أحمد مراد: وضعت سيناريو «الفيل الأزرق كاملا» ليتعرف القارئ على كيفية تحويل العمل الروائى إلى عمل سينمائي - بوابة الشروق
الخميس 30 مايو 2024 2:37 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحمد مراد: وضعت سيناريو «الفيل الأزرق كاملا» ليتعرف القارئ على كيفية تحويل العمل الروائى إلى عمل سينمائي

حوار ــ شيماء شناوى:
نشر في: الجمعة 22 أبريل 2022 - 6:04 م | آخر تحديث: السبت 23 أبريل 2022 - 1:27 م

ــ الكتاب دليل لمن يريد أن يتعلم ويحترف فن الكتابة
ــ الكاتب الناجح ليس لديه طرق أخرى للحياة سوى الكتابة
ــ على الكاتب أن يعرف متى وأين يتوقف فى عملية البحث حتى لا يغرق فى رماله المتحركة
ــ نصيحتى للكاتب الموهوب ألا يضع أفكاره وعمله على «السوشيال ميديا» قبل أن يكتمل محتواه
ــ تفكيرى فى كيف بدأ نجيب محفوظ فى كتابة «الحرافيش» ولماذا اختار القارب كمكان لأبطال «ثرثرة فوق النيل» جعلنى أكتب «القتل للمبتدئين» كنوع من التوثيق
ــ جزء من سحر المبدع هو مشاركة القراء فى كيفية صناعة عمله


انطلاقا من أمنية للجلوس ولو لمرة واحدة مع الأديب نجيب محفوظ وسؤاله عن الشرارة التى جعلته يشرع فى تأليف ملحمته «الحرافيش» ومن أين جاء بفكرة اختيار «قارب» كبطل مكانى لأبطال رائعته «ثرثرة فوق النيل»، وما حجم الاستفادة التى كانت ستعود على أجيال لاحقة من الكُتاب إذا كتب صاحب «قصر الشوق» و«السكرية» و«بين القصرين»، كتابا يوثق فيه كواليس مؤلفاته بداية من اندلاع الفكرة وتقنيات الكتابة وغير ذلك مما يمكن تسميته «خارطة طريق»؛ جاء تفكير الكاتب والروائى والسيناريست أحمد مراد فى تأليف كتاب «القتل للمبتدئين»، والذى يتناول من خلاله كواليس تجربته فى تأليف الرواية وكتابة السيناريو ويضع دليلا شاملا للكاتب الناجح عبر ما تعلمه واكتسبه خلال رحلته الإبداعية، فهو كما يقول فى حواره لـ«الشروق»: كتبت «القتل للمبتدئين لأن فى مرحلة فى الحياة يجب على الإنسان وضع معرفته وخبراته ليدفع المعرفة إلى شخص آخر، وهو مبدأ يجب على كل شخص أن يلتزم به فى حياته لتطور المجتمع، فحجب المعلومة يعطل آخر عن تلقيها، والعلم يجب أن ينتقل وينتشر لإحداث النهضة الإنسانية المطلوبة.
فى متن هذا الحوار يتحدث أحمد مراد عن اختياره لتأليف كتاب عن الكتابة وكيفية التغلب على انسداد الأفكار وما هى الخلطة السرية كى لا يشعر القارئ بالملل، وكيف يقتل الكاتب ذلك الضيف الثقيل عن طريق فن الحكى، وكيف يمكن تفادى الغرق فى رمال البحث المتحركة حتى لا يفقد الكاتب بوصلة مشروعه؟ ولماذا اعتبر لجوء الكاتب لتدوين قصة أو موقف عايشه عبر وسائل التواصل الاجتماعى حصول على تأكيد مُضلِل حول مدى موهبته؟، وغير ذلك فى السطور التالية:
* بداية ما السبب وراء تأليفك لكتاب عن الكتابة وليس رواية تبدأ بـ«كان يا مكان» رغم إيمانك «أن الإنسان كائن يقدس القصة» كما تقول دائما؟
** القتل للمبتدئين هو كتاب بيحكى قصة الكتابة بـ«كان يا مكان»؛ فالجزء الأكبر من الكتاب يضم قصصا توضح لماذا يجب على الإنسان أن يحكى، وكيف يروى قصته، ويجيب عن عدة أسئلة متعلقة بفن الكتابة ومنها هل للكتابة معايير محددة أم لأ؟ وغير ذلك، وحتى القصص التى أرويها فى الكتاب بتذهب إلى مثال من أمثال الروايات أو الحكايات كى تفسر وتوضح للناس أكثر، ولذا ففى رأيى أن «القتل للمبتدئين هو حكايات عن الحكايات»، وقد التزمت طوال الكتاب بمبدأ «كان يا مكان».
* ما الذى أردت تقديمه للقارئ وأنت تشرع فى تأليف القتل للمبتدئين؟
** الكتاب يتضمن ثلاثة أقسام الأول؛ كواليس كتابة مؤلفاتى بداية من بذرة الفكرة ثم مرحلة بلورتها وكيف تم تعشيق الأفكار داخل بعضها لتصبح فى النهاية نصا روائيا، والقسم الثانى يتضمن تكنيكات الكتابة بطريقة علمية كدليل لمن يريد أن يتعلم ويحترف فن ممارسة الكتابة، أما الجزء الثالث والأخير فيتضمن السيناريو الكامل لفيلم «الفيل الأزرق الجزء الثانى، مع بعض المشاهد والجمل التى يتم استبدالها أثناء التصوير وقصدت وضع السيناريو كى يفهم القارئ كيف يتم تحويل العمل الروائى إلى آخر سينمائى، ويرى صناعة السينما، فالنص السينمائى دائما غير مكتمل يتحول إلى الاكتمال بعدما يصبح فيلما.
* تناولت فيما يقارب الخمسمائة صفحة صناعة الكاتب وتطوير مهاراته.. برأيك ما أهم الصفات التى يجب توفرها فى الكاتب الناجح؟
** الكاتب الناجح ليس لديه طرق أخرى للحياة سوى الكتابة، وإن مر يوم دون أن يكتب يشعر أن حياته تتغير إلى الأسوأ. أن تكون الكتابة بالنسبة إليه ضرورة حياة وليست مجرد اختيار يكتب أو لا يكتب، بالإضافة إلى ذلك شعوره الدائم بالحاجة إلى الكتابة وأن يكرس كل وقته ويبذل كل مجهوده فى الاستمرار لإنجاز مشروعه الإبداعى.
والنقطة الأهم هى صناعة كاتب ناجح تتمثل فى عملية الاطلاع الواسعة من القراءات المستمرة فالأمر يشبه وقود السيارة إذا لم يتوفر لها فلن تستطيع السير والوصول إلى وجهتها، وكذلك القراءة بالنسبة للكاتب فهى تساعد على إيصال صوته وأفكاره وتزوده بالمرادفات التى تثقل من نصه. والأمر الأخير يتمثل فى أن يكون هناك دراسة فإذا كانت الموهبة تمثل جزءا كبيرا من عملية الكتابة فبدون دراسة لن يكون بمقدور الكاتب استخدام تكنيكات الكتابة وتنظيم نصه بأفضل صورة.
* كيف يمكن تفادى الغرق فى رمال البحث المتحركة حتى لا يفقد الكاتب بوصلة مشروعه؟
** البحث وسيلة جيدة للغاية للهروب من الكتابة، فالكاتب فى أحيانا كثيرة يذهب للبحث كوسيلة للهروب من التفكير فيما عليه كتابته فى الغد، ولكنه فى النهاية أشبه بالرمال المتحركة، فموقع «ويكيبيديا» على سبيل المثال إذا دخلت عليه لتبحث عن شخصية تاريخية ما؛ يقترح عليك بعد الانتهاء منها أن تقرأ عن شخصية أخرى مرتبطة بها بشكل أو بآخر وهكذا تجد نفسك فى نهاية الأمرغارقا فى طرق فرعية تقودك بعيدا عن ما تهدف له، وفى مجال الكتابة يجب أن يعرف المؤلف متى وأين يتوقف فى عملية البحث وإلا ظل يبحث لسنوات طوال ويتعطل مشروعه.
* ما الوقت الذى استغرقته فى تأليف القتل للمبتدئين؟
** القتل للمبتدئين استغرق عاما من عمليات البحث وتجميع المادة والتحضير للكتابة، حتى يخرج بهذه البنية والحبكة والشكل السلس فى الكتابة بلغة مباشرة حتى تسهل على القارئ معرفة محتوى الكتاب وفهم مضمونه بسهولة.
* لماذا اعتبرت لجوء الكاتب لتدوين قصة أو موقف عايشه عبر وسائل التواصل الاجتماعى حصولا على تأكيد مُضلِل حول مدى موهبته؟
** وسائل التواصل الاجتماعى اليوم وسيلة جيدة للإنسان لنشر محتواه لكن مع النسبة الكبيرة لحجم إبداء الرأى المتمثل فى علامات الإعجاب أو الغضب وكذلك الإفراط فى إظهار مشاعر الحب أو المقت الزائد من المتابعين يصبح التقييم عبر وسائل التواصل الاجتماعى لا معنى حقيقى له. ثم إن الحصول على ردود أفعال فى منتصف مشروع الكتابة حدث تشوه فى منظور الكاتب ومع انهمار أعداد الإعجابات وتلقى الكاتب للتصفيق الذى يحتاجه فهذا يؤدى إلى تكسير العمل وبالتالى تكسير النجاح وربما يقود الكاتب إلى التوقف، ولذلك فإن نصيحتى للكاتب الموهوب هو ألا يضع أفكاره وعمله على «السوشيال ميديا» قبل أن يكتمل محتواه.
* «صنع العالم بتفاصيل غنية ومحبوكة ومترابطة» شرط حددته لنجاح العمل سواء رواية أو سيناريو.. إلى أى مدى تتماس أو تختلف قواعد صناعة هذا العالم بين النوعين؟
** الرواية تعطى الكاتب مساحة كبيرة للغاية من الخيال بينما الكتابة إلى السينما لها حدود إنتاجية وهى تختلف من بلد لآخر وطبيعة صناعة لأخرى. وعندما يشرع المؤلف فى كتابة رواية يكون سقف خياله غير محدود، بينما فى السيناريو يكتب وأمامه ميزانية محددة لمشروع العمل الدرامى وعليه التفكير فى كل «كادر تصوير» وخلق عالم إبداعى فى حدود الإمكانيات المتاحة له؛ فكل دقيقة «جرافيكس فى الخيال على سبيل المثال تثقل على ميزانية العمل. وفى النهاية تبقى الرواية هى النار الأعلى فى فنون الكتابة لأنها تطلق العنان لخيال كل قارئ لرؤية الرواية وفق منظوره.
* القتل للمبتدئين تضمن كواليس كتابة مؤلفاتك منذ شرارة الفكرة حتى تكنيكات الكتابة.. هل جاء ذلك بغرض توثيق تجربتك الروائية أم للمساهمة فى توضيح أفكارك بالكتاب؟
** كتبت «القتل للمبتدئين» لأن فى مرحلة فى الحياة يجب على الإنسان وضع معرفته وخبراته ليدفع المعرفة إلى شخص آخر، وهو مبدأ يجب على كل شخص أن يلتزم بها فى حياته لتطور المجتمع، فحجب المعلومة يعطل آخر عن تلقيها، والعلم يجب أن ينتقل وينتشر لإحداث النهضة الإنسانية المطلوبة.
أما عن توثيق تجربتى وبخاصة سيناريو «الفيل الأزرق» فأردت توثيق لحظة ميلاد سيناريو كان له تعامل جديد مع الشاشات وتخطى أرباحه 107 ملايين جنيه مصرى، فهذا أمر كان لابد من توثيقه لأنه لا يحدث كل يوم. والأمر الأساسى فى التوثيق هو أن الناس يجب أن تعرف كيف كُتبت هذه الكواليس فجزء من سحر المبدع هو مشاركة القراء فى كيفية صناعة عمله. وأتذكر أننى تمنيت دوما أن أجلس بجوار الأستاذ نجيب محفوظ وأسأله من أين أتى بفكرة «الحرافيش» وما وراء اختياره بأن تدور «ثرثرة فوق النيل» على متن قارب وهكذا، وهذه الأسئلة قادتنى إلى تأليف القتل للمبتدئين وكتابة كواليس مؤلفاتى.
* تحدثت عن إصرارك لطرح فى لوكاندة بير الوطاويط خلال أزمة كوفيد 19.. ما أكبر مخاوفك قبل طرح الرواية وما السر الذى جعلها الأكثر مبيعا فى وقت عانى فيه سوق النشر من ركود؟
** فترة أزمة «كوفيد 19» كانت فرصة كبيرة للكتابة فهناك تفرغ كامل لعملية الكتابة، بالإضافة إلى الشعور بأن هذا «لوكاندة بير الوطاويط» قد تكون العمل الروائى الأخير، ولذا فكنت أكتبهها بلا مخاوف، ولم أخشَ من تعثر بيعها فحالات البيع الإلكترونى كانت وجدت طريقها بين الناس، والحمد لله كنت محق فى حساباتى ورهانى على حاجة الناس للقراءة حتى تحت تأثير الوباء.
* أكدجت فى كتابك أن الشخصيات والقصص من حولنا هم بذرة لأبطال روائية.. إلى أى مدى ساعدك ذلك فى عملك الإبداعى وما نسبة استخدامك لشخصيات حقيقية فى مؤلفاتك؟
** نسبة استخدامى لشخصيات حقيقية فى مؤلفاتى ليست كبيرة بقدر تركيزى أن تكون هذه الشخصيات نواة موجودة فى المجتمع، فالإنسان لا يستطيع أن يتألف مع شخصيات نمطها غير موجود حوله، فشخصية مثل البطل أحمد كيرة فى رواية 1919، على سبيل المثال فهو موجود فى ثلاث صفحات فى كتب التاريخ، أما ما هى حياته وكيف بدأت وانتهت وملء الثغرات حوله فهو ما فعلته أنا من خيالى ككاتب.
* إلى أى مدى تصبح اللغة أداة الكاتب لتحقيق السحر أو إبطاله بالملل فى مُخيلة المتلقى؟
ــ المقصود باللغة ليس عملية الصياغة بقدر ما هى قوة التعبير؛ كيف يستخدم الإنسان تعبيرا لغويا أو يرى زاوية فى الحياة أو منظورا أو تطرقا لمناطق لم يرها غيره، وهذه هى القوة الحقيقية التى تجعل القارئ لا يشعر بالملل وهو يقرأ بل يحدث إنجذاب قوى وتفاعل شديد مع العمل الإبداعى.
* كيف يمكن التغلب على انسداد الأفكار؟
** أن يكون لدى الكاتب خريطة طريق كاملة، فالإنسان يتغلب على التيه إذا كان يملك إحداثيات الموقع
والتأكد من المكان المقصود والأدوات التى يحتاجها لبلوغه حتى يتمكن من الوصول بسلام وإلا أضاع الطريق وهو الحال نفسه مع عملية الكتابة، فوضع خريطة لبلوغ المبتغى هو الطريقة الصحيحة للوصول، أما الكتابة فتأتى فى المرحلة الثانية وهى مرحلة التنفيذ.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك