قبل التهدئة المنتظرة.. حسابات المكسب والخسارة من حرب غزة (١) - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 4:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل التهدئة المنتظرة.. حسابات المكسب والخسارة من حرب غزة (١)

نشر فى : الثلاثاء 5 أغسطس 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 5 أغسطس 2014 - 8:05 ص

لماذا أقدمت اسرائيل على الهجوم على غزة؟ يصعب علىّ تصديق أن القيادة السياسية الإسرائيلية قد وصلت حدا من السطحية والسذاجة صور لها إمكانية القضاء المبرم على حماس بعملية عسكرية كهذه، لذا فالأقرب عندى سواء تم الإعلان عن ذلك أم لا أن الحملة العسكرية استهدفت الحد من قدرة حماس وتدمير جزء كبير من البنية التحتية للقطاع لمضاعفة انشغال حماس حتى موعد الحرب التالية بجهود الإعمار، ثانيا: تكتيكيا الظهور أمام الرأى العام الإسرائيلى الداخلى بمظهر القادر على الذهاب إلى أبعد نقطة حفاظا على أمن إسرائيل ردا على حادث اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين، ثالثا: استراتيجيا: عرقلة جهود الوحدة بين حكومتى الضفة وغزة التى باتت أقرب من أى وقت مضى وهو ما يعنى عمليا العودة إلى مربع تفاوضى واحد يخص كافة فصائل العمل الفلسطينى، رابعا: تدمير أنفاق غزة للحيلولة دون تطوير حماس قدراتها الدفاعية عن طريق ما يهرب إليها من أسلحة.. فهل تحقق من هذه الأهداف شىء؟

افتراض أن يؤثر الدمار الهائل فى قطاع غزة سلبيا على شعبية حماس مما قد يحرك غضبا شعبيا فلسطينيا ضدها طرحُ لا يقل سذاجة عن افتراض إمكانية القضاء المبرم على وجود حماس، اعتمادا على عمليات عسكرية مهما بلغت درجة شموليتها..... إذ أنه كلما زاد عدد القتلى من الجانب الفلسطينى ازدادت قدرة حماس ونفوذها على قطاع غزة وقل معها نفوذ سلطة رام الله، وهو ما لا تفهمه إسرائيل، فمنظمة التحرير أضعف من أن تؤثر على حماس وباقى فصائل المقاومة، ربما لو كنا نتحدث عن ياسر عرفات بكل ما يمثله من ثقل لاختلف الوضع، أما مع محمود عباس فالأمر محسوم.

وعلى العكس تماما كلما زاد عدد القتلى من الجانب الإسرائيلى ازداد موقف الحكومة حرجا وزاد الضغط الداخلى عليها؛

وذلك على الرغم من أن خسارة اسرائيل الأكبر ليست فى عدد من سقطوا من العسكريين وإن كان رقمهم كبيرا جدا مقارنة بعمليات سابقة، وإنما فى حجم معاناة الدولة اقتصاديا ومعاناة الشعب معنويا على مدار أسابيع الحرب.

نتنياهو أكد مرارا أن جيشه سيستمر فى العملية من جل أمن إسرائيل، لكن المثير أن حماس استطاعت رغم ضآلة ما حققته على الأرض من تدمير فى الداخل الإسرائيلى مقارنة بما حققته صواريخ حزب الله فى العام ٢٠٠٦، استطاعت أن تقضى على نظرية إسرائيل الآمنة، وأصبح باستطاعتها ولو نظريا أن تطال صواريخها كل الداخل الإسرائيلى، وهو ما يعد انتصارا استراتيجيا يغير قواعد اللعبة بين اسرائيل وحماس فى ما بعد هذه الحرب الدائرة.

توقف رحلات طيران العديد من الشركات الأجنبية لمطار بن جوريون لأول مرة منذ قرابة الأربعين عاما وإصابة عدة قطاعات أعمال خاصة وحكومية بالشلل من جراء تهديدات الصواريخ الفلسطينية، شكلت تحولا استراتيجيا فى تكلفة العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة وستغير كثيرا من الحسابات المستقبلية.

والجديد هذه المرة أن حماس أعادت تعريف نفسها أخلاقيا أمام العالم كمقاتل شريف، يستهدف العسكريين بعملياته القتالية رغم قدرته على إصابة المدنيين، ويمكن تفسير إنذار حماس قبل إمطارها تل أبيب بزخة صواريخ فى ضوء هذه الرسالة مع ما فيها أيضا من حرب نفسية ستأتى الإشارة إليها.