أهتم الكثير من الناس في السنوات القليلة الماضية بالشعر العامي، وذلك بفضل وسائل الإتصال والإعلام الموجودة داخل كل منزل، مما تسبب في انتشار هذا النوع من الشعر، وجعل الكثيرين من القراء والكُتاب ينظرون إليه باحترام واهتمام أكبر من ذى قبل.
وفي التقرير التالى توضح «الشروق»، الفرق بين الشعر العامي والزجل، من حيث الطبيعة واللهجة ونشأته وأسماء أهم الشعراء لكل لون منهم.
«الشعر العامي»
رغم رواج الشعر العامي في مصر والبلدان العربية، ألا أن بعض المؤسسات تربصت به، وتعمدت إبعاده عن المكتبات الرسمية، وعدم وضعه داخل المناهج الدراسية، وبالرغم من ذلك التحديات لم تؤثر على انتشاره، فقد أصبح الشعر العامي، ينافس الشعر الفصيح، وربما تفوق عليه في بعض الأوقات.
يتقيد الشعر العامي بقوانين اللغة العامية المحكية، ويرتدي ملبس الشعر لتوافر مواصفات القصيدة الفصحى الحديثة وإطارها الفني، وبالتالي هو شعر ولكن باللغة العامية، لذلك لقب بالشعر العامي.
• «فن الزجل»
وعلى النقيض من انتشار شعر العامية، تراجع في السنوات الأخيرة «فن الزجل»، في بعض الدول العربية، وربما يرجع ذلك لرحيل عدد من القامات الأدبية في عالمه، والتي لم يستطيع شباب اليوم ملء هذه الفجوة.
ومن المعروف أن فن الزجل انتشر في كثير من الدول العربية أولهم لبنان، ثم بدء في دائرة الاتساع ليبلغ بلاد الشام، ويرتبط هذا اللون بأسلوب وأصول في تقديمه، وقد عرفه الشيخ أحمد مجاهد، بأنه «شعر عامي لا يتقيد بقواعد اللغة، وخاصة الإعراب وصيغ المفردات، وقد نظم على أوزان البحور القديمة، وأوزان أخرى مشتقة منها».
• بيرم التونسي بين الزجل والعامية
أشتهر بعض الكُتاب العالم العربي، بكتابة القصائد العامية التي جسدت هموم الناس، وتناولت حياتهم اليومية بكامل جوانبها الحسية، وكان مولد هذا النوع في مصر على يد الشاعر بيرم التونسي، بعدما حجز مجلس البلدية على بيتة، وطالبه بدفع مبلغاً كبيراً من العوائد، فغتاظ «بيرم» وقرر كتابة أول قصيدة بالعامية يسخر بها من مجلس المدينة قائلاً:«يا بائع الفجل بالمليم واحدةً.. كم للعيال وكم للمجلس البلدي.. كأن أمي بل الله تربتها أوصت.. فقالت: أخوك المجلس البلدي.. أخشى الزواج فإن يوم الزفاف أتي.. يبغي عروسي صديقي المجلس البلدي.. أو ربما وهب الرحمن لي ولداً.. في بطنها يدعيه المجلس البلدي».
• أبرز كتاب العامية:
ومن كُتاب الشعر العامي في الوطن العربي، فجاء الشاعر خليل روكز من لبنان، وقصائد مظفر النواب العامية في العراق وغيرهم، من الذين غرسوا بذور هذا الشعر من الناحية الفنية، وما حققه من تفاعل واضح بين الشاعر والجمهور. أخذ الشعر العامي في التطور حتى أصبح يشبه القصيدة الفصحية، التي شقت طريقها للحداثة، وأخذ الجيل الجديد من الشعراء أمثال :أحمد فؤاد نجم و طلال حيدر، وغيرهم، ممن جعلوا الكثير من الناس، أن يستمتعون بالعناصر المتكاملة لهذا اللون من الشعر، والتي جعلته شعراً راقياً.
• أبرز كتاب فن الزجل
بدء الزجل في الظهور بدايتاً من العصر الجاهلي وكان من أشهر الزجالين الشاعرة الخنساء، وبعدها أطلقه الأندلسيون على شعرهم العامي الذي اشتهر في القرن الـ12 الميلادي على يد ابن قزمان وجماعته، وأخذت دائرة الأتساع حتي وصلت إلى الساحات العربية. في بدايات القرن الـ20، أطلق اللبنانيون كلمة الزجل على شعرهم العامي، إذ كان يعرف قبل ذلك في سوريا ولبنان، بـ «القول» أو«المعنى». وفي فلسطين، لقب بـ«الحدادي»، واستمر الزجل حتى آخر أيام الوجود العربي في الأندلس.
وللزجل أنواع عديدة منها: «معنى، عتابا، ميجانا، أبو الزلف، الشروقي، الروزانا، الندب و زغرودة»، وكان من أشهر الزجالين الأندلوسيين في القرنين الـ6 والـ7 الهجريين ومنهم :«ابن قزمان، مدغليس، إبراهيم بن سهل، أبو الحسن الشستري، أبو عبد الله اللوشي والحسن بن أبي النصر الدباغ». أما عن عمالقة الزجل اللبنانيين في القرن الحالي منهم :«زغلول الدامور، خليل روكز وطليع حمدان» وغيرهم.
وهذا النوع من الفن في لبنان، يرتكز على إلقاء الشعر الأرتجالي بالعامية، بين فريقين، يتبارزا في مباراة تحفها اجواء النقر على الدف، وأصبح هذا النوع الأن شبه مندثر بعد أن غاب عن ذاكرة اللبنانيين وسهراتهم.