كشفت مصادر مصرفية رفيعة المستوى أن البنوك تلقت طلبات من عدد من العملاء اصحاب القروض الدولارية خلال الأسابيع الأخيرة تطالب فيها البنوك بالحصول على فترات سداد أطول وتأجيل بعض الأقساط المستحقة عليهم خاصة بعد الارتفاع الكبير للدولار بالسوق السوداء ونقص المعروض.
وقالت المصادر إن البنوك قامت خلال الأسابيع الأخيرة بعمل اجتماعات مكثفة للحد من آثار تحرير سعر الصرف خلال الفترة القادمة وقامت بتكوين لجان لمتابعة هذه المديونيات وتكوين مخصصات عاجلة لها خاصة وأن أى ارتفاع للدولار سوف يدفع البنوك لتكوين مخصصات للقروض الدولارية خاصة وأنها مقومة بسعر 8.88 جنيه للدولار.
وقامت بعض البنوك بمراجعة مخصصاتها عن القروض الدولارية سواء المنتظمة أو غير المنتظمة؛ لمواجهة الزيادة المتوقعة فى قيمة الأصول، واحتواء أعباء الديون الرديئة بالدولار بعد خفض قيمة العملة المحلية.
وعلمت «مال وأعمال» أن البنوك قامت بتأجيل البت فى عدد من القروض الدولارين لحين تعويم الجنيه حتى لا تكون ملزمة بعمل مخصصات له بالأسعار الجديدة.
وقال المصادر إن البنوك لا تقوم حاليا بالموافقة على أى قروض دولاريه جديدة إلا للسلع الاستراتيجية فقط.
وقال طارق حلمى الخبير المصرفى إن البنوك مطالبة بالضغط على العملاء وحثهم على سداد اقساطهم فى الموعد المحدد، مشيرا إلى أن التعويم بدون شك سوف يؤثر على العملاء وأى تأخير قد يعرضهم للإفلاس كما حدث فى التسعينيات.
وأكد حلمى أن تعويم الجنيه بدون شك سيكون له انعكاس سلبى على القروض الدولارين والبنوك سوف تتأثر والعملاء ايضا.
وأضاف أن زيادة المخصصات على القروض الدولارية ستكون مسارا إجباريا لدى البنوك حاليا، فى ظل الأزمات المتتالية التى يشهدها سعر الصرف؛ بسبب ارتفاعه المتتالى، الأمر الذى يدفع البنوك لتجنب تضخم محافظ التعثر لديها.
وأوضح أن على البنوك تحديد قيمة المخصص على حسب قيمة القرض الدولارى الممنوح، داعيا لرفع قيمة المخصص الدولارى إلى الضعف فى كل القروض الممنوحة وتغطيته بنحو %100.
وذكر أن على البنوك التعامل مع العملاء المتعثرين بمرونة كبيرة، وتعويم مديونياتهم فى حال استيفائها بنود التعويم لمحاولة استرجاع الأموال الدولارين من العملاء، والمساهمة فى الحد من تضخم محافظ التعثر، معتبرا أن زيادة نسب التعثر بالعملة الدولارية أمر خطير تواجهه البنوك، ولا بد من تدخل فورى من قبل الجهات المعنية وحل المشكلة.
وأكد حلمى أن استحواذ القروض بالعملة الصعبة على نسبة قليلة من تمويلات البنوك الممنوحة أمر منطقى وطبيعى، فى ظل وجود ضوابط وبنود منظمة لعمل البنوك فى منح الائتمان تستلزم توافر مصادر أموال لسداد الأقساط المستحقة بنفس العملة التى تم منح القرض بها، لا سيما أن أغلب العملاء مصادر أموالهم بالعملة المحلية.
وكشف التقرير الاخير للبنك المركزى ارتفاع قروض البنوك بالعملات الأجنبية خلال يوليو بنحو 4.5 مليار جنيه لتسجل 274.3 مليار جنيه، مقابل 269.8 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضى.
ويلزم البنك المركزى البنوك بضرورة تغطية أصولها من قروض واستثمارات وديون بمخصصات تختلف نسبتها وفقا لدراسات كل بنك، وذلك لمواجهة أى حالات تعثر، فضلا عن عمل أغلب البنوك التى لديها فجوة فى المخصصات من تحويل أرباحها لصالح تغطية الديون المرجحة بالمخاطر والتوافق مع ضوابط البنك المركزى.
وقال اسماعيل حسن رئيس بنك مصر إيران إن البنوك ستفرض إجراءات احترازية عند منح تمويلات دولارية تجنبا للوقوع فى شبح التعثر خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى إن الأزمة التى يشهدها سوق الصرف دفعت البنوك لزيادة مخصصاتها المالية للقروض الممنوحة بالعملة الدولارين.
وأشار إلى أن القروض الممنوحة تتم مراجعتها كل 3 أشهر لبحث مدى كفاية المخصصات وخاصة قروض العملة الصعبة.
وأضاف حسن أن الاضطرابات التى تمر بها السوق المصرية بصفة عامة تعزز اتجاه البنوك لزيادة مخصصاتها المالية لمواجهة تضخم محافظ التعثر المتوقعة.
وتضع البنوك أولويات للتمويل الدولارى وفقا لضوابط البنك المركزى، والذى يوالى توجيه التمويلات الدولارية للسلع الاستراتيجية، وان البنك يسعى إلى تدبير التمويلات اللازمة لجميع الشركات التى تمتلك موارد دولارية.