المدة التى تستغرقها إدارة النجدة لفحص بلاغات المواطنين قال: تختلف مدة فحص البلاغات وفقا لاوقاته وحسب الحالة المرورية فمثلا الاستجابة لبلاغات ساعة الذروة يزيد ما بين 5 و15 أو 20 دقيقة. كما أن خدمة الخرائط التى تم استحداثها توفر معرفة أماكن السيارات ويتم توجيه أقرب سيارة لمحل البلاغ.
وحول رده على شكوى المواطنين من عدم الاستجابة السريعة من شرطة النجدة لشكاواهم يقول اللواء عاطف بندارى: كانت هذه الشكاوى قبل تطوير وتحديث غرفة العمليات لكن الآن وبعد زيادة عدد الخطوط إلى 30 خطا أساسيا و30 خطا احتياطيا لا توجد مثل هذه الشكاوى. كما أن رقم 122 يعرفه أى مواطن ونستقبل يوميا 5 آلاف مكالمة من ضمنها نحو 800 شكوى او بلاغ يومى يتم فحصها عن طريق سيارات النجدة وأقسام الشرطة والجهات المعاونة كالمرور والمرافق والحماية المدنية. أما باقى الاتصالات فتتنوع ما بين (تجربة تليفون ــ معاكسات ــ بلاغات كاذبة) أو احاديث لا تهم المواطن فى شىء ما يكون له أثر سلبى على انشغال خطوط 122 وانشغال العاملين عليها فى اتصالات لا جدوى منها وقد تؤثر بالسلب على المبلغين الحقيقيين والطالبين لإغاثتهم من أمر طارئ .