الوصفة الكفيلة بتحويل إيران إلى قوة نووية - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 9:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوصفة الكفيلة بتحويل إيران إلى قوة نووية

نشر فى : الثلاثاء 3 أكتوبر 2017 - 10:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 أكتوبر 2017 - 10:15 م
«الذين لا يتعلمون من «أخطاء» الماضى مصيرهم أن يكرروها».. هذا ما قاله الفيلسوف جورج سانتيانا فى النصف الأول من القرن العشرين. وقال الكاتب الإنكليزى ألدوس هكسلى الذى عاصر سانتيانا، إن أهم درس فى التاريخ هو أن البشر لا يتعلمون دروسا من التاريخ. هذان القولان يبدوان صحيحين بصورة خاصة فى أيامنا هذه، عندما يحفل الخطاب العام بمقارنة الحالة النووية فى كوريا الشمالية بحالة النووى الإيرانى وتشبيهها بها.

إن المقارنة التى طرحها دونالد ترامب فى الولايات المتحدة وبنيامين نتنياهو فى إسرائيل، أسست لصلة بين فشل الاتفاق النووى الذى توصل إليه بيل كلينتون مع كوريا الشمالية سنة 1994 ومستقبل الاتفاق النووى الذى توصل إليه باراك أوباما فى سنة 2015. والحجة هى أنه مثلما أن تساهل بيل كلينتون فى علاقته مع كوريا الشمالية حولها إلى دولة نووية، فإن اتفاق أوباما النووى مع إيران سيؤدى إلى إيران نووية. سياسة ضعيفة رفعت العقوبات مقابل اتفاق نووى. والاستنتاج: يتعين على ترامب إلغاء الاتفاق النووى مع إيران.

ليس هناك فهم مشوه لدروس التاريخ أكثر جهلا من هذه المقارنة؛ فإذا كانت حالة كوريا الشمالية تنطوى فعلا على درس تاريخى فى ما يتعلق بإيران، فهو عكس ما يقترحه ترامب ونتنياهو. يظهر التفحص التاريخى للحالتين عن تشابه ليس ضئيلا بين برنامج كوريا الشمالية النووى فى مطلع التسعينيات والبرنامج النووى الإيرانى بعد عقد من الزمن من ذلك (على الرغم من أن البرنامجين على الصعيد التكنولوجى مختلفان اختلافا مطلقا: كوريا الشمالية اعتمدت على البلوتونيوم، على الأقل فى البداية، بينما الإيرانيون يعتمدون على تخصيب اليوارنيوم). وفى الحالتين، اكتشفت أجهزة الاستخبارات فى مرحلة مبكرة التطلعات النووية للدولتين، بمساعدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفى الحالتين بلورت الإدارات الأمريكية صيغة مشابهة لصفقة تمنع النووى: تطوير اقتصادى ورفع عقوبات مقابل تنازل عن برنامج سلاح [نووى].

فى حالة كوريا الشمالية، عملت إدارة كلينتون بسرعة وخلال عامين من اكتشافاتها ووقعت اتفاق إطار، وثيقة صغيرة من بضع صفحات: الولايات المتحدة تزود كوريا الشمالية بمفاعلات لتوليد الطاقة من أجل تطوير اقتصادى، مقابل وقف مشروع السلاح. ووافقت كوريا الشمالية التى كانت بعيدة جدا عن سلاح نووى. فى الحالة الإيرانية الرد كان أبطأ وأكثر تعقيدا. لقد ضيعت الولايات المتحدة الفرصة فى 2004 من أجل التوصل إلى تفاهمات تكبح النووى الإيرانى، واحتجنا إلى عشر سنوات من مفاوضات صعبة واصلت خلالها إيران مشروعها النووى، حتى تم فى العام 2015 توقيع اتفاق نووى معقد التفاصيل، لكن مبادئه الأساسية تشبه كثيرا اتفاق الإطار مع كوريا الشمالية: تطوير اقتصادى ورفع عقوبات مقابل تنازل عن مشروع السلاح.

فى ذلك الوقت وحاليا، كانت الردود السياسية الداخلية الأمريكية على الاتفاقين متشابهة. فقد عارضت الأغلبية الجمهورية المحافظة فى الكونجرس الاتفاقين البراغماتيين المحدودين بالموضوع النووى فقط، بسبب وجود مشكلات أخرى مع دول محور الشر.

فى حالة كوريا الشمالية عُرقل الاتفاق على يد الجمهوريين على أمل سخيف بتوسيعه إلى ما هو أبعد من النووى، مما أدى إلى عدم التزام الولايات المتحدة بتعهداتها. وفى أواخر حكم كلينتون بحث وزير الدفاع وليام بيرى عن طريقة لتقييد مشروع صواريخ كوريا الشمالية وتقريبا وجدها، لكن انتخابات سنة 2000 حدثت فى وسط ذلك. وبعد الانتخابات، وبعد الكشف عن مشاريع التخصيب فى كوريا الشمالية، انهارت المحادثات الدبلوماسية. وفى غياب اتفاق، استأنفت كوريا الشمالية برنامجها للسلاح والصواريخ، وفى سنة 2006 اجتازت العتبة النووية.

إذا كان هذا ينطوى على درس بالنسبة إلى إيران فهو أنه من الأسهل التوصل إلى تسوية تمنع النووى قبل سنوات من اجتياز العتبة، وأن الأكثر صعوبة، وربما من المستحيل، هو التوصل إلى اتفاق بعد اجتيازها. ومن يعرف التاريخ النووى الإسرائيلى يعلم أن رئيس الحكومة ليفى أشكول كان مستعدا للتفكير فى طرق مبتكرة لاستغلال الاقتراب من العتبة النووية من أجل إنجازات سياسية. 

إن الدرس من الأخطاء الأمريكية فى التعامل مع كوريا الشمالية هو أنه ما دام الطرف الآخر يحترم الاتفاق، فيجب الامتناع عن وضع العصى فى الدواليب وعدم الحديث عن إلغائه من طرف واحد. إن إلغاء الاتفاق النووى مع إيران هو ضمانة لأن تسير إيران على منوال كوريا الشمالية وتتحول إلى دولة نووية.

أفنر كوهين
هاآرتس
التعليقات