يرى الباحث الألماني في شؤون الديمقراطية، أوليفر ديكر، أن التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها المستشار الألماني وزعيم الحزب المسيحي الديمقراطي، فريدريش ميرتس، حول تأثيرات الهجرة على المشهد العام في المدن ليست زلة لسان، بل مناورة متعمدة.
وقال ديكر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "السيد ميرتس يتحرك عمدا على حد فاصل"، موضحا أن المستشار لا يعبّر صراحة عن مشاعر استياء، "لكنه يعلم أن التلميحات ستُفهم على هذا النحو، وبذلك يُرضي أصحاب هذه المشاعر من دون أن يُغضب الجناح داخل الحزب الذي لا يشارك هذه المشاعر".
وأضاف ديكر أن خلفية الأمر تكمن في المأزق الذي بعيشه حاليا الحزب المسيحي الديمقراطي، وقال: "هناك قوى بداخله تميل نحو حزب "البديل من أجل ألمانيا" (اليميني الشعبوي)، وأخرى ترى أن برنامج حزب البديل لا يتوافق مع قيم الحزب المسيحي الديمقراطي"، موضحا أن ميرتس يحاول المناورة بين هذين القطبين من خلال "تلميحات أكثر منها تصريحات صريحة تعبر عن هذا الاستياء".
وكان ميرتس قد قال في مؤتمر صحفي ردا على سؤال حول صعود حزب البديل من أجل ألمانيا إنه يُجرى تصحيح أخطاء سابقة في سياسة الهجرة وهناك تقدم في ذلك، وأضاف: "لكننا ما زلنا نواجه هذه المشكلة في مظهر المدن، ولذلك يعمل وزير الداخلية الاتحادي على إتاحة وتنفيذ عمليات الترحيل على نطاق واسع".
وتمسّك ميرتس يوم الاثنين الماضي بموقفه قائلا: "اسألوا بناتكم عما يمكن أن أكون قد قصدته، وأظن أنكم ستحصلون على إجابة واضحة وصريحة. ليس لدي ما أتراجع عنه".
وأثارت تصريحات ميرتس موجة انتقادات حادة، خاصة من نواب حزبي الخضر واليسار، وكذلك من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم وبعض أعضاء حزبه المسيحي الديمقراطي. ووجه إليه المنتقدون اتهامات بتأجيج الاستياء تجاه المهاجرين. في المقابل، حصل ميرتس على دعم من وزير الداخلية المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري ألكسندر دوبرينت، ورئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي ينس شبان.
وأوضح ميرتس أمس الأربعاء أن المقصودين بتصريحاته هم المهاجرون الذين لا يملكون إقامة دائمة، ولا يعملون، ولا يلتزمون بالقوانين السارية في ألمانيا، وقال: "كثير من هؤلاء أيضا هم من يشكلون الصورة العامة في مدننا".
يُذكر أن ديكر يرأس معهد "إلسه-فرينكل-بروسفيك" التابع لجامعة لايبتسيج الألمانية. ويختص المعهد بدراسة وتوثيق المواقف والهياكل والمساعي المعادية للديمقراطية في ولاية سكسونيا.