أوصت ندوة "الحرف التقليدية في مصر عبر العصور" الثقافية بضرورة الاهتمام بحصة الأشغال اليدوية بالمدارس باعتبارها النبتة الأولى لزرع قيمة التراث في الأجيال القادمة وإنشاء مراكز لإعادة تعليم الحرف التراثية.
وطالبت الندوة بإعادة صناعة حلي مماثلة للحلي المصرية الفرعونية حفاظاً على تراثنا وتأصلنا به، ومراعاة استخدام الحلي على الوجه الأمثل والصحيح في الأعمال السينمائية والتليفزيونية وعدم تشويه الحلي المصرية القديمة أثناء محاولة محاكاتها في عصرنا الحالي.
وجاءت هذه الندوة التي أقامتها مكتبة القاهرة الكبرى بمركز الهناجر ضمن فعاليات مهرجان إحياء التراث الحرفي لعام 2019 الذي تقيمه الجمعية برئاسة الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة عين شمس ورئيس مجلس إدارة الجمعية وشارك فيها الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار السابق، والدكتور أحمد الشوكي رئيس دار الكتب والوثائق القومية السابق، والدكتور أسامة النحاس أستاذ العمارة بكلية الهندسة، والدكتور كرم مسعد أستاذ مساعد أشغال المعادن كلية التربية الفنية، وأدار الندوة ياسر عثمان مدير عام المكتبة.
وتحدث الدماطي عن تأصيل الحرف التراثية للحلي المصرية القديمة، مستهلاً حديثه بالمفهوم المصري القديم (ماعت) الذي يرمز لقيم العدل والحق والنظام وكان حاضراً في جميع أوجه حياة المصري القديم مثل العمارة والنحت والتحنيط والحلي. ثم قام الدماطي بعرض صور متنوعة لحلي المرأة المصرية القديمة والتي دلت على أن المرأة في العصر الفرعوني بلا منازع سيدة الجمال الأولى.
وتحث الدكتور الشوكي عن "الخط العربي ودوره في توثيق الحرف"، قائلاً إن استخدام الخط العربي في صناعة الحلي يأتي تأثرًا بجوهر العقيدة، كما أنه يبعد عن الترف ويحول العبث إلى يقين.
كما تحدث عن مراحل تطور الخط العربي وأشكاله المختلفة مثل الخط الكوفي والديواني وكيف برز هذا التطور من خلال الحلي المزينة، لافتاً إلى أن لكل عصر خطه المميز به.
ومن جانبه، تحدث الدكتور النحاس عن "الحرف والصناعات التقليدية"، مستهلاً حديثه بتعريف مصطلح "حرفة" نظراً لمدى أهميته في التعبير عن العصر وقيمته الحضارية والحياتية والذي يعكس بدوره هوية المكان والأشخاص.
وأوضح النحاس ما لحق بالحرف التراثية من تشويه؛ نظراً لقيامها على المحاكاة الشكلية دون النظر إلى جوهر وأسرار الحرفة وخواص الخامات المستخدمة مما أفقد المنتج عنصري الجمال والاستدامة؛ ثم تطرق لدول شرق آسيا وإندونيسيا باعتبارها نماذج ناجحة في التمسك بالتراث.
وتحدث الدكتور كرم عن "الحلي تراث الأمس وإبداع اليوم"، وتطرق إلى الجانب الفلسفي في الخط العربي وكيف يمكن لصاحب العمل الفني توصيل رسالة من خلال أعماله، وكيف أن مضمون الرسالة يتحكم في اختيار نوع الخط؛ ثم تطرق إلى أسلوب الحفر والتكتيف- (تطعيم معدن قليل القيمة بآخر عالي القيمة)- وكيف يمكن أن يساهم ذلك في إحياء صناعة الحلي التراثية.
واختار كرم حرف "الألف" باعتباره أكثر الحروف صرامة في قوانينه وقام بعرض العديد من الحلي لحرف الألف استخدمت فيها العديد من الخامات المختلفة.
وعلى هامش المهرجان، افتُتِح معرض لبعض منتجات الحرف التراثية من مشغولات يدوية وحلي وسجاد، ويستمر المعرض لمدة ثلاثة أيام.